حوادث غزية وأمرائها ال قشعم
بعد توسع القبائل وازدياد عددها ، حيث بقت مضر في منازلها حين خرجت ربيعة من تهامه ، حتى تباينت قبائلهم وكثر عددهم وفصائلهم وضاقت بلادهم عنهم فطلبوا المتع والمعاش وتنافسوا في المجال والمنازل وبغى بعضهم على بعض ، فظهرت خندف وقيس .
وهكذا أخذت الحروب تنقلهم من مكان إلى آخر وتفرق شملهم وتشتت بطونهم ، وقال آخرون :- أن غزّية بن معاوية بن بكر بن هوازن كان نديما" لربيعة بن حنظله بن مالك بن زيد مناة بن تميم ، فشربا يوما" فقام ربيعة بن حنظله على غزّية بن جشم بن معاوية بن هوازن فقتله فسألت قيس خندف الديّه فأبت خندف ، فاقتتلوا وانهزمت قيس فتفرقت ، فقال فراس بن غنم بن ثعلبه بن مالك بن كنانه بن خزيمه :-
أقمنا على قيس عتبةَ بارقِ

بيض حديثات الصقال بواتكِ
ضربناهم حتى تَوَلوا وحلّتْ
منازل جيزتْ يومَ ذاكَ لمالكِ
فضعنت قيس من تهامه إلى بلاد نجد وإنحازت قبائل منهم إلى أطراف الغور من تهامه(2) أي أرض السروات بين تهامه ونجد وبعد ذلك توزعت إلى مختلف أنحاء المعمورة .
حوادث غزية العدنانية في العراق

يستدل من الروايات التاريخية أن خفاجة انتقلوا إلى العراق في القرن الرابع الهجري وامتلكوا الكوفة والسواد عدّة قرون من السنين وكانوا هم السبب في خراب الكوفة وقرى السواد وكانوا خلفاء الدولة المزيدية في الحلة ثم ورثوا بلادها بعد ذلك ، وقد ناجزوا كثيرا من السلاطين والأمراء وتغلبوا ثم تفرقوا في الحواضر والأرياف وورث بلادهم غزية(1) ، وغزية هي من القبائل القديمة العهد في العراق ، وكانت معروفة في بطونها العديدة وكثرة رجالها بحيث أصبحت الإمرة فيهم في هذه البلاد ، وتركزّ أفراد هذه القبيلة بصورة رئيسية في منطقة ( بادية السماوة ) .

فالسمعاني الذي تجول في هذه البادية في القرن السادس الهجري /الثاني عشر الميلادي ، وصف غزية بأنها من أكثر القبائل عدداً ورجالاً ، بحيث عهدت إليها الخفارة ( حماية الطريق ) في بادية السماوة . ويستفاد مما ذكره إبن فضل الله العمري عن القبائل العربية وتابعه القلقشندي في ذلك ، إن لغزية بطوناً كثيرة في الشام والعراق والحجاز ، وكان فيهم الإمرة في العراق حتى القرن الثامن الهجري / الرابع عشر الميلادي وهنالك الكثير من الأدلة التاريخية التي تشير إلى النشاط والحيوية التي أظهرتها قبائل غزية في العراق خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين ، فمن ناحية ورثت هذه القبيلة مساكن




(1) دراسات عن عشائر العراق / حمود حمادي الساعدي ص41 ط1 النجف .
تميم التي تمتد ما بين أرض نجد والبصرة واليمامة ومن ناحية أخرى هاجمت غزية محمد بيرم التركماني (حاكم هيت ) عند خروجه من المدينة عام
835 هـ/1431م لأنها كما يقول المقريزي وإبن الصيرفي كانوا عرب تلك البادية ، مما يعني امتداد ديارهم شمالاً حتى مدينة هيت ، استمر وجود قبائل غزية في ( بادية السماوة ) حتى القرن السادس عشر بدليل قيام الشاه الصفوي بغزو ديار هذه القبيلة عام 914 هـ/ 1508 م(1) .

هذا الفصل مخصص إلى حوادث غزية ، وقد تناولت بعض بطون غزية الأخرى وكذلك من لهم علاقة بغزية وخصوصا أل قشعم ( أل جشعم ) باعتبارهم أمراء غزية علما بأنهم لا يلتقون بنسب واحد ، حيث أن أل قشعم من الضياغم من عبده من مذحج (2).


(1) وقائع ندوة الوطن العربي ( النواة والامتدادات عبر التاريخ التي عقدتها دائرة التراث العربي
الإسلامي ) في 26 – 27 / كانون الثاني سنة 2000 م ص280 – 281 ( بادية السماوة
.. قبائلها وحواضرها ما بين القرن الرابع عشر والقرن السادس عشر ) ، أ . د . طارق نافع
الحمداني / جامعة بغداد – كلية التربية .

(2) القول المشهود في نسب قبيلة آل مسعود وبعض العشائر / كاظم مراد المسعودي / ج1 مخطوط
وقد اعتمدنا في بحثنا هذا على الحوادث التي وردت في كتاب ( تاريخ العراق بين احتلالين ) للأستاذ عباس العزاوي والذي يقع في 8 أجزاء وآخر جزء منه طبع عام 1956 م في حين أن أول جزء منه طبع عام 1935 م بغداد . وقد اعتمد العزاوي على خيرة المصادر التاريخية وكذلك بعض الحوادث اليومية التي تنشر في الصحف آنذاك ، بالاضافة الى بعض الحوادث التي وردت من مصادر أخرى .

حيث أن الجزء الأول يتناول حوادث من عام ( 656 هـ – 1258 م ) الى ( 738هـ – 1338 م ) حكومة المغول .
أما الجزء الثاني تناول حوادث من عام ( 738 هـ - 1338 م ) إلى (814 هـ – 1411 م ) حكومة الجلائرية .
أما الجزء الثالث فقد تناول الحوادث من عام ( 814 هـ - 1338 م ) الى ( 914 هـ – 1534 م ) الحكومات التركمانية .
أما الجزء الرابع يتناول الأحداث من عام ( 914 هـ – 1534 م ) الى (1048 هـ – 1638 م ) العهد العثماني الأول .
والجزء الخامس افرز الأحداث من عام ( 1048 هـ – 1638م ) إلى
( 1163 هـ – 1750 م ) العهد العثماني الثاني .

