هروب الطابات من المدارس

داخل مدارس البنات روايات عديدة تخفيها أسوار المدرسة , وتتنوع تلك القصص والحكايات من مدرسة لأخرى طبقا للمكان والمستوى الاجتماعى ونوع التعليم , فتختلف بين الريف والمدن وبين المدارس الفقيرة والغنية وبين الثانوية العامة تختلف والدبلومات الفنية , ورغم اختلاف بطلات هذه الحكايات تبقى حجرة الأخصائية الاجتماعية بالمدرسة مخزنا للكثير من هذه الأسرار والحكايات .


"كايرو دار" دخل مخزن الأسرار والحكايات واستمعت إلى العديد من القصص والتجارب من الاخصائيات الاجتماعيات والنفسيات بالمدرسة الثانوية الفنية للبنات بمحافظة أسيوط .

فى البداية أشارت هناء شحاتة الأخصائية النفسية إلى أن معظم المشكلات التى واجهتها بالمدرسة كأخصائية نفسية تتعلق بحالات السرقة.


وقالت : " السرقة هى الحدث الأكثر تكرارا هذه الأيام خاصة مع ارتفاع الأسعار وانخفاض المستوى المعيشى لمعظم أولياء الأمور فى ظل وجود العديد من المغريات والأدوات الحديثة التى تراها الفتيات مثل أجهزة المحمول واللاب توب والتابليت ".


وعن كيفية تعامل إدارة المدرسة مع الطالبات فى حالة الاتهام بالسرقة أو الشك فيها تحكى ميس هناء عن إحدى الوقائع :


"البنات بيجوا يشتكوا فى الأول من تكرار حالات السرقة ولكن بناخد وقت عشان نعرف مين اللى بتسرق , أحيانا البنات بيكونوا شاكين فى بنت معينة لأنها بتصرف كتير وبتروح الكانتين كتير وأكتر من بنت أجمعت الرأى عليها لأنها كل ماحد يتسرق منه حاجة تقول وأنا كمان اتسرقت ".


وتضيف : " باقعد مع البنت اللى شاكين فيها وأخد وادى معاها فى الكلام عن مصروفها وشغل والدها ومشاكلها.




وعن مصير البنت اللى بتسرق وشكلها قدام زمايلها ومدرسيها لو كشفوها وعلاقتها بربنا وفى حالات البنت بترتبك فيها وبيبان عليها أنها هى اللى سرقت وفى حالة من الحالات بكت واعترفت وطبعا ده كله بيبقى فى السر بينى وبينها ومش بيطلع لزمايلها وباحاول أتابعها واتقرب منها وفى حالات كتيرة بتستجيب لأنها مش محترفة ومش مجرمة وفى أحيان أخرى باتواصل مع الأسرة وخاصة الأم وبنحاول نحل المشكلة ".


نماذج السرقة المتكررة يوميا بمدارس البنات نقطة من بحر مشكلات علاقات الحب ومحاولة لفت نظر الشباب وانتظار الشباب خارج المدرسة التى تحاول الاخصائيات الاجتماعيات التعامل معها ومواجهتها خاصة مع تسببها فى العديد من الخلافات والأزمات لطالبات المدرسة , هذا ما تحدثت عنه ميس هايدى نبيل أنيس الأخصائية الاجتماعية بالمدرسة حيث روت العديد من القصص التى أكدت لى تتكرر بشكل يومى وأنهن كاخصائيات اجتماعيات يحاولن التعامل بالحكمة مع الطالبات اللاتى يحضرهن أولياء أمورهن إلى المدرسة ليكن أمانة فى أعناقهن وعليهن حسن التصرف وإلا وقعت كوارث .


وتحكى عن قصص الغيرة بين الفتيات مشيرة إلى قصة فتاة بالصف الثانى مخطوبة لأحد أقاربها وينتظرها الخطيب دائما خارج المدرسة قبل موعد الانصراف ليقوم بتوصيلها لمنزل والدها ورغم قيام الوالد بإخطار إدارة المدرسة بأن خطيب ابنته سيتولى توصيلها أمام المدرسة بإذن منه خوفا على ابنته من الطريق إلا أن هناك بعض الطالبات أدعوا أن هذه الفتاة سلوكها سيئ وأن هناك شباب ينتظرونها أمام المدرسة وأن الدبلة التى بإصبعها وهمية وأكدت أن الغيرة قد تدفع بعض الطالبات أحيانا إلى تشويه سمعة زميلاتهن .


فى المقابل تحدثت ميس هايدى عن محاولات بعض الفتيات للتزويغ من المدرسة بسبب العلاقات العاطفية ومن أبرزها قصة إحدى الطالبات التى كانت دائمة الشكوى بشعورها بهبوط حاد بسبب إصابتها بمرض السكر حتى تخرج أثناء اليوم الدراسى .

