الاتفاق الأميركي ـ الإيراني.. صفقة الكبار ! تم نشره على وكالة الصحافة المستقلة - اخبار العراق.

د. عادل محمد عايش الأسطل ربما كان للقناة الخلفيّة التي دشّنها الثنائي نائب وزير الخارجية الأميركي “وليم بيرنز” ونظيره الإيراني “عباس عراقجي” خلال الفترة التي سبقت بقليل انتخاب الإصلاحي “حسن روحاني” رئيساً للجمهورية الإسلامية، كانت إحدى الوسائل المهمّة التي ساهمت في عملية التقارب الأمريكي- الإيراني، ومن ثم التوصل إلى اتفاق بشأن الأزمة النووية الإيرانية. فهناك تقارير غربية كشفت عن خلفيات التقارب المفاجئ بين الطرفين، والتي تم تأسيسها على أن هناك صفقة ضخمة لا تتعلّق بالأزمة النووية وحدها، بل بشأن ملفات أخرى بارزة على الساحتين الدولية والإقليمية. فبالإضافة إلى التفاهمات النفطية وما يتصل بالاستثمارات الغربية فيها من جديد، فإن هناك تفاهمات أخرى حول عددٍ من القضايا وأهمها القضية السورية ومسألة انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، وربما الاتفاق حول إبقاء عددٍ عسكري أمريكي محدود في بعض المناطق هناك. ومن ناحيةٍ أخرى فقد جاء التقارب كنتيجة مباشرة وطبيعية على تطورات الأزمة النووية الحاصلة، والتي طالت تداعياتها الكل، وبنسب متقاربة بشكلٍ ملحوظ. فبالنسبة لإيران فقد رأت أنّه آن عليها تقديم تنازلات وإبداء التزامات، للخروج من عنق الزجاجة بسبب معاناتها منذ اللحظة الأولى لبدء سريان أول عقوبات دولية عليها منذ ديسمبر/كانون أول 2006، وكانت تداعياتها المؤلمة، تتزايد مع تزايد العقوبات وخاصة المنفردة منها، التي كانت تقوم بها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد الاقتصاد الإيراني بشكلٍ عام، ما أصاب أغلبية مناحي الحياة المعيشية هناك. وهي الآن تجد الفرصة تحاول فيها لملمة اقتصادها، ومن ثمّ إعادة تموضعها في المجتمع الدولي بشكلٍ أفضل. كما أن إيران قبل أحداث الربيع العربي كانت في وضع أيسر بكثير، بسبب الأوضاع التي لم تعد مستقرةً حتى الآن في الدول التي تهمها مثل سوريا ولبنان ومصر والعراق. إلى جانب أنه سيتيسّر لها مكافحة المعارضة الإيرانية التي تناهض طهران من الخارج وبمساعدات غربية. وبالمقابل فقد تضررت أيضاً الدول الغربية، في اقتصاداتها كثيراً إلى حدٍ رأت فيه أن عودة النفط الإيراني لأسواقها يعتبر حبل النجاة لها من الاحتكار الروسي لأسواق الطاقة فيها، والعودة إلى دفع أثمانٍ أقل من شأنها التخفيف من أزماتها المالية والاقتصادية. أيضاً الولايات المتحدة عانت كثيراً هي الأخرى. فبالإضافة إلى تورطها في حروبها الخارجية، وخاصة الأفغانية 2001، والعراقية 2003، والنشاطات العسكرية في مناطق متفرقة، فقد أُصيبت بشأن مصالحها في المنطقة بأشكالٍ مباشرةً وغير مباشرة، وسواء من حيث دفع أثمان أعلى للنفط وتعطيل أعمال شركات واستثمارات أخرى، أو خسران معاملاتها مع بعض المصالح والشركات والهيئات الأخرى التي كانت تشعر بضررٍ أكبر من تلقاء مجاراتها لها رغماً عنها، حيث باتت تخشى على تحالفاتها مع الدول الآسيوية التي لم تجد بدّاً من استيراد النفط الإيراني، فهناك دول مهمّة مثل الهند واليابان وكوريا الجنوبية وتركيا لاتزال تستورد النفط الإيراني ويزداد اعتمادها عليه يوماً بعد يوم، مع نمو اقتصاداتها. كما أن الاقتصاد الأميركي عانى أزمة مالية ضخمة نجمت عن ارتفاع سقف الدين وتفاقم أعباء الإعانات والبطالة وأعباء اجتماعية أخرى. روسيا التي لا تقل ضرراً أيضاً، بسبب تعاملاتها مع