أما الجزء السادس تناول الأحداث من عام ( 1163 هـ - 1750 م ) إلى ( 1247 هـ-1831 م ) حكومة المماليك .
والجزء السابع يتناول الأحداث من عام ( 1247 هـ – 1831 ) الى ( 1289 هـ – 1872 م ) العهد العثماني الثالث .
أما الجزء الثامن والأخير فقد تناول الأحداث من عام ( 1289 هـ -1872م ) إلى ( 1335 هـ - 1917 م ) العهد العثماني الأخير . وقد كانت هذه الموسوعة تتخللها أثناء الطبع عشائر العراق بأجزائها الأربعة للعزاوي .



حوادث عام 824 هـ ــ 1421 م

الأجود من غزية

من المعروف أن الأجود أحد أثلاث المنتفق المتكون من ( الأجود – بنو سعيد – بنو مالك ) وقد وردت حوادث الاجود عام 824هـ-1421م وهذا التأريخ يؤكد بأن الاجود من غزية وليس الاجود العقيلي وهذا واضح من خلال القترة الزمنية بين الاجود بن زامل العقيلي واجود غزية حيث اجود العقيلي ولد عام 821 هـ في حين أن اجود غزية ورد ذكره بحوادث عام 824 هـ وهم عشيرة قوية تفوق بعددها ( بنو سعيد وبنو مالك ) بحيث أن العشيرة لا تتكون إلا بقرنين أو ثلاثة ، أي بمعنى أن الاجود من غزية اقدم بكثير من الاجود العقيلي ، نلاحظ ما قاله العزاوي في معرض كلامه عن خفاجه .
قال العزاوي (1) ( وهم يسكنون بنواحي الكوفة ، وكان أبو أربد يقول :-يركب منا على الخيل أكثر من ثلاثين فارس سوى الركبان والمشاة ، لقيت منهم جماعة كثيرة وصحبتهم ، والمشهور بالانتساب إليهم الشاعر المفلق أبو سعيد الخفاجي ، وكان يسكن حلب ، وشعره يدخل الأذن بغير إذن ).
ويعدون الآن في عداد الاجود من قبائل المنتفق ،واليوم قبيلتهم قوية لم تكن لها الرئاسة كما عينها المؤرخون قال ابن بطوطة ( سافرتُ من النجف إلى البصرة بصحبة رفقة كبيرة من عرب خفاجة ، وهم أهل تلك البلاد ولهم شوكة عظيمة ، ويأس شديد و لا سبيل للسفر في تلك البلدان إلا في صحبتهم )





(1) تاريخ العراق بين احتلالين / العزاوي ج3 ص66 .
حوادث سنة 844 هـ ــ 1440 م

الأجود

في حوادث سنة 844 هـ ورد ذكر الاجود أيضاً من خلال تطرق العزاوي إلى قبيلة عبادة وقد وضع هامشاً عليها وقال (1) :- ( هذه قبيلة قديمة لا تزال تسكن المنتفق وقبيلتهم تعتبر اليوم من قبائل الأجود وقد أصابتها ظروف شتت ملكها وبعثرت قوتها وتفرقت في أنحاء مختلفة ، وصار يضرب بها المثل فيقال:- ( يوم رخصت عبادة وباعت شنان ) ومعناه يوم ضعفت عبادة وباعت مملوكها شناناً ، ومنها من يقيم في مقاطعة الناصرية – بجوار ناحية المحاويل التابعة للواء الحلة ، وفي كربلاء جماعة منهم يقال لهم النصاروة (أهل الناصرية)* والكل نخوتهم ( عباد ) . وفي أنحاء البصرة وشرقها من أنحاء إيران لا تزال قبيلتهم تعرف بهذا الاسم ) .








(1) نفس المصدر السابق ج3 ص115 – 116 .
* وقد جاءت هذه التسمية من الأمير ناصر أمير عبادة أو نسبة إلى الناصرية ، والقول الأول أدق
والله أعلم .

حوادث سنة 914 هـ ــ 1508 م

دخول الشاه بغداد و مروره بغزية

بتاريخ 25 جمادى الثانية سنة 914 هـ وافى الشاه إسماعيل بغداد وقد فرح به السواد الأعظم وقدموا له الذبائح واحتفلوا بقدومه ونزل بستان بير بودات فالتجأ الناس إليه وزاد الشاه في رتبة السيد محمد كمونة …
وفي اليوم الثاني ذهب إلى زيارة كربلاء المشرفة ووضع الصندوق المذهب للحضرة ووقف فيه اثني عشر قنديلاً من ذهب وفرش رواق الحضرة بأنواع المفروشات القيمة … وأعتكف هناك ليلة ثم رجع في اليوم التالي متوجهاً إلى الحلة ومنها ذهب إلى النجف الأشرف لزيارة الإمام علي uوقدم النوادر الفاخرة والهدايا الجزيلة لسكان المدينة وأنعم بانعامات وافرة .
ثم رجع إلى الحلة ومن هناك توجه نحو البادية إلى قبيلة غزية النازلة في البادية فاخضعها وعاد إلى بغداد ومن هناك مضى لزيارة الإمامين موسى الكاظم ومحمد الجواد عليهما السلام وكذلك انعم على من هناك بأنواع الأنعام .
ويضيف العزاوي عن ظهور الدولة الصفوية (2) ( وكل المدونات عن هذه الحكومة أو أغلبها يخص حالتها العامة ، ووضعها الشامل فلا نجد بحثاً خاصاً عن العراق ومستمراً الى آخر أيام هذه الدولة وليس فيها ما يوضح الحالة الاجتماعية وما عرض لها من أوضاع ، فهي في غموض نوعاً . والحالة العشائرية متبدلة ولم نر للعشائر ذكراً في أيام هذه الدولة إلا قبيلة واحدة




(1) نفس المصدر السابق ج3 ص316 .
(2) نفس المصدر السابق ج3 ص320 .
هاجمتها الحكومة الصفوية وهي قبيلة غزية وهذه كانت صاحبة الصولة في هذا الدور وكذا جاءت الإشارة إلى الجوذر والجحيش .. وكأن هذه العشائر اعترتها بهتة من هذه التبدلات ) .






