"اعتاد منذ صغره أن يجلس فى هذا المكان على ذلك الكرسى الملاصق للباب بجوار والده، يشاهد منظر الميدان الواسع وما به من عربات وخيول مضافا إليها شريط "الترام" الذى كان يعبر من أمام ورشتهم"، ذكريات يسترجعها عم "سعيد إبراهيم" يوميا، وهو يشاهد ميدان باب الشعرية وهو متكئ على كرسيه فى نفس المكان الذى اعتاد الجلوس فيه منذ أكثر من 50 عاما.

ورغم تجاوز عم "سعيد إبراهيم" الـ65 عاما من عمره، فإن ذكرياته مازالت قوية عن تاريخ ورشة الخراطة التى ورثها عن والده والتى بدأ العمل بها بعد أن ترك تعليمه، متفاخر بأنهم أقدم ورشة خراطة فى هذه المنطقة، وأنه قد عاصر جميع الاختلافات التى طرأت على المنطقة"، فيقول: "ورشتى أقدم ورشة فى المنطقة دى يمكن ليها فوق الـ80 سنة، عملها أبويا وأنا اشتغلت معاه فيها بعد ما سبت تعليمى ومكملتش، لأن وقتها محدش كان مهتم بالتعليم زى دلوقتى، والصنعة طول عمرها بتجيب قرش حلو، فعلشان كده سبت التعليم واشتغلت مع أبويا".

"مهنة الخراطة" كما يقول "عم سعيد" هى عبارة عن خرط وتشكيل المعادن على أشكال معينة أو خرمها بشكل معين، ودى بنعملها على كل المعادن، فوظيفتنا هى تشكيل المعادن، بس زمان كانت المخارط بيستخدموها فى الصناعات، لكن دلوقتى اللى عنده حاجة بايظة واتكسرت فيها حاجة بيجيبها المخرطة يخرط حاجة بدل ما يشترى حاجة جديدة.

ومع أول دلفة إلى داخل الورشة يجذبك منظر الماكينات الكبيرة التى يصل عمرها إلى عمر الأجداد، الماكينات دى من أيام أبويا هو اللى جايبها وأنا اشتغلت عليه من بعد أبويا، أحنا ياما عملنا شغل على المكن ده زمان لما كان فيه شغل وكانت ورش الخراطة بتشتغل أحسن من المصانع، لكن دلوقتى كله بيشترى جاهز ومحدش بيروح لمخرطة غير اللى بتبوظ عنده حاجة"، وبالرغم من حالة الكساد الشديد التى تشهدها المهنة فإن لعم سعيد رأى مختلف "المهن القديمة معظمها ماتت مع أصحابها، بس أنا مش راضى أغيرها علشان دى مهنتى ومهنة أبويا ومينفعشى أخرج من توبى".


"عم سعيد الخراط".. نافس المصانع زمان وينتظر الفرج الآن 1.jpg

"عم سعيد الخراط".. نافس المصانع زمان وينتظر الفرج الآن 2.jpg

"عم سعيد الخراط".. نافس المصانع زمان وينتظر الفرج الآن 3.jpg

"عم سعيد الخراط".. نافس المصانع زمان وينتظر الفرج الآن 4.jpg



أكثر...