إيران وخاصةً في تنمية وتطوير برامجها النووية، أعلنت عن أن تطبيق اتفاق جنيف النووي من شأنه إزالة العوائق الاقتصادية والسياسية أمامها، ومن ناحيةٍ أخرى سيعمل على إزالة أسباب إنشاء الدرع الصاروخية الأمريكية في المنطقة تلقائياً بزوال الأمور المسببة لها، ثم ضمنت أن يُفسح المجال أمامها أكثر، أمام نقل أقدامها نحو منطقة الشرق الأوسط بشكلٍ أفضل، بعيداً عن التنافس الأمريكي كما كان سابقاً. لكن الأمر مختلف تماماً عندما يتعلق الأمر بالنسبة للدول العربية وخاصةً الخليجية، فعلى الرغم من أنها لا تعارض أي جهد يرمي إلى تحسين العلاقات بين الغرب وخاصةً الولايات المتحدة وإيران، بسبب أنها تهدف إلى السلام والاستقرار في منطقة الخليج باعتباره مطلب عربي، لكنها وجدت نفسها بعيدة كل البعد عمّا يدور في منطقتها، ليس بشأن الاتفاق الحاصل وحسب، ولكن حتى في ظل عدم وجود تنسيق معها في هذا الشأن وهي تعتبر نفسها أحد العناصر المهمّة والتي لا يجب إغفالها أو القفز عنها، لا سيما بالنظر إلى علاقاتها العميقة مع الولايات المتحدة، وإلى مجموعة الإشكاليات السياسية والأمنية والعقائدية مع الجارة إيران، إلى جانب اتهامها صراحةً عن محاولاتها التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة. من هنا تعترض أغلبية هذه الدول وخاصةً السعودية، التي لا تنكر أن اتفاق جنيف يمكن أن يشكل خطوة أولية نحو حل شاملٍ للبرنامج النووي الإيراني، إلاّ أنها باعتبارها من حلفاء واشنطن الأهم في المنطقة، اعتبرت أن أي تقارب من هذا النوع وبهذا الشكل، لن يرُق لها على أي حال، بسبب القلق من أن إيران حصلت على الهيمنة في المنطقة، كما أنها قلقة أكثر من احتمال تقديم الولايات المتحدة تنازلات كبيرة وخطيرة مستقبلاً إلى إيران، بدون النظر إلى المطالب الخليجية في إطار صفقة من أجل الوصول لاتفاق ثنائي ما، يؤثر بشكل جذري على أمن الدول الخليجية بشكلٍ عام. ولا شك فإن القلق الخليجي من التحركات الأخيرة على مسار المفاوضات بين الدول(5+1) وإيران، اتضح جلياً، بعد أن اتخذت المفاوضات طابع السرّية، ومن دون اطلاع دوله على مضمون المحادثات، أو معرفة هدفها، أو مضمون التنازلات التي من المحتمل تقديمها لإيران، خاصةً وأن هذه المفاوضات تأتي في ظل حالة من عدم وجود ثقة كافية بينها وبين واشنطن، بسبب عدم الانسجام بشأن الأزمة السورية، والأوضاع في كلٍ من مصر والعراق ودول أخرى. ليس كما أعلن وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” من أن الاتفاق سيحمي حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، لأن الاتفاق بشكلٍ واضح لا ينص صراحةً على شيء من هذا القبيل. وبالمقابل سيساعد طهران على رفع العقوبات عنها، والأهم مداومة الحفاظ على مكتسباتها التكنولوجية وخاصةً في المجالات النووية وبطريقة مرخّص بها دولياً. وعلى الرغم من أن الرئيس “أوباما” قد واجه معارضة داخلية وخارجية للاتفاق، تمثّلت في إصرار نوابٍ جمهوريين على تشديد العقوبات على إيران، فيما أبدت إسرائيل غضباً شديداً، متحدثة عن “أضخم انتصار ديبلوماسي لإيران، إلاّ أنه دافع قدر جهدهُ نحو المضي في تنفيذه. وشدد على أن الاتفاق أولوية بالنسبة إليه، منذ تسلّمه منصبه عام 2009، لاحتواء التهديد النووي لطهران وتفادي الخيار العسكري ضدها. ولأنه ببساطة وجد فقط هذا الاتفاق أمامه، وليس […]

الاتفاق الأميركي ـ الإيراني.. صفقة الكبار ! تم نشره على وكالة الصحافة المستقلة - اخبار العراق.



أكثر...