حوادث سنة 953 هـ ــ 1456 م

قبيلة القشعم والأجود

والقشعم معروفة في العراق برياستها القبائلية ، ولكن الأيام جردتها من قبائلها فصارت مفردة عن غيرها لمحافظتها على بداوتها . وأول ما ورد ذكرها في تاريخ العراق في حوادث سنة 953 هـ* ، وأول ذكر لها جاء في قصيدة للشاعر فضولي البغدادي مدح بها أياس باشا والي بغداد في انتصاره على هذه القبيلة ، كما أن صاحب كلشن خلفا بين إن هذا الوالي وجد هذه القبيلة سلكت طريق العصيان فقام بتأديبها ، وأعاد القول فيها في حوادث ( 1018 هـ – 1020 هـ ) ، ثم تولى ذكرها في التاريخ لمجلداته الأخرى ولا تزال إلى اليوم . ويضيف العزاوي ، والمعروف إن الرياسة القبائلية لإبن قشعم ** إلا إن القبائل التي تحت سلطته قد انعزلت منه واستقلت بتسميتها وعرفت بأسمائها الحالية وضعفت قدرته فتكونت من بيته قبيلة تفرعت الى أفخاذ .
ويضيف العزاوي : ولم تعرف قبيلة باسم ( قشعم ) قبل هذا ، والظاهر إن هذه القبيلة من الأجود وابن جشعم*** أحد رجالها تولى رياستها ، ولما سارت قبائلها إلى الحالة الريفية انفصلت من الرياسة العشائرية ولم تبق على



* والحقيقة وردة ذكر ابن قشعم في حوادث سنة 795هـ تألم من الأمير نعير ومن حكومة الشام
فأمر عربانه بالرحيل إلى جهة نعير فجازوا على أملاكه بالبصرة فاستولوا عليها ونهبوها ، وهناك
تفاصيل عن آل مرا وعن نعير وأولاده مما لم نراه في غيره ( تاريخ ابن الفرات مجلد4 ص50 ) .

** والمعروف أن آل قشعم هم أمراء غزية ( ساعدة ، آل دعيج ، آل رفيع ، وآل حُميد )
*** كما أشرنا سابقاً بأن القشعم هم أمراء غزية وليسوا من الأجود .
البداوة ، وسألت الشيخ محمد فقال لي أننا جشعم وهي أصل ، ولم يزد على ذلك ، واختلف في أصلهما * ، فمنهم يقول إن قشعماً هو ربيعة ابن نزار من القبائل العدنانية ، ومنهم من يقول انهم من بني ( ماء السماء ) من القبائل القحطانية والتدوينات جاءت للجهتين ، ذكره في مطالع السعود وفي القاموس المحيط .
والملحوظ إن هذه ليست أكثر من إمارة أو رياسة قبائلية فتعد ناظمة القبائل البدوية ، وان المنتفق وإمارتها استقلت بناحيتها ثم فاقت على الكل ودخلت هذه وغيرها ضمنها ، بل الخزاعل صار لهم الذكر بعد ذلك كما كان لقبيلة عبادة قبلاً ولخفاجة … وان قبائلهم مالت إلى الأرياف ، فانفصلت عرى القوة ، وتبعثرت الإمارة ، وهكذا شأن القبائل في تحول مستمر لا حدود له ..
ويضيف العزاوي ، وفروع القشعم ، أخذتها عن الشيخ محمد ( أخ رئيسهم ) وهي :-
1- الشيوخ :- كنعان وأخوته .
2- الناصر :- رئيسهم سلطان ناصر .
3- آل كنعان :- سرحان بن كنعان .
4- آل بندر :- رئيسهم حسن .
5- اللهيب :- رئيسهم شافي .
6- آل شلهيب :- رئيسهم برجي بن مطلك الرمال ، ويلحق بهم :-
أ – المخالي :- رئيسهم شعلان آل حران . ب- الشهبان .


* أما أصلها فهم من الضياغم من عبدة من مذحج ويراجع بشأنها القول المشهور في نسب قبيلة آل مسعود وبعض العشائر ج1 مخطوط .
ويساكنهم الجنابيون ، والمهناوية منسوبة لجدهم ( مهنا ) وفيها أنحاء الكوفة ( كَرمة الجشعم ) معروفة ووقائعهم في العراق مدونة ، وكانت لهم مكانة أذعنت لهم قبائل كثيرة بالطاعة ، وتولوا رياستها العامة . والآن في حالة ضعف ولكنهم لا يزالون محافظين على عزة نفوسهم ، ولا يفترقون عن البدو في اللهجة وقصيد البدو والحداء وسائر آداب البادية . وهم متصلون بالبدو من جهات عديدة ويقول العزاوي(1) شاهدت الشيخ محمد ، وكان عارفاً لأحوال البادية ، ويجاورهم بنو مالك في فروع كثيرة منها ، وخفاجة والأجود وقبائل أخرى .

1) تاريخ العراق بين احتلالين / العزاوي ج4 ص51-52 .
حوادث عام 1010 هـ ــ 1601 م
آل مسعود


في هذه السنة دخلت قبيلة آل مسعود إلى العراق بعد الخلاف الذي حصل مع شرفاء مكة وتحديداً مع الشريف حسن دارت معركة بين آل مسعود والشريف حسن بعد توجهِ إليهم بجيشه وقتل في هذه المعركة قَتله عطيش بن شبرم بن شباب والشبابات هي إحدى عشائر آل مسعود ، وقُتل عطيش قي هذه المعركة ودفن فيها وسميت هذه المنطقة بناحية العطيشي في حين نقل جثمان الشريف حسن ودفن في منطقة المعلى(1) في المملكة العربية السعودية.











