أجواء حرب في اسرائيل وتدريبات عسكرية خارجية وداخلية وحديث عن غارات على قطاع غزة وشن هجوم على ايران

القدس : 3 تشرين الثاني 2011

أجواء حرب في اسرائيل وتدريبات عسكرية خارجية وداخلية وحديث عن غارات على قطاع غزة وشن هجوم على ايران 299x800-fit.jpg
الصاروخ الاسرائيلي ذاتي الدفع الجديد


تل أبيب، لندن - أجواء حرب في اسرائيل وتدريبات عسكرية خارجية وداخلية وحديث عن غارات على قطاع غزة وشن هجوم على ايران alqudslogo2.gif -
تشير الدلائل سواء في إسرائيل أو بعض البلدان الغربية إلى أن الهجوم على إيران قادم، وأن المسألة هي مسألة وقت لا أكثر. ويؤكد هذا أجواء الحرب التي تعيشها إسرائيل هذه الأيام، وتمثلت أمس بتجريب صاروخ باليستي طويل المدى يصل مداه إلى إيران، أطلق في أجواء البحر المتوسط ضمن تجربة أحيطت بسرية تامة، وكذلك إعلان الجبهة الداخلية عن تدريبات في منطقتي الوسط والجنوب، حول مواجهة احتمالات سقوط صواريخ صغيرة وقصيرة المدى وكذلك طويلة المدى، وكذلك كشف النقاب عن تدريبات أجراها سلاح الجو قبل أيام فوق سماء إيطاليا، وتحديدا في منطقة سردينيا، لهجمات بعيدة المدى، يضاف إلى ذلك الحديث عن اتخاذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك قرار مهاجمة إيران رغم معارضة المؤسسة العسكرية.

وتزامن مع هذه الأجواء أنباء عن وضع الجيش البريطاني لخطة طارئة لعمل عسكري محتمل ضد إيران وسط تزايد القلق من برنامجها للتخصيب النووي كما ذكر صحيفة "الغارديان" في عددها الإلكتروني أمس. وتقول الصحيفة إن وزارة الدفاع البريطانية تعتقد أن الولايات المتحدة قد تقرر التسريع في خطط لهجمات صاروخية موجهة ضد بعض المنشآت الإيرانية الأساسية.

ففي ساعات ظهر أمس أطلق الجيش الإسرائيلي صاروخا باليستيا باتجاه البحر المتوسط، ضمن تجربة حرص على إحاطتها بالسرية ورفض إعطاء تفسير لها. وسمع المواطنون في المنطقة الممتدة من شمال تل أبيب وحتى حدود قطاع غزة في الجنوب دويا هائلا غير مسبوق، ثم شاهدوا في الجو خيطا من الدخان الكثيف بطول كيلومترات. فحسب بعضهم أنه صاروخ إيراني متجه ضد إسرائيل، وحسبه بعض آخر أنه صاروخ متطور من قطاع غزة، بينما اعتقد آخرون أن حربا إسرائيلية ضد إيران قد بدأت. وأغرق المواطنون بدالات الهاتف لوزارة الدفاع ووزارة ومكاتب الجبهة الداخلية والشرطة والصحف الإسرائيلية يسألون بهلع عن ماهية هذا الصاروخ وماذا عليهم أن يفعلوا لضمان أمنهم.

ومع أن وزارة الدفاع اعتادت في الماضي على إصدار بيان منظم حول التجارب الصاروخية فتقول على الأقل اسم الصاروخ وماذا يستطيع أن يفعل، اكتفت الوزارة هذه المرة بالقول إنها تجربة صاروخية ناجحة، مقررة منذ فترة طويلة، ولا علاقة لتوقيتها بالنقاش الدائر في إسرائيل حول الحرب.

وزاد من قلق المواطنين إعلان الجبهة الداخلية عن تدريبات بدأت مساء أمس وتستمر طيلة اليوم في منطقتي المركز والجنوب، حول مواجهة سقوط صواريخ صغيرة وقصيرة المدى، وكذلك طويلة المدى. فحسبوا أنها غطاء لشيء ما، خصوصا بعد أن أطلق عدة وزراء إسرائيليين التهديدات باجتياح قطاع غزة ونقل على لسان أحد كبار الجنرالات الإسرائيليين أن الحكومة منحت الجيش مصادقتها على تنفيذ عملية حربية واسعة في القطاع، "في حال تعرض إسرائيل لهجمة صاروخية كبيرة مثلما حصل في الأسبوع الماضي، عندما أطلقت سرايا القدس وبعض التنظيمات الأخرى 51 صاروخا باتجاه إسرائيل خلال 72 ساعة".

من جهة ثانية كشف النقاب عن تدريبات أجراها سلاح الجو الإسرائيلي قبل أيام فوق سماء إيطاليا، وتحديدا في منطقة سردينيا. وقالت مصادر عسكرية إن هذه التدريبات تركزت على موضوع "قصف أهداف قارّية بعيدة وتنفيذ عملية تزود بالوقود في الهواء".

وجاء إطلاق الصاروخ الباليستي والحديث عن هجوم على غزة في وقت شهدت فيه الساحة السياسية والعسكرية والإعلامية في إسرائيل نقاشات حادة حول شكل الحرب القادمة وإذا كانت هناك حرب كهذه أم لا، لدرجة أن وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، وصف إسرائيل بـ"مستشفى مجانين يواجه خطر انتحار جماعي". وقال ليبرمان إن هناك أناسا بلغوا من المجد قمته كرجال أمن كبار، يتصرفون اليوم كمن يخون الدولة ويضرب مصالحها عرض الحائط. وقصد ليبرمان بهذا رئيس جهاز المخابرات الخارجية السابق، مئير دغان، الذي فجر النقاش في مايو (أيار) الماضي لأول مرة حول الإعداد إسرائيلي للحرب الشاملة.

وكشف أن نتنياهو ووزير دفاعه يحاولان دفع إسرائيل إلى مغامرة جنونية بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران. وقال يومها إن ضرب إيران قد يؤخر تطوير الأسلحة النووية ولكنه لن يوقف الجهود لمشروعها النووي، ودعا إلى الاكتفاء بالعقوبات الدولية وبالعمل على قلب نظام الحكم من الداخل.

وتجدد هذا النقاش في الأسبوع الأخير، بعد أن نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن نتنياهو وباراك اتخذا فعلا القرار لهجوم على إيران رغم معارضة قادة الجيش والأجهزة الأمنية ومعارضة الولايات المتحدة. ونشرت صحيفة "هآرتس"، في عددها أمس، أن نتنياهو وباراك يحاولان إقناع بقية الوزراء بحيوية هذا الهجوم، ولكنهما لم يفلحا حتى الآن، إذ إن أقرب المقربين إليهما يرفضون الدخول في خلاف مع الجيش. وحتى المتطرفون منهم، مثل موشيه يعلون، نائب رئيس الحكومة ووزير الشؤون الاستراتيجية، قال إن هناك الكثير مما يمكن عمله قبل الضربة العسكرية، وإنه يحظر على إسرائيل توجيه ضربة كهذه وحدها من دون شراكة أميركية كاملة. وهم يطالبون بحرب على قطاع غزة؛ انتقاما من التنظيمات التي تطلق الصواريخ باتجاه إسرائيل ومن حماس على مكاسبها في صفقة شاليط.

واعتبر ليبرمان هذه النقاشات خطيرة وجنونية، وقال إنه في القضايا المصيرية، مثل الحرب والسلم، ينبغي اتخاذ القرارات بشكل سري وعدم طرحها للنقاش الجماهيري، "فالجمهور ينتخب القيادة وهي تقرر، فإذا أخطأت يحاسبها في الانتخابات أو حتى قبل الانتخابات بواسطة المظاهرات والإضرابات وغير ذلك من الأساليب الديمقراطية". وادعى ليبرمان أن 99% مما يقال في إسرائيل بهذا الشأن هو مجرد أوهام وتخيلات ولا يمت بِصلة إلى الحقيقة.