وتضيف : " بعد تكرار هذه الشكوى من البنت سألناها عن والدتها فقالت ماما فى إسكندرية بتشتغل دكتورة وأنا قاعدة مع تيتة لوحدنا وباقوم بخدمتها وهو ما أدى إلى تعاطف الاخصائيات معها لصغر سنها وقيامها بأعمال المنزل وخدمة جدتها وشقيقها رغم مرضها , وفى إحدى المرات التى ادعت فيها الفتاة إحساسها بالدوخة والإرهاق اتصلنا بشقيقها وطلبنا منه أن يأتى إلى المدرسة ليأخذ أخته المريضة " وتكمل أبلة الأخصائية قائلة : " وحينما وصل الأخ سألته هى ماما فين ففاجأنى رده بأن ماما فى البيت "طيب هى مش دكتورة فى إسكندرية ؟؟ فقال لنا ماما ربة منزل وموجودة فى البيت ."وأختك بتقوم بخدمة جدتك ؟ قال لنا لا أبدا إحنا عايشين كلنا مع بعض ؟ فسألته أختك بتعانى من السكر ؟قال لا طبعا , فأرسلنا لطلب الأم وكانت المفاجأة أن الطالبة اختلقت كل هذه الأعراض كى تستطيع الخروج من المدرسة وأنها على علاقة بشاب وتقوم بمقابلته يوميا".

وتشير الأخصائية الاجتماعية إلى أن المدرسة اكتشفت أن السبب فيما حدث هو انفصال الأبوين ومحاولة كل منهما تدليل الأبناء بطريقته كى يكسبه فى صفه وتضيف : " أرسلنا للأب والأم وكانت المواجهة بينهما محزنة جدا بعد أن قام كل طرف بتلفيق التهم للآخر دون النظر إلى حل المشكلة الرئيسية وهى كذب ابنتهم وعلاقتها بالشباب فى مجتمع صعيدى ".

وتضيف أن الاخصائيات حاولن إصلاح ما أتلفه الزمن ومحاولة توفيق الأوضاع بين الأب والأم كى ينظروا إلى مصلحة الأبناء أولا قبل أنفسهم ومحاولة التقرب للطالبة وإرشادها .

وتفجر الأخصائية الاجتماعية بالمدرسة مفاجأة تشير فيها إلى محاولات بعض الطالبات لاستدراج زميلاتهن لإقامة علاقات مع الشباب فتحكى عن قصة طالبة إحدى الطالبات التى تقوم بذلك قائلة : " كانت هذه الطالبة تنتحل حججا لاصطحاب زميلاتها معها مثل تعالى نعدى على تيتة نسلم عليها أو تعالى اطلع فوق أجيب كشكول إلى أن لاحظنا أن الموضوع بيكبر والبنات بدأت تروى لنا قصصا مختلفة حول استدراج هذه البنت للطالبات وفوجئنا أنها تجعلهن صيدا لبعض الشباب , بعدما فوجئنا بهجوم عدد من أولياء الأمور على المدرسة يشكون من محاولة هذه الطالبة لاستدراج بناتهن بعد أن تعرفت على أحد الشباب الذى شجعها على ذلك بمقابل مادى وكروت شحن للموبايل فقمنا بفصلها وانتهى الأمر بإبلاغ الشرطة عنها".


وتحكى أبلة الاخصائية عن قصص تكون فيها الطالبات ضحايا للوالدين ومنها قصة طالبة بالصف الثالث الإعدادى كانت تمر بظروف نفسية سيئة .
وتقول ميس هايدى : " كانت هذه الفتاة محدودة الجمال وكانت أختها الأكبر على قدر عال جدا من الجمال وكان والدهما سيئ السلوك ويتعاطى المخدرات وكان دائما يعامل الفتاة الصغيرة على أنها خادمة لأختها الكبيرة ".

وأضافت : " حاولت الابنة الصغرى أن تثبت لأبيها ولنفسها أنها فتاة مرغوب فيها وذلك بتقليد والدها وعمل علاقات مشبوهة للهروب من الواقع الذى تعيشه وكى تثبت لشقيقتها الأكبر منها والتى كانت دوما ما تثير غضبها بتلك المقارنة وبأنها جميلة والشباب يحاول التقرب منها أنها لا تقل عنها فى شىء".


وتكمل أبلة الاخصائية : " تابعت حالة هذه الطالبة وحاولت إصلاحها إلا أننا فوجئنا بعد فترة بوجود شريط أقراص مخدرة فى ملابسها بعد أن أصيبت بالإعياء نتيجة تعاطيها جرعة كبيرة من المخدر وبعد هذه الواقعة اختفت الفتاة تماما وانقطعت عن الدراسة , وبعدها اكتشفت أنه تم ضبطها وتحويلها للأحداث ".

وأشار عدد من الأخصائيات الاجتماعيات على ضرورة وجود ملف سلوكى يرفق بأوراق الطالب منذ المرحلة الابتدائية من التعليم الأساسى وحتى المرحلة الثانوية وذلك حتى تستطيع المدرسة تقييم حالة الطالب من الناحية السلوكية كما يتم تقييمه من الناحية العلمية .


كما أكدن على أن التكنولوجيا سلاح ذو حدين وأن الجانب السلبى للموبايل بالنسبة للطلاب أصبح ضعف الاستفادة منه وأنه سبب رئيسى فى كل المصائب السلوكية هذه الأيام , حيث تقع بعض حوادث السرقة لشراء كروت الموبايل , كما تقع بعض حوادث يتم خلالها تصوير الطالبات ومحاولة ابتزازهم بهذه الصور .

وطالبن التربية والتعليم بعمل ندوات خاصة بأولياء الأمور من الناحية الثقافية والدينية .



أكثر...