(1) القول المشهود في نسب قبيلة آل مسعود وبعض العشائر / كاظم مراد المسعودي مخطوط .


حوادث سنة 1011 هـ ــ 1602 م

الأمير قشعم

أظهر العصيان أمير قشعم فحارب والي بغداد محمد باشا وانكسر عسكر بغداد هذا ما ذكره صاحب عمدة البيان في تصاريف الزمان إلا إننا لا نعرف والياً ببغداد لهذا التاريخ بهذا الاسم ، نثبت ما ذكره هنا ، ولعل النصوص الأخرى تعين ذلك(1) .


(1) تاريخ العراق بين احتلالين / العزاوي ج4 ص144 .
حوادث سنة 1049 هـ ــ 1639 م

مر بنا إن هنالك قبائل أخرى مثل غزية وآل قشعم ، وزبيد ولكنها لم تستدل في الحروب ولم تنتصر لناحية ، ولا تزال العشائر محافظة على أوضاعها السابقة تخشى الحكومات وتود الابتعاد عنها … والقشعم من هذه القبائل أكثر ذكراً بين قبائل العراق بعد قبائل طيئ ينطق بها ( الجشعم ) وهي معروفة(1) .
ومن الملاحظ أن القشعم لها حوادث كثيرة في التاريخ والحقيقة إن هذه الحوادث لغزية أما القشعم فهم أمراء غزية وليس منها كما أشرنا . والمثل المشهور ( الطعن للرفيع والصيت للجشعم ) . أي إن الطعن بالرمح إلى عشيرة الرفيع من غزية والمجد إلى القشعم باعتبارهم الرؤساء .






(1) نفس المصدر السابق ص245 .


حوادث سنة 1107 هـ ــ 1695 م

غزية – أمير الموالي حسين العباس

قال العزاوي(1) ( ثم حدثت غوائل أخرى فان أعراب غزية من ناحية الشامية شوشوا الأمن وصاروا ينهبون القرى والبلاد . فلما علم ذلك منهم سير إليهم حسين العباس أمير الموالي وكان آنئذ مع الوزير جهز معه ثله من الجيش ، أما هؤلاء الأعراب فلم يستطيعوا المقاومة فاستولى على نحو من ألف أو ألفين من ابلهم …ومن هذا نعلم أن الموالي لا يزالون الى هذا الحين أصحاب السلطة العشائرية القوية ، وان الحكومة تستعين بهم وتركن الى قوتهم في تأديب العشائر الأخرى وفي العراق لا تزال فرقة منهم في أنحاء مختلفة ) .



نفس المصدر السابق ج5 ص139 .
حوادث سنة 1121هـ ــ 1709 م

غزية والوزير

غزية :- بعد أن دمر الوزير عشائر زبيد عاد إلى بغداد ولم تمضِ أيام حتى جاءه أمير قشعم شبيب يشكو حال غزية ويقول انهم اتفقوا مع شيخ المنتفق مغامس وتعاهدوا فيما بينهم ولما انكسر الشيخ مغامس صار يتجول ، وذهب إلى الاحساء مرة والى الحويزة أخرى ، يحاول تجديد العهود مع العشائر ولم يجد من يوافقه إلا غزية ، جدد العهد معها على أن لا يأتيه شر منها وتعهدت بسد هذه الثلمة أو الثغرة من الشامية …وحينئذ هاجم حسكة فانتهب بيادرها … ونهب ( الرماحية ) وسائر أنحائها وإحراق الزروع أيام الصيف .
أخبر الوزير بكل ذلك وقيل له إذا داموا على هذا تطاير شررهم وتعسر القضاء على الفتن … تحقق الوزير صحة هذه الأخبار كما حكاها أمير قشعم إلا أنه أخر سفرته أياماً ريثما تتم الزروع خشية أن تنهب … والصحيح أنه كتب إلى دولته فأرسلت إليه مرة أخرى والي ديار بكر ، و والي كركوك بكيانهم وبجنود غير قليلة وكذا والي الموصل و والي ديار الكرد جُعل تحت أمره وتحقق منها فوردت الجنود تترى … ومن ثم غزاهم إذا انهم نقضوا العهد فوصل إلى الحلة وكان خروجه من بغداد قي نهاية شهر رجب ، ثم سمع القوم تشتتوا حينما علموا بالتأهب عليهم فسكن قسم منهم ( الأخيضر ) والقسم الآخر أقام في ( دبلة ) ، وحينئذ أرسل الوزير شبيباً ( أمير قشعم ) مع أربعة آلاف فارس أمّره عليهم ليذهبوا إلى حدود شثاثة ، وذهب الوزير إلى جهة ( دبلة ) ، ولما وصل إليهم لم يجد للقوم أثراً وردت بلفظ ( وبلة ) ، وفي هذه الأثناء بدر له أن يميل الى حسكة ، وهناك كان الشيخ إسماعيل في بني مالك ومن صدق لهجته علم الخبر وتيقن أن أصل هذه الفتنة الشيخ مغامس ، وأنه حدث بينه وبين المنتفق خلاف … وعلى هذه توجه من هناك وقصد منازلهم فوصل الى محل ( شوكة ) جاءه البريد من المنتفق وفيه عرائض قدمت إليه من الشيخ ناصر أمير المنتفق فحواها :- إننا ضجرنا من شيخنا مغامس لما قام به من ظلم وليس لنا رضا بأعماله ، أنقذنا منه ، وأمدنا بعنايتك … وابدوا أمواله واحدة فواحدة ورجوا أن ينتهي الأمر وطلبوا أن يسرع لأمدادهم ، وهم لا يزالون في حرب معه ، فكان جواب الوزير : أتيناكم ابشروا بخير ، جئناكم بسرعة الريح إنكم في حمانا فاطمئنوا و أيقنوا بالنصر ، كتب ذلك مختصراً وبعث به مع من جاء بالكتب ، أراد أن يقرب لهجته قسماً منهم ، ورحل بسرعة يقطع المنزلين بمنزل ليمد الشيخ ناصراً من أمراء المنتفق ولم يمضِ إلا قليلاً حتى وجده ومعه قليل من الفرسان حضروا وعرضوا الطاعة ، خلع الوزير عليه وأكرمه وعرف منه أن الشيخ مغامساً فرَّ مع عشيرة عبودة ، وان العشائر التابعة له قليلة جداً . وحينئذ ركب الوزير السفن وعبر الفرات ليعقب أثر الفارين ، أرخى العنان نحو الجوازر فوصل ( أبو مهفة – مُلك آل منّاع رؤساء الأجود ) الموقع المعروف فبات ليلته بقربه وكان الشيخ مغامس تحصن فيه ومن معه من
( ربيعة ) و ( ميّاح ) وجماعة من المنتفق أيضاً ، ويعد الكل بخمسين ألفاً أو ستين ، تأهب الفريقان للحرب واستعدوا للقتال ولكنهم قبل الشروع في
المعركة تركوا أموالهم وأولادهم ، وتفرقوا قي بعض الأنهر المندرسة ( العتقان )
في تلك الأنحاء فلما عبر الوزير بجيشه لم يجد لهم خبراً بالرغم من تتبع آثارهم

