عباس حلمى الثانى بن محمد توفيق بن إسماعيل هو آخر خديوى تربع على عرش مصر والسودان من العائلة الملكية، أكبر أبناء الخديوى توفيق وهو الخديوى الذى انتهج سياسة الإصلاح، لذلك أحبه المصريون كثيرًا، وأصبح عدوا لدودا للإنجليز لانحيازه للمصريين.

ولد بمدينة الإسكندرية عام 14 يوليو 1874، قام بإقالة وزارة مصطفى فهمى باشا بعد عام فقط من توليه حكم مصر، مما تسبب هذا الأمر فى خلاف واضح بينه وبين المندوب السامى البريطانى اللورد كرومر، هذه الواقعة التى جعلت شعبية الخديوى عباس حلمى تزداد فى الشارع المصرى بين الفقراء، حيث هتف باسمه فى مسجد الحسين، وكان هذا الأمر نتيجة لما فعله من تحدٍ واضح للإنجليز، كما قام بعدها بإرسال رسالة إلى إنجلترا مع المندوب السامى يذكرهم فيها بوعد إنجلترا برحليها عن مصر، وأكد فى رسالته إليهم إن هذا الوعد مقيد بشرفها.

لم يتوقف عباس حلمى عن سياساته المتحدية للانجليز، وتحديدا بعدما طالب مجلس الشورى برفض الزيادة التى طالب بها الاعتماد المخصص للجيش البريطانى، كما طالب بتخفيض الضرائب على الأطيان وأراد أن يعمم التعليم، وغيرها من القرارات التى أغضبت الاحتلال، مما جعل محبة عباس حلمى تزداد فى قلوب المصريين.

لم يكن عباس حلمى يقبل أبدا بأى هزيمة سياسية، ففى 15 من يناير عام 1894 قام بعمل زيارة إلى مدينة أسوان، وأبدى أثناء جلسته مع عدد من الضباط، ملاحظات حول عدم كفاءة الجيش البريطانى، هذا الحديث الذى نقله المندوب السامى إلى لندن تسبب فى إثارة جدل واسع هناك، وتناقلت عناوين الصحف أن الخديوى عباس حلمى يعاملهم معاملة الأعداء، وتغيرت نبرة غضب الاحتلال إلى نبرة تهديد بخلع الخديوى، وقتها طالب المندوب السامى عباس حلمى بإصدار أمر عسكرى يثنى فيه على الجيش البريطانى، كما طالبته إنجلترا بتغيير الوزارة الحالية بزعامة نوبار باشا.

فى عام 1906 وقعت حادثة دنشواى التى تبعتها محاكمة للأهالى، وصدرت ضدهم أحكام قاسية بعدها سافر مصطفى كامل إلى انجلترا وشرح الوضع السيئ لمصر للمفكرين الأجانب، بعدها استجابت إنجلترا وعزلت لورد كرومر من منصبه فى 12 أبريل1907.

تعرض عباس حلمى لمحاولة اغتيال، في 25 مايو فى تركيا بينما كان خارجا من مقر السلطان العثمانى على يد شاب مصري يدعى "محمود مظهر" بادر بإطلاق الرصاص عليه. وقال عن الحادثة:حيث قام شاب مصرى يدعى "محمود مظهر" بإطلاق الرصاص عليه، وقال حلمى عن الحادثة:

"شعرت بانقباض صدر قبلها، وعندما رأيت الشاب يصوب المسدس إلى تمكنت من الإمساك بيده الممسكة بالمسدس ودفعه بعيدًا فى الوقت الذى لم يتحرك فيه الحرس إلا متأخرًا وأصابنى بعض الرصاص، ولكن فى مناطق غير مميتة، وتناثرت الدماء على ملابسى وكيس نقودى، ولكنها لم تصل إلى المصحف الذى كنت أحمله، وهذا من لطف الله، وحتى لو وصلت إليه لما مس هذا من قداسته".


ونتج عن حادث الاغتيال تأخر عودة عباس حلمى إلى مصر بسبب هذا الحادث، وتزامن ذلك مع الوقت الذى نشبت فيه الحرب العالمية الثانية، وقد طلب منه العودة إلى مصر، ولكنه تردد فى ذلك. وقد عزله الاحتلال فى 19 ديسمبر 1914، بينما كان فى زيارة لفيينا.


وقد توفى عباس حلمى الثانى ـ آخر خديوى لمصر والسودان ـ فى جينيف بسويسرا فى التاسع عشر من شهر ديسمبر لعام 1944.



أكثر...