كان أبو بكر رضي الله عنه إذا صلى الفجر خرج إلى الصحراء .. فاحتبس فيها شيئًا يسيرًا.. ثم عاد إلى المدينة..فعجب عمر رضي الله عنه من خروجه ... فتبعه يومًا خفيةً بعدما صلى الفجر ...فإذا أبو بكري خرج من المدينة ويأتي خيمة قديمة في الصحراء .. فاختبأ له عمر خلف صخرة... فلبث أبو بكر في الخيمة شيئا يسيرا . ثم خرج ... فخرج عمر من وراء صخرته ودخل الخيمة ... فإذا فيها امرأة ضعيفة عميــاء ...وعندها صبية صغار .... فسألها عمر : من هذا الذي يأتيكم؟ ... فقالت : لا أعرفه ..هذا رجل من المسلمين .. يأتينا كل صباح منذ كذا وكذا... قال :فماذا يفعل ؟ قالت : يكنس بيتنا ..ويعجن عجيننا .. ويحلب داجننا ... ثم يخرج .. فخرج عمر وهو يقول : لقد أتعبت الخلفاء من بعدك ياأبا بكر ...لقد أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر... وكان علي بن الحسين رضي الله عنهما يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل . فيتصدق بها ... ويقول: إن صدقة السر تطفئ غضب الرب ... فلما مات وجدوا في ظهره آثار سواد ..فقالو : هذا ظهر حمّال.. وما علمناه اشتغل حمالاً..فانقطع الطعام عن مائة بيت في المدينة ..من بيوت الأرامل والأيتام .. كان يأتيهم طعامهم بالليل..لايدرون من يحضره إليهم .. فعلموا أنه هو الذي كان يحمل الطعام إلى بيوتهم بالليل وينفق عليهم .. وصام أحد السلف عشرين سنة ..يصوم يومًا ويفطر يومًا ...وأهله لايدرون عنه.. كان له دكان يخرج إليه إذا طلعت الشمس ويأخذ معه فطوره وغداءه...فإذا كان يوم صومه تصدق بالطعام .. وإذا كان يوم فطره أكله .. نعم ... كانوا يستشعرون العبوديــــــة لله في جميع أحوالهم ... هم المتقون... والله يقول: (إن للمتقين مفازا *حدائق وأعنابا * وكواعب أترابا* وكأسا دهاقا * لايسمعون فيها لغوا ولا كذابا*جزاءمن ربك عطاءً حسابا ) (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا) أي يجعل لهم محبةً في قلوب الخلق... إذا أحبك الله جعل لك القبول في الأرض ... قال صلى الله عليه وسلم :"إن الله إذا أحب عبدًا نادى جبريل .. فقال :إني قد أحببت فلانًا فأحبه.. فيحبه جبريل.. ثم ينادي في أهل السماء: أن الله يحب فلانًا فأحبوه ... فيحبه أهل السماء... قال: ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض ..