بسم الله الرحمن الرحيم

يسرني أن أستهل أول مشاركاتي هنا ، في موقعكم الموقر .. بأن أنشر تاريخ قبلتنا العريقة

بني عامر الدوسية ، ولاء منا وحبا ووفاء للآباء والأجداد ونقش للأبناء والأحفاد ، وللباحثين والرواد ...

"نسب وتاريخ قبيلة بني عامر الدوسية في فلسطين "

النسب : تنسب بني عامر في فلسطين ، إلى الصحابي الجليل أبو هريرة بن عامر الدوسي
رضي الله عنه ، وهو صحابي غني عن التعريف ، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وحليف بني أمية ..

نسب أبو هريرة رضي الله عنه :
نسب الصحابي الجليل أبو هريرة الدوسي :

هو عبد الله بن عامر بن عبد ذي الشري بن طريف بن عتاب بن أبي صعب بن منبه بن سعد بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران ...
المولد: ولد في اليمن عام 599م
أمه: هي أميمة بنت صفيح (صبيح) بن الحارث بن أبي صعب ، خاله : سعد بن صفيح (صبيح) بن الحارث بن أبي صعب الدوسي .
زوجته: بسرة (يسرة) بنت غزوان وهي أخت الصحابي المشهور عتبة بن غزوان
زوج ابنته : سعيد بن المسيب من بني مخزوم ومن أولاد سعيد محمد بن سعيد بن المسيب (عالم بالأنساب) ..
أولاده :
المحرز ، عبد الرحمن ، بلال
أحفاده :
عبد الرحمن بن بلال بن أبي هريرة (محدث)
نعيم بن المحرز بن أبي هريرة
أخوه :
كريم بن عامر بن عبد ذي الشري .
إبن عمه :
أبو عبد الله الأغر
خاله :
سعد بن صبيح بن الحارث بن سابي بن أبي صعب بن هنية (جمهرة أنساب العرب /ابن حزم)
وفاته:
توفي أبو هريرة سنة 59هجرية ، في عهد خلافة معاوية بن أبي سفيان توفي أبو هريرة بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) بـ47سنة ، ودفن بالبقيع سنة 676م /59ﻫ
(كتاب الأنساب للصحاري ،ص225)

وإليه ذريته تنسب قبيلة بني عامر الدوسية ، وتوجد في منطقة شمال سيناء ، وفي فلسطين
وتنقسم أو تتفرع حاليا إلى نحو 90 عشيرة ، وهي من أعرق قبائل فلسطين خاصة والشام عامة
نسبا وحسبا ، ولا يكاد يخلو تجمع أو حي من أحيائهم إلا و به مسجدا سمي إلى إسم جدهم
الصحابي الجليل أبو هريرة الدوسي ، وهذه العشائر تتجمع تحت فرعين كبيرين ، فرع المزاريع وفرع الغوانمة ، وحسب روايات كثيرة ،بأن فرع المزاريع هم أحفاد الصحابي الجليل عامر بن الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه ، وأن فرع الغوانمة هم من ذرية الصحابي الجليل أبو هريرة الدوسي رضي الله عنه ، ولكن غلب عليهم جميعا ذرية الصحابي أبو هريرة (رضي الله عنه ) وذلك بسبب نشأة أولاد عامر بن الطفيل رضي الله عنه ، بعد استشهاد والدهم في معركة اليرموك ، في حجر ابو هريرة وتربيته لهم منذ صغرهم ، ويذكر أن عامر شهيد معركة اليرموك ، وأن والده الطفيل بن عمرو شهيد في معركة اليمامة ، وابن عامر (جندب ) استشهد في معركة اليرموك بعد استشهاد والده
عامر سيد قبيلته ..