حاول أن يلحق بهم فلم يفلح(1) .
أما مغامس فلم يطب له المقام في كل هذه الأصقاع فذهب الى الحويزة فنظم الوزير الأمور خلال سبعة عشر يوماً أقامها في تلك الديار .وحينئذٍ وصل الشيخ شبيب أيضاً فنال إكرام الوزير ولطفه ، ذهب إلى شفاثة فعقب الفارين واستولى على ابلهم واموالهم ونجوا بأنفسهم فنال من الوزير خلعاً فاخره وكذا الرؤساء الآخرون . أنعم على كل منهم بأنعام يليق به وعلى إبن الشيخ شبيب وقدّر سعيهم ، قالوا (وان ال قشعم من أهل النسب العريق بين العشائر ، وأن رئيسهم صادق اللهجة وله خدمات تُذكر له فهو منقاد لأوامر الحكومة ، ولذا عادته العشائر حتى إنهم نهبوا بيته مرات ، وحاولوا إهانته فاستحق من الوزير كل رعاية ..كان على المرام ،قام بكل ما فوض إليه من المهام حباً في الأطماع والرئاسة ، ثم عين الوزير ضابطاً لناحية( الجوازر) ورجع ، ولما وصل الى شريعة ( أبو عمّار ) هَلِّ شهر الصيام قطع المراحل بلا توقف ، وفي اليوم السابع وصل إلى بغداد(2) .



(1) نفس المصدر السابق ص181-183 .
(2) نفس المصدر السابق ص174 .
حوادث سنة 1138 هـ- ــ 1725 م

ساعدة

حلف ذي الكفل :- في أوائل هذه السنة تجمعت شمر وبنو لام وساعدة والشبل وعشائر أخرى فتحالفت في ذي الكفل u وتعاهدت على مقاومة الحكومة ، ولم يتفق مثل هذا فأغارت على القرى والضياع وقطعت الطرق ومن ثم غزاهم في غرة شهر رمضان ، أمر جيشه بالهجوم وكان معهم إعراب وأكراد يأمل تأديبهم وإرغامهم على الطاعة فلم يشعروا إلا والسيوف عملت فيهم عملها فلم ينج منهم إلا القليل ، تركوا خيامهم وأسلحتهم وحطامهم فصارت نهباً بيد الجند فأنتصر الوزير أحمد باشا إنتصاراً باهراً .
قالوا : قامت الحرب على قدمٍ وساق ، فابدى الوزير بسالة ليس ورائها . فكان يخترق الصفوف .. ولم يفصل بين الفريقين إلا الليل ..وحينئذٍ هرب الأعراب ، ثم رجع الى بغداد ، فأمتدحه شعراء كثيرون منهم الشيخ عبد الله السويدي والسيد عبد الله أمين الفتوي والشيخ حسين الراوي (1) .







(1) نفس المصدر السابق ص214-215 .








حوادث سنة 1141 هـ- ــ 1728 م

آل مسعود

وفي هذه السنة أظهر العصيان أمراء الأعراب وهم شبيل وشولي ودندن ، فأما شبيل وشولي فهم من عشيرة الشبابات إحدى عشائر آل مسعود، وأما دندن فهو جد المناجعة إحدى عشائر آل مسعود قال العزاوي(1) { ثم زاد عصيان بعض الأعراب ، عاثوا فقطعوا السبيل ، فأمر الوزير بمطاردتهم والقبض على زعمائهم المعروفين فتمكن من القبض على كل من ( شبيل وشولي ودندن ) فصلبوا الواحد بعد الآخر خلال شهرين ..فقطع بذلك دابر العصيان } .
والحقيقة إنهم لم يكونوا من قطاع الطرق وإنما كانت هناك مؤامرة ضدهم للتخلص منهم والسيطرة على مشيخة آل مسعود(2) .








(1) نفس المصدر السابق ص224 .
(2) يراجع القول المشهود في نسب قبيلة آل مسعود / كاظم مراد المسعودي ج1 مخطوط .






