طوال عقود كان ينظر إلى اليهود المتدينين الذين تجاهلوا الحظر الدينى المفروض على زيارة موقع دينى متنازع عليه فى القدس، يعتقد أنه كان يضم معبدا يهوديا قديما باعتبارهم متشددين هامشيين.

لكن قضيتهم اكتسبت دعما بين أغلب اليهود المتدينين والحكومة الإسرائيلية، ما أغضب العديد من المسئولين المسلمين، حيث تتصاعد زيارات اليهود للحرم القدسى الشريف الحساس سياسيا، بينما يضغط نواب إسرائيليون لإنهاء الحظر على صلاة اليهود فى الموقع.


وطلبت إسرائيل من الأردن، التى تدير الشئون الدينية للمسلمين فى الموقع، السماح بزيارات محدودة لليهود للصلاة فى الحرم القدسى.

وأثارت الزيارات غضب الإدارة الإسلامية، التى تتخوف من محاولة إسرائيل زعزعة الوضع القائم، والتعدى على الموقع وكانت توترات مشابهة فى السابق قد تصاعدت وتحولت إلى أعمال عنف دامية.

ويعد هذا الموقع محورا للصراع الدينى بين إسرائيل وجيرانها العرب؛ حيث يعد الحرم القدسى ثالث أقدس موقع دينى بالنسبة للمسلمين، الذين يعتقدون أن النبى محمد صعد منه إلى السماء.


وفى المقابل يعتقد اليهود هذا الموقع أقدس مكان بالنسبة لهم حيث يعتقدون أن معبدين يهوديين كانا فى هذا الموقع قبل ألفى عام، ويسعى اليهود المتدينون إلى بناء معبد جديد فى هذا الموقع.

وخلال الأسابيع الأخيرة، حث كبير الحاخامات فى إسرائيل وحاخام الحائط الغربى اليهود المتدينين على عدم الصعود إلى المسجد الأقصى، الذى يطلق عليه اليهود جبل الهيكل، محتجين بأن اليهود ربما يدخلون بدون قصد إلى المنطقة الأقدس للهيكل القديم، والتى يحظر عليهم أن يطأوها.

وعادة ما يلجأ الزائرون اليهود إلى حيل للتحايل على الحظر الذى تفرضه الشرطة على الصلاة فى هذا الموقع؛ حيث يتظاهر بعضهم بالحديث فى الهاتف بينما يقوم بتلاوة الصلوات، أو غير ذلك.


وقال الحاخام حاييم ريتشمان، حاخام معهد الهيكل الذى يدعم إلى التعبد فى الحرم القدسى "أنا فقط أطالب بالحق فى تحريك شفتى دون أن ينظر إليها شخص ودون الحاجة إلى التصرف كما لو كنت فى معسكر أو أقوم بنشاط تخريبى يجب على إخفاءه، لماذا يجب أن أخرج هاتفى الخلوى وأتظاهر بأنى أتحدث مع شخص آخر عندما أتلو صلوات؟ أنا أقوم بحق من حقوق الإنسان الأساسية".

وتشير أرقام تقول صحيفة ماكور ريشون الإسرائيلية إنها حصلت عليها من الشرطة إلى أن عدد الزائرين اليهود للحرم القدسى قد ارتفع من نحو 5700 شخص فى 2009 إلى 8300 فى 2011، وانخفض الرقم العام الماضى إلى 7800 قبل أن يرتفع مجددا إلى نحو ثمانية آلاف هذا العام.

واحتج المسلمون خلال الأسابيع الأخيرة على ما وصفوها بالانتهاكات اليهودية للموقع، كما حذر العلماء المسلمون من السماح بساعات صلاة منفصلة لليهود والمسلمين فى الحرم القدسى، وهو ترتيب موجود فى الحرم الإبراهيمى فى الضفة الغربية.

وقال عزام الخطيب، مدير دائرة الأوقاف فى القدس، وهى الإدارة الأردنية التى تشرق على الحرم القدسى "لن نسمح بالاعتداء على المسجد الأقصى المبارك، والمسلمون لن يسمحوا بالاعتداء على أقدس مقدساتهم وأعز مقدساتهم المرتبط بالكعبة المشرفة".

وقال الخطيب إن الملك عبد الله الثانى طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو عدة مرات، كان آخرها قبل أسبوعين، بمنع صلاة اليهود فى الحرم القدسى، محذرا من أن هذا يمكن أن يثير مشاعر المسلمين فى جميع أنحاء العالم، لكن المسئولين الإسرائيليين رفضوا التعليق على هذه المحادثات.


وسيطرت إسرائيل على الموقع، الموجود فى المدينة القديمة بالقدس، وبقية القدس الشرقية عندما احتلتها فى حرب عام 1967 ورفعت إسرائيل علمها فوق قبة الصخرة وأعلن قائد عسكرى إسرائيلى فى ذلك الوقت سيطرة إسرائيل على الموقع، لكن العلم أزيل سريعا، واعترفت إسرائيل بإدارة الأوقاف الإسلامية للموقع.


وأصبح الحائط الغربى، وهو من الآثار المتبقية من الهيكل اليهودى الثانى بحسب معتقدات اليهود، والذى يقع أسفل الحرم القدسى موقع العبادة الرئيسى لليهود.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق أرييل شارون قد دخل الحرم القدسى عام 2000 فى محاولة لفرض السيادة الإسرائيلية على المكان، ما فجر الانتفاضة الثانية، التى عرفت باسم انتفاضة الأقصى.

وقتل فى الانتفاضة أكثر من ثلاثة آلاف فلسطينى ونحو ألف إسرائيلى خلال عدة سنوات، ويطالب الفلسطينيون بالقدس الشرقية لتكون عاصمة لدولتهم المستقبلية، ومازال وضع المكان من أكثر القضايا المثيرة للخلاف فى المحادثات الفلسطينية الإسرائيلية.



أكثر...