هجرة دوس :
جاء في معجم البلدان أن دوس رهط أبي هريرة هاجرت نحو نهامة (معجم البلدان لياقوت الحموي ص5/36) وذكر معها هجرة قبائل أخرى كلهم من قبائل نصر بن الأزد وهم قبائل كثيرة منهم غامد وبارق وأحجن والجنادبة وزهران وغيرهم هاجروا جميعا نحو تهامة فأقاموا فيها ، وجاء في كتاب الأنساب للصحاري أن عمرو بن فهم رهط أبي هريرة أنهم بالحجاز (الأنساب للصحاري ص1/225) .
أرض أبو هريرة :
ورد ذكر لها في كتاب تاريخ المدينة ، حيث يحدها أرض عاصم بن عدي بن العجلان (تاريخ المدينة ص160)
قبيلة دوس حلف بني أمية وأصهارهم :
جاء في كتاب نسب معد واليمن للنسابة ابن الكلبي ما نصه :" أُزيهر بن أَنيس بن الحلسق بن مالك، وكان عدادهُ في دوس، فقيل الدَّوسيّ، وكان حليفاً بمكة لأبي سفيان، صخر بن حرب، فزوَّج ابنته عُتبة بن ربيعة، وزوَّج الأخرى الوليد بن المُغيرة؛ وزوَّج ابنته عائكة أبا سفيان، فولدت له مُحمَّداً، وعنبسة؛ قتلهُ هشام بن المغيرة بذي المجاز. (نسب معد واليمن الكبير ،ابن الكلبي مصدر الكتاب : موقع الوراق ص1/113)
وجاء في كتاب تاريخ المدينة أن زوجة عثمان بن عفان رضي الله عنه وهي أم عمرو بنت جندب بن عمرو بن حممة بن الحارث بن رفاعة بن سعد ابن ثعلبة بن لؤي بن عامر بن غنم بن دهمان بن منهب بن دوس من الأزد ، وأولاده منها عمرو وخالد وأبان وعمرو ومريم (تاريخ المدينة موقع اليعسوب ص3/953)
وجاء أيضا ومن بني ثعلب بن مالك بن سالم: رفاعة بن عمرو بن زيد بن عمرو بن ثعلبة، وعامر ويقال عمرو بن سلمة بن عامر حليف لهم من اليمن. رجلان. (الكتاب : الدرر في اختصار المغازي والسير المؤلف : ابن عبد البر مصدر الكتاب : موقع الوراق ص1/31)
وذكر أن دوس كانت حلف قديم مع سفيان بن حرب في الجاهلية حسبما جاء في كتاب أنساب الأشراف
وجاء أيضا أيضا في كتاب أنساب الأشراف أن معاوية بن أبي سفيان كان قد أرسل النعمان بن بشير الأنصاري ، وأبي هريرة رضي الله عنه ، إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، لمطالبته بتسليم قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ثم أرسل أبو هريرة رضي الله عنه إلى الشام من طرف معاوية ليعلم الناس ما دار بين معاوية وعلي رضي الله عنهما (أنساب الأشراف ، موقع الوراق ، ص1/364)
وجاء في كتاب الدولة الأموية أن أبو هريرة كان قاضيا في المدينة المنورة زمن خلافة معاوية بن أبي سفيان
(الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار للمؤلف علي محمد الصلابي)
وقد جاء في كتاب البيان المغرب في تاريخ الأندلس ، أنه في سنة 132هجرية كانت الوقعة التي هزم فيها الأمويون ومع أبي هريرة وفتح العباسية للكوفة (وهنا يقصد أولاد أبو هريرة ، لأن أبو هريرة توفي سنة 59هجرية ودفن في المدينة المنورة) (البيان المغرب في تاريخ الأندلس والمغرب لابن عذارى، موقع الوراق ص1/25)
وجاء أيضا في كتاب أنساب الأشراف أن محمد بن يعقوب بن سلمة قتل رجالا من أولاد أبي هريرة في الفتنة
ذرية أبو هريرة في مصر والشام :
ذكر الصحاري في كتابه عن عامر ابن الطفيل الدوسي بأن عقبه إلى اليوم في فلسطين. (الأنساب : الصحاري مصدر الكتاب : موقع الوراق ص1/240) ، ومما لاشك فيه أن ذرية عامر بن الطفيل وذرية أبو هريرة رضي الله عنهما في جماعة أي قبيلة واحدة حيث يتلازم عامر بن الطفيل وأبو هريرة في الكثير من المواضع ، فقد تتكرر ذكرهما سويا حيث جاء في كتاب الأنساب ما نصه " دوس من الأزد منهم الطفيل بن عمرو الدوسي وأبو هريرة في جماعة (الأنساب ، موقع يعسوب ص4/164)