حوداث 1118 هـ- ــ 1706 م

شمر طوقة و آل مسعود

في سنة 1118 هـ انقطعت حوادث شمر العظيمة ، وفي سنة 1106 هـ وما بعدها لا تزال حوادثهم العظيمة متكررة ، فالأولى الأخذ بما ذكرت ، فأما آل مسعود فقسم منهم في ديار الشام فانشطروا شطرين وكان ورودهم في تلك الأثناء * ، وأن وجود الزقاريط لا يمنع من وجود أل مسعود في حين أن المسعود مالوا إلى الأرياف من أمدٍ بعيد حتى صاروا من أهل الأرياف ، ولا يزال الزقاريط على البداوة ، لا سيما وأن لغة المسعود تأثرت كثيراً بلغة أهل الأرياف ولذا فقدت منهم البداوة من أمدٍ طويل (1) .
والملاحظ من خلال هذا النص يدلل على أن آل مسعود قديمي العهد في العراق وليست لهم علاقة بشمر إلا المساكنة مع بعض بطون شمر وقد أشرنا الى ذلك في كتابنا ( قبيلة آل مسعود الواقع والحقيقة ) وكذلك ( القول المشهود في نسب قبيلة ال مسعود ج1 ) .
وفي حوادث هذه السنة أي 1118 هـ بينما الوزير والأهلون في راحة إذ ورد الشيخ شبيب أمير قشعم يشكو من عشيرة غزية ( ساعدة وآل رُفيع و آل حُميد ) مبيناً إنهم أغاروا على المجاورين وأخذوا أموالهم وأغنامهم وعاثوا في أنحاء السماوة والرماحية ونهر الشاه وما والى . فأحدثوا أضراراً بليغة ، وفي هذه الأثناء جاء رسول من ضابط الحلة فأيد ما قال ( أمير قشعم ) فأهتــم

* والحقيقة أن قبيلة آل مسعود ذكرت في حوادث 1010 هـ / 1601 م وهذا هو دخول آل
مسعود العراق .

(1) تاريخ العراق بين احتلالين / العزاوي ج6 ص345 .
الوزير للأمر خوف استفحاله وسارع للذهاب ، وفي يومين أو ثلاثة أيام وصل
إلى قرب الحلة ، فاستراح قليلاً وسار تواً فعبر الشط ومضى لجهتهم بقصد أن يدركهم ، وكانت المسافة أربعين ساعة، فقطعها بثلاثة أيام أو أربعة لكنه لم يدركهم ، سمعوا بالخبر فروا وتفرقت جموعهم ولم يتركهم الوزير وشأنهم وإنما بعث خلفهم بألف فارس من جنده ليدركوهم، وصار هو أيضاً يتحرى عنهم ويتعقب أثرهم يمنة ويسره إلى نصف الليل ولما بدت بشائر الصباح تبين أثر إظعانهم فوجدهم قرب القائم ، وحينئذٍ تركوا الأثقال والعيال والأطفال وفروا بأنفسهم . والكثير منهم ألقى بنفسه بالماء ،فغنم الجيش أموالهم وخيامهم وابلهم وبقرهم وخيلهم وعاد من ناحية القائم ، ومن هنا مضى الجيش لتعقيب عشيرة ساعدة فظفروا بها وغنموا أموالها وأرسلوها إلى الحلة ، فعادوا ظافرين منتصرين وألقى القبض على اثنين من مشاهيرهم فكان لهذه الوقعة تأثيرها كان في هذا غزو ونهب أو مقابلة عمل بمثله ، كان آل حُميد في الرماحية والعشائر هناك منقادة له ( الشيخ سعد ) ويُعرف بالدهاء امتد نفوذه إلى الحلة والبصرة ، وكان معتصمه الشيخ سلمان الخزعلي ، أقام في الحسكة ، وفي هذه الوقعة هاجمه الجيش ليلا حينما رأى منه تأهباً فأمحى أكثر قومه وغنمت العساكر أموالهم لاسيما أغنامهم فسيقت إلي بغدادَ ، ولما وصل الوزير الى قرب الرماحية أرسل الشيخ شبيبا بألفي فارس إلى هور نجم فأنتصر على من هناك …. وهكذا نكل بسائر العشائر وأثّرت الوقيعة أكثر(1) .



(1) نفس المصدر السابق ج5 ص171-173 .


حوادث سنة 1212 هـ ــ 1797 م

حروب الوهابية والتأهب لها من جديد وفيها آل بعيج

كان وقعة ثويني شيخ المنتفق تأثيرها في الحكومة لا سيما وقد تلتها وقعة سوق الشيوخ ووقعت الأبيض وقتله مطلق الجربا … ولذا اهتموا للأمر إلى الكتخدا علي باشا بالقيادة وكان قد سمع الخبر في الجوازر فتألم للمصاب ورغب في الحرب ، فلما رأى من الوزير عين الرغبة هيأ ما يلزم من وسائل السفر ، وحينئذٍ فتح الوزير خزائنه وبذل ما في وسعه من الاهتمام ولم تمضِ بضعة أشهر حتى تمكن من إعداد العُدد لسفر عظيم ، وعلى هذا وفي 22 من شهر ربيع الأخر سنة 1213 هـ تتحرك الكتخدا من بغداد وتوجه نحو الوهابية ، وانتظر في الدورة تسعة أيام لتتلاحق بقايا الجيوش وفي اليوم العاشر تحرك منها ، فكان يتوقف في بعض المنازل خمسة أيام أو أكثر إلى العشرة وفي بعضها يمكث يومين أو ثلاثة ثم يتحرك حتى واصل سيره ووافى البصرة ، ونزل في باب الرباط ، وأعدت له الأرزاق في البصرة عدا ما أحضره معه من بغدادَ وأحضرت السفن كواسطة بحرية لنقل المؤونة كما انه هُيئت الإبل للنقل براً فاستكمل مقتضيات السفر وبعد أن أقام فيها نحو عشرة أيام تحرك منها متوجهاً نحو الزبير فنزل بالقرب منها في محل يقال له دريهمية وتقع في شرقي الزبير ، وجهز من النجادة نحو خمسة آلاف بندقى استؤجروا لهذا الغرض …وسار معه عشائر المنتفق مع رئيسهم حمود الثامر وال بعيج والزقاريط وال قشعم وجميع عشائر العراق ، وكذا عشائر الشمر والظفير ،وسار معه أهل الزبير ومن يليهم فاجتمعت جموع كثيرة حتى قيل أن الخيل التي يُعلّق لها ثمانية عشر ألفاً ، فسار علي باشا الكتخدا بتلك الجموع وقصد الأحساء (1) .


















