أكدت دراسة صادرة اليوم عن المركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية الذى يرأسه الدكتور عبد المنعم سعيد أن دعوة حزب "النور" المواطنين إلى التصويت على الدستور بـ"نعم" تؤدى إلى انقسام وتشرذم التيار الإسلامى، ولكنها تحسم –فى الوقت نفسه- أصوات الكتلة الإسلامية المترددة للموافقة على الدستور، مما يدعم الاتجاه نحو التصويت بـ"نعم"، بشكل ربما يفرض مزيدًا من الضغوط على جماعة الإخوان.

وأشارت الدراسة التى أعدتها وحدة دراسات الأمن الإقليمى بالمركز إلى عدد من التباينات والانقسامات التى أصابت التيار الإسلامى بعد ثورة 25 يناير وآخرها الانقسام حول الدستور الجديد بين الفصيلين الأكبر والأقوى وهما الإخوان المسلمين وحزب النور السلفى، واللذان يخيم على العلاقة بين كوادرهما صراع قديم وطويل وعداء فكرى وأيديولوجى، مما جعل حزب النور منذ تأسيسه حريصًا على ألا يكون تابعًا سياسيًا لجماعة الإخوان، وعلى أن تكون مواقفه مغايرة لسياسة الإخوان فى كثير من الأحيان.
وأضافت الدراسة: احتواء الدستور الجديد على مادة تحظر إنشاء الأحزاب على أساس دينى، ما جعل كثيرًا من التيارات الإسلامية تتبنى موقفًا رافضًا له، لأنه –من وجهة نظرها- يقضى على مستقبلها السياسى.. وأيضا نجاح جماعة الإخوان وحلفائها فى إقناع بعض القوى بأن هذا الدستور يلغى الهوية الإسلامية لمصر، وهو ما دفعها إلى انتهاج سياسة معادية للدستور الجديد.

وقسمت الدراسة موقف التيار الإسلامى من الدستور إلى ثلاثة توجهات "التوجه الأول، هو رفض المشاركة فى التصويت، بحجة أنه "دستور انقلابى"، ويمثل هذا الاتجاه جماعة الإخوان المسلمين وبعض حلفائها من السلفيين، إضافة إلى بعض القوى الموجودة داخل ما يسمى بـ"تحالف دعم الشرعية".
والتوجه الثانى، هو المشاركة فى التصويت على الدستور بـ"لا"، وهو التوجه الذى يتبناه حزب مصر القوية بقيادة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ومن يؤيده من المنتمين للتيارات الإسلامية وفى رؤية هذا الفريق، فإن هذا الدستور تجاهل حقوقًا كثيرة للمواطنين، كما أنه لا يعبر عن كافة أطياف المجتمع المصرى.

أما التوجه الثالث، فهو المشاركة فى الاستفتاء على الدستور والتصويت بـ"نعم"، ويمثله حزب النور السلفى والمجموعات المنشقة عن الإخوان المسلمين، وعلى رأسها "تحالف شباب الإخوان"، حيث يرون أن هذا القرار يدعم الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار على الساحة السياسية.

وعددت الدراسة التداعيات المحتملة للانقسام بين القوى الإسلامية حول مسودة الدستور، ومن أهمها انتقال الصراع بين الدعوة السلفية والإخوان من الإطار السياسى إلى الدينى والشرعى، حيث أصبحت جماعة الإخوان وحلفاؤها تتهم الدعوة السلفية صراحة بـ"معاداة الشريعة الإسلامية"، وفى المقابل أصبحت الدعوة السلفية تتهم الإخوان وحلفاءها بـ"الإساءة إلى الإسلام"، بل إن اتجاهًا داخلها يعتبرهم "عبئًا على الإسلام".

ومن هذه التداعيات تعميق فجوة الخلاف السلفى- السلفى، حيث أصبح العداء مستحكمًا بين الدعوة السلفية بالإسكندرية ومؤيديها من جهة، وبين "السلفية الحركية" ومناصريها فى القاهرة من جهة أخرى، وانتقلت الخلافات من دائرة"التباينات الحركية" إلى "الانقسامات العقائدية"، بعد أن صارت "السلفية الحركية" المؤيدة للإخوان تتهم الدعوة السلفية بأنها "انحرفت عن صحيح الإسلام ووقفت ضد الشريعة الإسلامية"، وتضيف الدراسة" وربما تؤدى الفتاوى التى أصدرها بعض شيوخ التيار السلفى، مثل أبو إسحاق الحوينى، عضو مجلس شورى العلماء السلفى، الذى أكد أن "الدستور ملىء بالعوار وتجب مقاطعة التصويت عليه، وعدم الذهاب إلى اللجان نهائيًا، سواء بالرفض أو الموافقة"، إلى تصعيد حالة الانقسام داخل التيار السلفى خلال المرحلة القادمة".



أكثر...