وجاء أيضا ذكر الطفيل بن عمرو مع أبو هريرة رضي الله عنه في الأنساب للصحاري ص1/225 ، وجاء اسم الطفيل بن عمرو مقترنا مع أبو هريرة في كتاب تاريخ المدينة المنورة ذكرهما في ركب من شنوءة الأزد بعد غزوة الحديبية (تاريخ المدينة المنورة ، ص1/122)
كما ورد اسميهما سويا في ذكر وفد الطفيل بن عمرو الدوسي قال وفيهم أبو هريرة (تاريخ المدينة ص1/123) وجاء في مختصر تاريخ دمشق لابن منظور أن أولاد أبو هريرة كانوا يسكنون في الشام ، حيث ورد على لسان المحرر بن أبي هريرة أنه روى : " دخل على أبي وأنا بالشام ، فقربنا إليه عشاء عند غروب الشمس ، فقال عندكم سواك ؟ قال : قلت نعم ، وما تصنع بالسواك هذه الساعة ؟ قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينام ليلة ولا يبيت حتى يستن " (مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ص219) وهذا الحديث يدل على أنهم يسكنون الشام فبات أبو هريرة تلك الليلة عند ولده المحرر .
كما ورد إسم أبو عامر الدوسي بعثه عمرو بن العاص رضي الله عنه وحمله كتاباً إلى القائد أبو عبيدة بن الجراح في فلسطين (فتوح الشام للواقدي ط1417ﻫ، ص20) قلت وذاك كان في أوائل الفتح الإسلامي لفلسطين ، أما في عام 750م حين هزمت بني أمية وفر الأمويون إلى مصر وقتل مروان في قرية بالصعيد فقد كان معه أحدا من ذرية أبو هريرة ، فقد ورد في كتاب معجم البلدان للياقوت الحموي أن هناك قبرين في القاهرة لابنين لأبي هريرة ولا أعرف اسميهما (معجم البلدان ص5/143) وقد ذكر أن هناك قبرا في قرية يبنة قرب الرملة قيل لأحد ذرية أبو هريرة ، وقيل غير ذلك ، وفي هذا المكان كان قد قتل العباسيين 80 رجلا من أحلاف بني أمية وقيل بضعة وسبعون وقيل تسعون ..وقد قتلوا قرب الرملة عند نهر يدعى نهر أبو فطرس وربما هو أبو بطرس إسم من أسماء المسيحية (الروم) (تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام ، الذهبي ، دار الكتاب العربي. بيروت 1407هـ - 1987م. ط1. تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمري، ص340)
أما عن أولاد أبو هريرة رضي الله عنه ، فقد ورد لهم ذكر في كتاب الأنساب للصحاري مرجع سبق ذكره ، حيث أورد أن لأبي هريرة من الأولاد المحرر بن أبي هريرة ، وعبد الرحمن بن أبي هريرة ، وبلال بن أبي هريرة ، ومن أحفاده ذكر بلال بن عبد الرحمن بن أبي هريرة بن عامر ، ونعيم بن المحرر بن أبي هريرة بن عامر ، كما ذكر المؤلف في نفس الصفحة أخا لأبي هريرة وهو كريم بن عامر ، وذكر أيضا ابن عم له وهو الأغر أبو عبد الله .(الأنساب للصحاري ص225)
ولأبي هريرة ذرية في الأندلس أيضا ، حيث جاء ذكر لأحد الفقهاء وهو يوسف بن يحيى بن يوسف (الأندلسي) أبو عمر المغامي الأزدي من ذرية أبي هريرة ، فقيه من علماء المالكية ، من أهل مغام بطليطلة ، نشأ بقرطبة وأقام مدة بمصر ورحل إلى مكة وصنعاء ، ودرس بها ، وتوفي في القيروان من كتبه (فضائل عمر بن عبد العزيز) و فضائل مالك ، والرد على الشافعي عشرة أجزاء.
ومن رهط أبي هريرة أيضا العلامة الراوية أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية بن حنتم بن الحسن بن حمامي بن جزء بن واسع بن وهب بن سلمة بن حاضر بن أسد بن عدي بن مالك بن عمرو بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان. (جمهرة أنساب العرب ، لابن حزم، ص 1/157) ولد أبو بكر سنة 225ﻫ ومات سنة 321ﻫ (الأنساب للصحاري ،1/245)
قصة القافلة وتفرق الحلف :
كانت قبيلة بني عامر جزء لا يتجزأ من حلف أزدي يماني قحطاني ، يتكون من عدة قبائل تنتمي إلى طيء وجذام وبلي ولخم وثعلبة وقضاعة ، ظل هذا الحلف حتى نهاية العصر المملوكي ثم أصيب بعدة ضربات وهزات داخلية وخارجية أدت إلى انهياره ، وتجزئته إلى عدة أحلاف كما تفيد المصادر إلى تنقله جغرافيا ما بين مناطق مصر والشام .
