قالت لجنة الطوارئ والإغاثة، باتحاد الأطباء العرب، إن الوضع الإنسانى المتدهور باستمرار فى قطاع غزة، ينذر بكارثة صحية، ستكون نتائجها كارثية على المدى المتوسط والبعيد، كما أن نقص الإمدادات الطبية المستمر من أدوية، ومستهلكات طبية، ووقود خاص بالمستشفيات يضع حياة ما يقارب من مليونين من البشر، على درجة عالية من الخطورة، وتهديد مباشر لحياتهم، وخصوصًا الفئات الأكثر ضعفا من كبار السن، النساء الحوامل، أصحاب الأمراض المزمنة، وذوى الاحتياجات الخاصة، وكذلك الأطفال وبالأخص حديثى الولادة، إذا ما أخذ فى الحسبان أن هناك أكثر من 60,000 ولادة جديدة سنويًا.
وأوضحت فى بيان صحفى صادر عن الاتحاد، أن الوضع الصحى بشكل عام، يتفاقم خصوصًا فى أجواء فصل الشتاء الباردة، حيث طالت المأساة الصحية جوانب الصحة العامة، خصوصاً عندما تعجز محطات الصرف الصحى عن العمل بسبب نقص الوقود فتختلط مياه الصرف الصحى بمياه الأمطار، وتغمر بيوت الفقراء، والمُعدمين لتفاقم من مأساتهم، وتزيد من احتمالية تعرضهم للأمراض، ومما يزيد من التهديد المباشر لصحة الغزيين هو نقص إمدادات الدواء، حيث بلغت نسبة العجز فى الإمدادات الطبية إلى أكثر من 30% من الأدوية، وإلى أكثر من 50% من المستهلكات الطبية الواجب توفرها فى مخازن ومستودعات وزارة الصحة الفلسطينية فى غزة، حيث تحتاج وزارة الصحة من الأدوية بقيمة {2.600.000 دولار } شهرياً، أى {31.200.000 دولار } سنوياً.
وأضافت، أن العجز المتواصل فى إمدادات الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء فى المستشفيات، يزيد الوضع تعقيداً، خصوصًا أن ساعات انقطاع التيار الكهربائى باتت تزيد عن 14 ساعة يوميا، وهذا يجعل مولدات الكهرباء أكثر عرضة للتلف، وأكثر احتياجاً للصيانة المتكررة، واضعين نُصب أعيننا مشكلة شُح إمدادات الوقود لقطاع غزة، وارتفاع ثمنه بشكل لا يٌمكن السلطات الصحية المحلية من تلبية الاحتياجات الضرورية للسكان، مما اضطرها إلى تقليل بعض الخدمات الصحية مثل العمليات المجدولة مسبقا، واكتفت بالاهتمام أكثر بما هو طارئ وعاجل.
وأشارت، إلى أن أهم الخدمات الصحية المتضررة هى تلك الخدمات التى لا يوجد أى جسم صحى يقدمها باستثناء السلطات الصحية الحكومية، وهى خدمات العناية المركزة، غسيل الكلى، العلاج الكيماوى، علاج التهاب الكبد الوبائى، القسطرة القلبية، ومما زاد الأمر سوءًا، هو انخفاض عدد المرضى المحولين للعلاج فى الخارج بسبب الإغلاق شبه الكامل للمعابر الحدودية.
إن كل الظروف المحيطة بالنظام الصحى فى قطاع غزة، تزيد من معاناة المرضى، والفقراء وتزيد من المضاعفات الصحية لهؤلاء المرضى، وتزيد من آلام يُمكن تجنبها، كما تُخفض مستوى جودة الحياة، وتُفقد الناس الأمل، وتجعل الموت هو أقرب شئ لمخيلتهم، كما أن هذه المعاناة تجعل أى تدخلات مستقبلية، أكثر كلفة على العاملين فى المجال الصحى، وأكثر تعقيداً.
علاوة على ذلك كله، فقد أصبحت الصحة النفسية للمجتمع بغزة فى تدهور مستمر، خصوصاً مع انقطاع التيار الكهربائى لساعات طويلة، والتى تمس حياة كل مواطن بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة فالانقطاع المتواصل للكهرباء، وعدم توفر الوقود بكميات كافية يؤدى إلى عدم انتظام توفر مياه الشرب، وتعطل عمل مضخات الصرف الصحى بالإضافة إلى تراكم النفايات الصلبة داخل التجمعات السكنية، والأكثر خطورة هو عدم قدرة المرضى الذين يتلقون رعاية طبية داخل منازلهم، الحصول على هذه الرعاية بانتظام وخصوصا مرضى الأزمة الصدرية، أو متابعة انتظام عمل القلب، حتى يصل عجز الأسرة الفقيرة أحيانا، إلى عدم القدرة على توفير التدفئة اللازمة للمواليد الجدد، أو كبار السن.
إن اتحاد الأطباء العرب، يهيب بالحكومات العربية، وكذلك منظمات المجتمع الأهلى، وكل من لديه القدرة على أن يساهم فى حل جذرى لهذه المأساة الإنسانية المُزمنة، كما يهيب بكل أصحاب الضمائر الحية، والأيادى الخيرة، التقدم للمساعدة فى تقليل آثار المأساة الصحية التى تعصف بقطاع غزة، ويؤكد الاتحاد على أن الخدمات الصحية هى حق مكفول للجميع ولا ينبغى حرمان أى شخص من الوصول إليها، مهما كانت الدوافع، والأسباب، وتبقى المسئولية الأخلاقية، والقانونية تلاحق كل من تسبب بهذه الآلام والأوجاع.



أكثر...