وفي لندن يبرر المسؤولون البريطانيون حسب "الغارديان" خطة الطوارئ بالقول إنه في حال قررت الولايات المتحدة المضي قدما في توجيه ضربات لإيران فإنها ستسعى للحصول على المساعدة العسكرية البريطانية وستحصل عليها لتنفيذ أي مهمة، رغم التحفظات التي يبديها بعض وزراء الحكومة الائتلافية (محافظون وأحرار ديمقراطيون).

وخصصت وزارة الدفاع البريطانية فريقا خاصا للنظر في العمل العسكري ضد إيران. وأبلغت "الغارديان" بأن المخططين يتوقعون أن أي حملة عسكرية ستكون بالأساس غارات جوية مع بعض القصف البحري بصواريخ "توماهوك" التي يصل مداها إلى ألف و280 كيلومترا. وبإمكان سلاح الجو البريطاني تزويد الطائرات الأميركية بالوقود جوا إضافة إلى بعض القدرات التجسسية.

وفي إطار هذه الخطة يدرس المخططون العسكريون البريطانيون أفضل المواقع التي يمكن فيها نشر سفن البحرية البريطانية وغواصاتها المجهزة بصواريخ "توماهوك كروز" في الأشهر القليلة القادمة، كجزء من هجوم يدار من البحر والجو. وقالت "الغارديان" إنها تحدثت إلى عدد من مسؤولي وزارة الخارجية والدفاع خلال الأسابيع الماضية، الذين قالوا إن إيران عادت إلى محور الاهتمامات الدبلوماسية، بعد الثورة في ليبيا.

وأعطى مسؤول بريطاني آخر سببا ثانيا للتطور في الموقف البريطاني بقوله إن إيران قد تنجح في الأشهر الاثني عشر القادمة في إخفاء جميع المواد اللازمة لمواصلة العمل في برنامج عسكري سري بداخل ملاجئها المحصنة. وقال إنه "بعد 12 شهرا لا ندري إن كانت صواريخنا ستكون قادرة على الوصول إلى هذه الملاجئ.. إذن النافذة تغلق وتحتاج بريطانيا إلى وضع مخطط معقول". وتابع المسؤول القول: "إن الأميركيين يستطيعون القيام بهذه المهمة بمفردهم، ولكنهم لن يفعلوا ذلك، لذا نعتقد أنهم سيطلبون مساهمتنا".

واستطرد قائلا: "كنا نعتقد أنه كان بالإمكان الانتظار إلى ما بعد الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، ولكننا غير متأكدين الآن، وأمام الرئيس باراك أوباما اتخاذ قرار كبير بهذا الحجم في الأشهر القادمة لأنه لا يريد أن يفعل شيئا قبيل الانتخابات".

لكنّ مسؤولين بريطانيين آخرين قالوا إن أوباما ليس لديه الرغبة لكي يدخل في مشروع عسكري استفزازي قبل انتخابات نوفمبر 2012، غير أنهم حذروا من أن الحسابات قد تتغير بسبب تزايد القلق جراء المعلومات التي جمعتها وكالات الاستخبارات الغربية والموقف المتعنت الذي تتبناه طهران.

وحسب مسؤول رفيع في وزارة الخارجية فإن النظام الإيراني أبدى صمودا مفاجئا في وجه العقوبات، كما أن المحاولات المتطورة من قبل الغرب، لشل برنامجها النووي، لم تتكلل بالنجاح المطلوب.. وأضاف أن "إيران تبدو هجومية، ولسنا متأكدين من السبب"، مشيرا إلى 3 محاولات اغتيال نفذت على أراض أجنبية، وتقول أجهزة المخابرات العالمية إنه جرى التنسيق بشأنها مع عناصر في طهران. يضاف إلى ذلك أن هذه الأجهزة تعتقد أن إيران نجحت في استعادة عافيتها وقدراتها التي فقدتها جراء الهجوم الإلكتروني المتطور عليها في العام الماضي، مثل جرثومة "ستوكس نت" التي يعتقد بأنها طورت في إسرائيل وأميركا، وألحق الضرر بالأجهزة الإلكترونية التي كانت تستخدمها إيران في تخصيب اليورانيوم.