اعتادت ساراثى داس،60 عامًا، أن تتطلع إلى فترة شيخوخة هادئة، ترعاها فيها ابنتها الوحيدة، إلا أن كل ذلك تغير، وأصبح طى النسيان منذ أبريل الماضى، عندما انهار مبنى مصانع "رنا بلازا"، الواقع بالقرب من دكا، مما أسفر عن مقتل ابنتها "بابيتا داس"، وأكثر من 1100 آخرين.

وكانت "بابيتا"، تعمل فى واحد من خمسة مصانع للملابس، كان يضمها المبنى المنهار، حيث كانت تساند والدتها ماليًا، واجتماعيًا بعد وفاة والدها قبل بضع سنوات.

وكانت "ساراثى"، تعيش مع ابنتها، وزوج ابنتها، وأطفالهما الثلاثة، بالقرب من المصنع فى ضاحية سافار بالعاصمة دكا، لكنها تقول إن زوج ابنتها طردها خارج المنزل، عندما تلقى قيمة تعويض الحكومة عن وفاة بابيتا.

ولم تجد "ساراثى"، مفرًا من العودة إلى منزل أجدادها بقرية فى تانجيل، التى تبعد 90 كيلومترًا شمال العاصمة، حيث تملك قطعة أرض صغيرة، ومع انعدام وسائل كسب الرزق، لجأت ساراثى إلى التسول.

وقالت، "لا توجد لدى خيارات أخرى، حالتى الصحية لا تسمح لى بالعمل فى هذا السن"، فقد أصبح الغذاء والكساء والمأوى، الذى اعتادت ابنتها توفيره مجرد ذكريات.

وتعتبر "ساراثى"، واحدة من الكثيرين الذين كانوا يعتمدون فى السابق على ضحايا، منذ انهيار المبنى، والذين يعانون منذ ذلك الحادث، الذى أودى بحياة 1129 شخصًا، بالإضافة إلى إصابة حوالى 2500 آخرين، مما يجعلها أسوأ كارثة صناعية تشهدها البلاد على الإطلاق.

وبدأت بنجلاديش، ثان أكبر مصدر للملابس فى العالم بعد الصين، فى إجراء إصلاحات بعد أن أثار حادث "رنا بلازا" وغيره من الحوادث، مخاوف بين المشترين وتجار التجزئة بشأن صحة وسلامة نحو 5ر3 ملايين من العاملين فى هذا القطاع.

ووفقا لنشطاء النقابات العمالية، لم يسهم سوى القليل للغاية من المشترين الأجانب، وتجار التجزئة فى دعم ضحايا الكارثة.

وقال أمين الحق أمين، عضو لجنة التوجيه، وزعيم بالاتحاد الوطنى لعمال الملابس، إن متاجر التجزئة البريطانية "بريمارك"، كانت أحد هؤلاء القلائل الذين قدموا مبالغ مالية ضئيلة لعائلات الضحايا.

وأضاف أمين، أن المساعدات الحكومية أيضا لم تكن كافية، وتابع أمين "الكثير من الضحايا الذين نجوا من الكارثة، سيحتاجون إلى علاج مدى الحياة، ولكنهم لا يحصلون عليه بشكل مناسب".

ووافقت أكثر من 100 علامة تجارية ومشتر على دعم معايير السلامة المحسنة، وتشكلت لجنة لفحص 3500 مصنع.

وبالتعاون مع منظمة العمل الدولية، تم الإعلان أيضا عن خطة لضمان سلامة المصانع، تمتد لمدة ثلاث سنوات.

ولكن وفقا لأمين، فإن الكثير من الضحايا كانوا المصدر الوحيد فى إعالة أسرهم، حيث أن الأقارب الآن بحاجة إلى مساعدة أفضل على المدى الطويل، وتقدر قيمة الملابس التى تصدرها بنجلادش بنحو 20 مليار دولار سنويا، أو 79 % من إجمالى صادراتها، وعلى الرغم من الكوارث الأخيرة، والإضرابات المستمرة التى تعانى منها الصناعة، إلا أنها تواصل الصعود.

وصدرت بنجلاديش ملابس تقدر قيمتها بـنحو 1ر6 مليارات دولار، فى الربع الثالث من عام 2012، مقارنة بـ9ر4 مليارات دولار فى الفترة نفسها من العام السابق عليه.

ويقول عتيق الإسلام، رئيس اتحاد مصنعى ومصدرى الملابس، إن "الصادرات من منتجات الملابس مستمرة فى الارتفاع بسبب القدرة التنافسية للتكلفة العمالية فى بنجلاديش".

وحددت لجنة حكومية، الحد الأدنى للأجور الشهرية بمبلغ 5300 تاكا (67 دولارا) للعاملين فى صناعة الملابس، الذين كانوا يريدون أن يكون الأجر 8100 تاكا شهريا.

وقال أمين، إن المشترين كان بإمكانهم تجنب الزيادة فى الأجور- وبالتالى تكلفتها- من خلال التعاون، والتطوع فى تقديم المزيد من الدعم، والمساعدة لضحايا الكارثة وأسرهم، بالإضافة إلى توفير ظروف أفضل للعمال.
وتقول ساراثى داس، إن مطالبها محدودة للغاية، وتتابع "أريد فقط ألا أعتمد على التسول من باب إلى آخر".



أكثر...