(1) يراجع تفاصيل هذه المعركة في تاريخ العراق بين احتلالين / العزاوي ج6 ص126-127 .


حوادث 1220 هـ ــ 1805 م

غزوة النجف وعشيرة الزملات

في هذه السنة سار سعود بجيوشه ، ونازل المشهد وفرق جيشه عليه من كل جهة وأمرهم أن يتسوّروا الجدار على أهله ، فلما قربوا منه فإذا دونه خندق عريض عميق فلم يقدروا على الوصول إليه وجرى بينه وبينهم مناوشة وقتال ورميٌ من السور والبروج فقُتل من جيش سعود عدّة قتلى فرجعوا عنه ثم رحل سعود فانحاز على عشيرة الزملات* من غزية فأخذ مواشيهم ، ثم ورد الهندية المعروفة ثم أجتاز بحلل الخزاعل وجرى بينه وبينهم مناوشة قتال وطراد خيل ثم سار وقصد السماوة وحاصر أهلها ونهب نواحيها ودمر أشجارها ووقع بينهم رمي وقتال ثم رحل منها و قصد جهة البصرة ونازل أهل الزبير ووقع بينه وبين أهله مناوشة قتال ورمى ورحل منه إلي وطنه(1) .





* عشيرة الزملات هي إحدى عشائر آل دعيج من غزية من هوازن العدنانية تقيم هذه العشيرة في
أطراف كربلاء والبعض منها اليوم في النجف وبابل ، وسيأتي ذكرها في تعداد عشائر آل دعيج
إن شاء الله .

(1) تاريخ العراق بين احتلالين / العزاوي ج6 ص169 .


حوادث سنة 1231 هـ ــ 1816 م
البعيج
إن فارس الجرباء بعشائره والزقاريط وعشائر البعيج لم يروا من سعيد باشا ما كانوا يرونه من الوزراء السابقين من عناية ورعاية لاسيما أيام الوزير علي باشا ففي أيامه كانت لفارس أُبَّهة عظيمة وصدارة فعبر إلى غربي الفرات عندما تولى سعيد باشا الوزارة بسبب ما بين الجرباء والعبيد من الضغائن لاسيما قاسم بيكَ الشاوي وكان الوزير ولى أكثر أموره له فلم يستقر فارس في الجزيرة فنزل بعشيرته على الخزاعل فاتفقوا وتجمعوا ، وفي هذه الأثناء كان قد نكل الوزير بشيخ الخزاعل سلمان المحسن وضيق عليه تضييقاً مراً ، وعلى هذا أستمد سلمان المحسن بفارس الجرباء فامده بعشائره فوصلوا وتبعوا الجيش للنكاية به وحينما جاءوا قرب ديار الخزاعل علموا أن الوزير رجع ، ولما سمع بهم تأهب عليهم ، ولكنهم هابوه ولذا مالوا إلى الخزاعل واتفقت زبيد والعشائر الأخرى ممن في تلك الأنحاء ، فصارت جموعهم خطراً ، جاءوا من الحسكة إلى الحلة فانتشر ضررهم وزال الأمن وانقطعت السبل وتسلط العشائر على القرى والمقاطيع ، فتحير الوزير في أمره لما ظهر من هذه الأحوال(1) .




(1) نفس المصدر ج6 ص227 .
حوادث سنة 1234 هـ ــ 1818 م

عشائر عفك و وقائع البعيج

طمعت قبيلة الظفير في العام المنصرم في وقعة يحيى اغا الخازن وكذا سائر العشائر في قطع الطرق وتجاوزت على زوار العتبات حتى أن وكيل متولي أوقاف النجف عباس الحداد تمكن من إشعال نيران الفتن بين حيين من أحياء النجف وهما الشمرت والزكَرت فأدى الأمر إلى هلاك الكثيرين ، وكذا في أنحاء الخزاعل أمتنع شيوخ جليحة وعفك من أداء الميري ، فحاول الوزير عبثاً،
في دعوتهم فلم يجيبوا وأصروا على عنادههم …وعلى هذا أرسل من اغوات الداخل صالح أغا الكردي مع بيرق أو بيرقين من الخيالة لاتخاذ الوسائل الناجحة لألقاء القبض على عباس الحداد أو قتله ، وإذا لم يتيسر فيجب عليه أن يراعي المصلحة بالتزام من يناوبه بإغرائهم عليه …أو مما ماثل …وأرسل محمد الكهية بقوة عظيمة على الصقور وعلى عشائر جليحة وعفك لأجل تأديبهم فتحرك من بغداد في 2 محرم يوم الأحد فوصل إلى الحلة وعبر الفرات الجسر إلى الشامية وفي محل يبعد عن الكفل نحو ساعتين وجد رؤساء الصقور حمدان القعيشيش وابن هذال وهو زيد بن الحميدي ، وأبن أخيه فواز مع مشاهير رؤساء عنزة وأعيانهم ويقدرون بثمانية وأبناء عمهم وأقاربهم ومجموع الكل نحو ثمانية عشر رجلاً فاستقبلهم الجيش ، وان الكتخدا استصحبهم معه إلى أن وصلوا إلى الكوفة فأمر الكتخدا بإلقاء القبض عليهم وأرسلهم إلى بغداد مقيدين ، وأما صالح أغا فلم يتيسر له القبض على عباس الحداد حياً فأنتهز الفرصة وقتله مع علي دبين الشقي المشهور وأرسل برأسيهما إلى الوزير فزالت الفتنة بين الزكرت والشمرت في النجف وهدأ الأهلون وأن الباقين أذعنوا وخلدوا للسكينة ، وحينئذٍ نصب عليهم وكيل متول محمد طاهر جلبي من أقارب السادن ( الكليدار ) الأسبق وزال النزاع ، نهض الجيش من الكوفة وتوجه نحو مهمته الاصلية ، وفي هذه الأثناء أخبر الكتخدا أن الحميدي وأبن حريميس ومعهم نحو أربعة آلاف بعير وركبٌ كبير جاءوا للأكتيال إلى محل يقال له ( الحاج عبد الله ) فعين عليهم شيوخ الخزاعل والبعيج للإنتقام منهم وأرسل معهم خيالة وقسماً من العثمانيين العرب ، ولما وصلت العشائر إلى الديوانية اشتغلت الجنود بربط الجسر وترقبوا أخبار العشائر فاختاروا الإقامة هناك والانتظار في جهة الشامية لبضعة أيام وحينئذٍ وصلت العشائر إلى محل أخذ الكيل فتقابل الفريقان ووقع القتال بينهما من طلوع الشمس إلى غروبها وهناك نزل شيخ البعيج السابق عزيز السلطان بَعد بضع ساعات عن المحل المذكور للإفساد وأعان عنزة كما تلاحق ركبهم وتظاهر معهم وفي كل هذا كان النصر حليف الجيش وكُسر أولئك شر كسرة و استولوا على مقدار كبير من الإبل فنالت العشائر المذكورة عقوبتها ورجعت عشائر الحكومة ظافرة منصورة ، وفي هذه الأثناء أكملت العساكر نصب الجسر فعبرت إلى جهة جليحة وعفك من الشامية إلى الجزيرة ، فوصلوا إلى كرمة اليوسفية فاشتغلوا بسدها وأكملوا في بضعة أيام ومروا عليها (1) .






