توافق خبراء إعلام مشاركون فى مؤتمر "أريج" السنوى السادس (إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية)، المنعقد حالياً فى عمان، على أن الإعلام العربى لا يزال بعيداً عن لعب دوره المرسوم فى مراقبة أداء السلطات.

وأجمع الخبراء على افتقار قوانين حق الحصول على المعلومات المقرة فى ثلاث دول عربية حتى الآن هى: الأردن واليمن وتونس للأدوات الكفيلة بتفعيلها، خصوصا فى ظل مزاحمة تشريعات أخرى لها تعرقل تطبيقها لاسيما قوانين سرية وثائق الدولة.

واتفق المتداخلون على أن قانون حق الحصول على المعلومة "مجرد من أنيابه" بفعل تشريعات أخرى تبقيه حبرا على ورق وتحد من دوره فى تسهيل الحصول على البيانات والمعلومات الضرورية للتحقيقات الصحفية.

ومن جهته، انتقد الخبير القانونى فى قضايا النشر الأردنى محمد قطيشات اعتراف قوانين الحصول على المعلومات فى غالبية الدول العربية بتشريعات "حماية أسرار ووثائق الدولة"، "الأمر الذى أضاف قيدا على القانون بدلاً من تسهيل الإجراءات للحصول على المعلومة وجعلها متاحة أمام الجميع".

وفيما يخص حرية الوصول للمعلومات فى اليمن، أكد النائب عبد الرازق الهجرى أن القانون الذى سن فى 2012 استوفى العديد من الشروط اللازمة لتفعيله، فيما ينتظر اليمنيون مدى فاعلية التطبيق على الأرض فى ظل ثقافة شعبية محافظة تميل نحو السرية.

ولا تختلف الأوضاع فى تونس عنها فى الأردن أو اليمن وفق نجيبة الحمرونى نقيب الصحفيين التونسيين، التى ترى أن ضغط المنظمات، خاصة البنك الدولى على الحكومة التونسية أوجد قانونا ضعيفا يفتقر هو الآخر لأبسط المعايير الدولية.

وخلصت الحمرونى إلى أن الإشكال الكبير فى القانون يعود إلى أنه نص على وجود هيئة غير مستقلة وتتبع للحكومة لمتابعة تنفيذه ما يصعب الأمر على الصحفيين فى محاولاتهم الحصول على المعلومات.

وتحت عنوان "واقع الإعلام العربى فى طور التغيير" رثا المتحدثون فى الجلسة من مصر واليمن وتونس والأردن والبحرين حال الصحافة فى المنطقة، وانتقدوا وقوعها ضحية استقطابات حادة بين أطراف النزاع فى مختلف الدول العربية منذ اندلاع الثورات مطلع 2011.

حضر الجلسة الرسمية وزير التنمية السياسية الأردنى خالد كلالدة، ووزراء سابقون وسفراء دول عربية وأجنبية، من بينها سفير مصر السفير خالد ثروت وأدارها عمر الكحكى رئيس شبكة فضائية (النهار) المصرية المستقلة.

ومن جانبه، انتقد الصحفى الاستقصائى المصرى يسرى فودة عضو مجلس إدارة (أريج) ومقدم برنامج (آخر كلام) عبر قناة (أون تى فى) انزلاق صحفيين نحو درك من "التطوعية" بيد السلطة للتحشيد وإقصاء الآخر.

ومن جهتها، حثت مديرة (أريج) التنفيذية رنا الصباغ، المشاركين جميعا على تقديم أى اقتراحات وآراء لتحسين أداء الشبكة العاملة فى تسع دول عربية وتعظيم المنفعة الناجمة عن مؤتمرات الشبكة السنوية، منوهة بمشاركة إعلاميين من الجزائر وليبيا لأول مرة.

وقال رئيس تحرير صحيفة (الاقتصادى) السورية أحد مشرفى (أريج) حمود المحمود، "إن الحقيقة أمست هى الضحية والقتيلة، لأن الإعلام أصبح بيد ناس يفتقرون للمصداقية"، منتقدا اعتماد وسائل الإعلام المتزايد على الصحفيين المواطنين دون الحرص على التوثق مما يقدموه من معلومات ما دفع الناس نحو التوجه للإعلام البديل ووسائل الاتصال الاجتماعى للحصول على المعلومات.

أما الصحفى التركى المثير للجدل يافوز بيدر فقد تحدث فى إحدى الجلسات عن "تحالف غير مقدس بين السلطة والمال فى بلاده ركع الصحافة على ركبتيها، وجعلها عاجزة عن مراقبة أدوات الحكم وكشف ملفات الفساد".

وفاجأ بيدر، الذى كان يعمل ضابط جودة وإنصاف فى صحيفة (صباح) التركية التى أقيل منها على خلفية مقال له فى (نيويورك تايمز) الأمريكية انتقد فيه واقع الصحافة فى بلاده، الحضور لدى تأكيده أن ملكية معظم وسائل الإعلام التركية تعود إلى مجموعات استثمارية ضخمة متداخلة مع السلطة الحاكمة ممثلة بحزب العدالة والتنمية ذى الجذور الإسلامية.

ووفقا لبيدر، فإن هذه الصحف تبث (بروباجاندا) ممنهجة وتسعى للاستحواذ على قطاع الإعلان الذى يقدر بنحو 4.5 مليار دولار سنويا.

يشارك فى المؤتمر نحو 350 صحفياً وأكثر من 30 خبيراً عربياً وأجنبياً يلتقون على مدار ثلاثة أيام ضمن أكثر من 35 جلسة بين ورش عمل تدريبية مكثفة وحلقات نقاشية.

و(أريج) هى شبكة رائدة فى حقل صحافة الاستقصاء منذ نشأتها فى العام 2006، حيث دربت قرابة 1000 صحفى ميدانى وأهلت 30 مشرفا ومدربا و100 من أساتذة الإعلام فى جامعات عربية، كما أشرفت على إنجاز أكثر من 200 تحقيق استقصائى فى مختلف وسائل الإعلام، وأسهمت فى تأسيس وحدات استقصاء فى عدة وسائط إعلام فى الأردن وفلسطين ومصر ولبنان واليمن.



أكثر...