انتقدت أبرز أحزاب المعارضة فى تونس ترشيح مهدى جمعة "51 عاما" وزير الصناعة فى الحكومة الحالية التى تقودها حركة النهضة الإسلامية، لرئاسة حكومة مستقلة يفترض أن تقود تونس حتى تنظيم انتخابات عامة، وتخرج البلاد من أزمة سياسية حادة.

والسبت صوتت 9 أحزاب من أصل 19 حزبا شاركت فى "الجلسة العامة للحوار الوطنى" على ترشيح مهدى جمعة لرئاسة حكومة مستقلة ستحل محل الحكومة الحالية التى يرأسها على العريض القيادى فى حركة النهضة.

ومنذ 25 أكتوبر 2013 يرعى رباعى مؤلف من المركزية النقابية والمنظمة الرئيسية لأرباب العمل "أوتيكا" وعمادة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان "حوارا وطنيا" بين المعارضة، وحركة النهضة وحلفائها لإيجاد حل لأزمة سياسية حادة اندلعت إثر اغتيال النائب المعارض محمد البراهمى يوم 25 يوليو 2013.

وتجرى المفاوضات على أساس "خارطة طريق" طرحها الرباعى الراعى للحوار فى 17 سبتمبر، وقبلت بها المعارضة وحركة النهضة، حيث تنص خارطة الطريق بالخصوص على تقديم الحكومة الحالية التى يرأسها على العريض القيادى فى حركة النهضة استقالتها لتحل محلها "حكومة كفاءات ترأسها شخصية وطنية مستقلة لا يترشح أعضاؤها للانتخابات المقبلة".

وتضبط خارطة الطريق بتواريخ محددة عمل المجلس التأسيسى حتى يصادق على الدستور الجديد لتونس ويشكل "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات" التى ستتولى تنظيم الانتخابات العامة القادمة، ويصدر القانون الانتخابى ويحدد موعد الانتخابات العامة.

وتنص خارطة الطريق على مراجعة تعيينات فى وظائف عليا بالدولة قامت بها الحكومة الحالية التى تتهمها المعارضة باختراق مفاصل الدولة، تمهيدا لتزوير الانتخابات لصالح حركة النهضة، فيما تنفى الحكومة والحركة ذلك، كما تنص على حل "رابطات حماية الثورة" وهى ميليشيات محسوبة على حركة النهضة، قادت أعمال عنف متكررة ضد نقابات وشخصيات واحزاب سياسية معارضة للحركة.

وفى أكتوبر 2012 قتل محسوبون على هذه الرابطات فى مدينة تطاوين "جنوب" لطفى نقض منسق حزب نداء تونس فى المنطقة، والأحد أعلن الباجى قايد السبسى رئيس حزب "نداء تونس"، وهو أبرز حزب معارض فى البلاد، أن ترشيح جمعة لرئاسة الحكومة القادمة لم يؤد إلى "التوافق" المنشود بين الأحزاب السياسية بل "قسم المشهد السياسى إلى شطرين".

وقال "السبسى"، فى تصريحات بثتها إذاعات محلية، إن ممثلى نداء تونس انسحبوا السبت من الجلسة العامة للمفاوضات ولم يشاركوا فى عملية التصويت لأن "الحوار الوطنى انحرف عن اتجاهه الصحيح ودخل فى متاهات أخرى"، وأشار إلى أن الأحزاب التى شاركت فى عملية التصويت "عينت شخصية ليست فى الميزان"، فى إشارة إلى مهدى جمعة، والمعروف بأنه مهندس لم يسبق له العمل فى السياسة قبل تعيينه وزيرا للصناعة فى حكومة على العريض التى تسلمت مهامها رسميا فى 13 مارس 2013.

وقال الباجى قائد السبسى "الشىء الذى يجب أن نصل إليه عبر المفاوضات هو التوافق لكن إن كانت، نتائج الحوار هى تقسيم المشهد السياسى إلى شطرين، فهذه نتيجة غير مرغوب فيها، وليست جيدة ولا أظن أن تونس ستكسب بهذه الكيفية".

وأضاف أن المكتب التنفيذى لنداء تونس سيعقد اجتماعا الخميس المقبل لتحديد ما إذا كان سيواصل المشاركة فى الحوار الوطنى أم لا، وقال رضا بلحاج القيادى فى حزب نداء تونس، فى تصريح لإذاعة "موزاييك إف إم" الخاصة، إن مهدى جمعة الذى ليس له انتماء حزبى معلن "محسوب على حركة النهضة.. والجميع يعلم أنه قريب من حركة النهضة".

وأعلن منجى الرحوى، القيادى فى الجبهة الشعبية "ائتلاف لأكثر من 10 أحزاب يسارية وقومية"، أن التوافق الذى حصل عند ترشيح مهدى جمعة لرئاسة الحكومة القادمة "ضعيف"، وأن الجبهة الشعبية "ما زالت فى المعارضة"، وتحتل "الجبهة الشعبية" المركز الثالث فى نوايا التصويت لدى التونسيين خلال الانتخابات القادمة، وراء كل من "نداء تونس" الأول وحركة النهضة الثانية وفق نتائج استطلاعات رأى حديثة.

وقال المنجى الرحوى، فى تصريح لإذاعة "شمس إف إم" الخاصة، إن مهدى جمعة عضو فى حكومة على العريض "الفاشلة" التى "انتهى أمرها" على حد تعبيره، واعتبر أن الحكومة التى سيشكلها مهدى جمعة "ستكون النسخة الثالثة من حكومة الترويكا" التى تضم حركة النهضة وحليفيها العلمانيين "المؤتمر" و"التكتل".

وبعد انتخابات أكتوبر 2011 شكلت أحزاب الترويكا حكومة ائتلافية برئاسة حمادى الجبال، وهو الأمين العام لحركة النهضة الذى قدم استقالته إثر اغتيال المعارض شكرى بلعيد فى 6 فبراير 2013، وشكلت أحزاب الترويكا، بعد استقالة الجبالى، حكومة ثانية برئاسة على العريض القيادى فى حركة النهضة، تسلمت مهامها رسميا يوم 13 مارس 2013.

وأعلن عصام الشابى، القيادى فى الحزب الجمهورى، الأحد، أن الأحزاب التى شاركت السبت فى التصويت على ترشيح مهدى جمعة ستتحمل مسئولية اختياراتها، لافتا إلى أن الحوار الوطنى لم ينته إلى توافق حول شخصية رئيس الحكومة المستقلة.

وأضاف "الشابى"، فى تصريح نقلته إذاعة "موزاييك إف إم" الخاصة "هذه الحكومة مهما كانت، لن تكون حكومة توافق وطنى، بل هى حكومة نصف الأحزاب التى شاركت فى عملية التصويت فى حين أن النصف الآخر لم يشارك وبالتالى لم يكن هناك وفاق وطنى".



أكثر...