(1) نفس المصدر ج6 ص259-260 .
حوادث سنة 1247 هـ ــ 1833 م

شمر والمنتفق والبعيج

كان الشيخ صفوق الفارس رئيس شمر منفوراً من حكومة المماليك وشيخ المنتفق الشيخ عجيل السعدون مقرباً منها ، أما علي رضا باشا قرب الشيخ صفوقاً من حين كان في حلب ، ولذا هاجم الشيخ عجيلاً شيخ المنتفق من آل السعدون ، وكان فريق من المنتفق محبوسين سنين عديدة فلما وقع الوباء سنة 1226 هـ فرَّ هؤلاء من السجن ، وبينهم شيوخ المنتفق ممن كان يضمر العداء للشيخ عجيل ، التجأ هؤلاء إلى الشيخ صفوق ، وانضمت إليهم عشائر البعيج والأسلم في أنحاء الحلة ، وكذا عشائر أخرى مالت إليهم ، أما بغداد فقد اختلت حالتها بتأثير الوباء ومن ثم هاجم الشيخ صفوق المنتفق بما عنده من قوة ، فظهر الشيخ عجيل لمحاربته ومعه نحو 1500 من الفرسان والمشاة الا أن الجموع التي كانت مع صفوق لا تكاد تحصى كثرة ، فلا يستطيع أن يقابلها أولئك فجرت الحرب بينهم في أواخر جمادى الثاني وبذلك انفرط عقد من كان مع الشيخ عجيل من الجموع ، أما هو فقد كبا به فرسه فسقط ومات لساعته .. وبهذا انتصر صفوق ومن معه من شيوخ المنتفق ولعله من جراء هذه الواقعة لُقّب (سلطان البر ) (1) .






(1) نفس المصدر ج7 ص19 .
حوادث سنة 1275 هـ- ــ 1858 م

غزية

غزية :- بعد أن أتم الوزير مهمته في لواء شهرزور علمت أن قبيلة غزية عبرت الفرات ، وعاثت قي أنحاء بغداد ، فأحدثت أضراراً كبيرة وكثيرة
وألحقت بالناس الخسائر .. وكان قائد الجيش في بغداد علي باشا وهو ابن السر عسكر حافظ باشا وكان أخرق ، عارياً من كل دراية ، غير منصف بصفة الإنسانية .. خالياً من كل لياقة .. وكان عارفاً به ، فلم يعتمد عليه وفي خلال ثلاث أيام سار الوزير كالبرق الخاطف بما لديه من الجيش فوصل الى قرية دلّي عباس وصار يتحرى موطناً من دجلة للعبور على هذه القبيلة قال الأستاذ سليمان الفائق :- وفي الأثناء كنت – أنا قائممقام خراسان – حاضراً هناك لاستقبال الوزير ، فأعلمته أن أولئك الغربان مضوا إلى الشامية وعبروا الفرات فعادوا . والملحوظ أن غزية متكونة من مجموعة عشائر منها (الحميد )* حميرية ، والرفيع والبعيج … وعشائر أخرى ملحقة بها أو يعدون في عداد الأجود** وكانت إمارتهم كبيرة ولها مكانة إلا أن أكثرها مال إلى الأرياف(1).





* أن آل حُميد هم من غزيه من هوازن وهم غير ( الحميد ) اولائك.
** أما الأجود فهم رؤساء غزية باعتبار أن دهمش بن سند بن أجود وهو سيد غزية وأن آل
سند بطن من الأجود .

(1) نفس المصدر السابق ص125 .












حوادث سنة 1290 هـ- ــ 1873 م

القشعم

بقي الوالي رؤوف باشا نحو سنة واحدة ، فقيل أنه قام بأعمال كثيرة منها ( إسكان العشائر ) ولم يتحقق منها شيء ، ولم يعرف بأن عشيرة بدوية استقرت في محل خاص ، وقيل عن عشائر عنزة والجشعم وعشائر الدغارة وعشائر السماوة وعشائر الجاف إنه قام بإسكانهم . والهماوند خربوا قرى عديدة ، وقتلوا أنفساً كثيرة ورؤساؤهم (جكول ) و(أمين باخر ) وأمثالهما كان إعدامهم مقرراً ، أما الوالي فأنه جلبهم و وظفهم بوظائف رئيس ضبطية وملازم ، ولكنهم لم يلبثوا إلا قليلاً (1) .











(1) نفس المصدر السابق ج8 ص19 .