وهناك عوامل كثيرة ومعقدة أدت إلى انهياره وتناحره فيما بينه ، ولقد عرفنا بعض أسباب ذلك ، إلا أننا ومن خلال قراءتنا المعمقة للفترات التاريخية لتلك الحقب ، وجدنا علامات استفهام كثيرة ، حول أسباب مجهولة أدت إلى نشوب خلافات حادة بين أقطاب هذا الحلف ولعل الحرب التي وقعت بين قضاعة وجذام من جهة ، وبين ثعلبة وقضاعة من جهة ثانية من أهم تلك الوقائع المعقدة ..
بادئ ذي بدء هناك قصة مروي عنها في موروث قبيلة بني عامر ، هي قصة العدوان على القافلة السلطان المملوكي ، فبعد تقصي المعلومات التاريخية حول وقائع هذه الحادثة ، وجدت هناك عشرات الحوادث من النوع ذاته ، ولكن حينما تم التركيز على فصول الرواية المتوارثة في قبيلة بني عامر ، تم اختيار فترة زمنية محددة وقعت فيها هذه القصة وهي من (1350-1370) ففي العشرون عاما الواقعة بين الفترة المشار إليها هو تاريخ وقوع الحادثة
التي يتحدث عنها أبناء قبيلة بني عامر ، ونص الرواية كاملا كما يلي :
(( كان هجانة من قبيلة بني عامر ، فرع المزاريع يتزعمهم المليحي أوقفوا قافلة قرب السويس قادمة من الشام ومتجهة إلى القاهرة ، وطلب المليحي الرسم ، وكان الرسم عبارة عن نقود يتم جبايتها بناءاً على الحمولة ، ولكل نوع من السلع والبضائع مبلغاً من المال يسمى رسم أو مكس أو ضريبة ، إضافة إلى أجرة يتقاضها الهجانة مقابل خدماتهم كسقاية القافلة من آبار المياه وأدلة الطريق والحراسة ، وعندما طلب المليحي رسم كلاب السلقا وهي نوع من الكلاب الضامرة سريعة الجري ، فرفض أمير القافلة ذلك معللاً عدم وجود رسم لها، وأصر المليحي على جباية الرسم ، واستمر الأمير في رفضه ، فأمر المليحي الهجانة بضربه فدفع المال عنوة ، فعندما وصلت القافلة إلى القاهرة ، أبلغ الأمير السلطان بذلك ، فأرسل السلطان إلى حراس القوافل يطالبهم بالاعتذار ورد المال ، فذهبت القبائل التي كانت متحافلة مع بني عامر إلى السلطان ، ولم يذهب معهم بنو عامر ، فقال الوفد إن الذي فعل ذلك هم هجانة بنو عامر وقد رفضوا القدوم معنا ورفضوا الاعتذار ، فتوعدهم أمام الوفد بالانتقام ، وأمر أمير جيشه بالتوجه إليهم ، وعندما عاد الوفد من هناك أبلغوا بني عامر بنية
السلطان ، فهرب هجانة بني عامر إلى غزة ، وعندما وصل جيش المماليك وباشر بالبحث عنهم ، وكان يسأل الهجانة الذي يصادفهم في الطريق ، فلجأ هجانة بني عامر الذين كانوا في سيناء إلى استخدام لقب الملالحة وإنكار بني عامر ، وهم فعلا كانوا يتاجرون بالملح وقد ساعدتهم هذه التجارة على استخدام هذا اللقب ، وكانت هذه الحادثة الضربة القاضية للحلف الذي كانت بني عامر جزء منه ، فلم يعد لها بعد ذلك أي دور في طرق الحج والقوافل ، فكانت المدة التي قضتها قبيلة بني عامر داخل هذا الحلف حوالي 200سنة .
واعتزلت بني عامر في سيناء بعد هذه الحادثة كافة الأحلاف ، فأما المزاريع الذين دخلوا غزة فقد أعلنوا ولائهم لمماليك الشام ، وكانت غزة جزء لا يجزأ من سيطرة مماليك الشام
وبينهم وبين مماليك القاهرة مشاكل كثيرة ومناوشات عديدة وتنافس حاد ، ومن أنواع ذلك قبيلة جذام المدعومة من مماليك مصر ، وقبيلة قضاعة وأحلافها والمدعومة من مماليك الشام، وهنا دخل(المزاريع) بني عامر الذين هربوا من سيناء في حلف قضاعة ، وشنوا حربا على الغوانمة وهم البطن الثاني من بني عامر الذين كانوا في سيناء وتسموا بلقب الملالحة وقد انتصر المزاريع في هذه الحرب وانكسر الغوانمة إلى الأبد وكانت هزيمتهم يوم الأربعاء
ولا زال الغوانمة حتى اليوم يتشاءمون من يوم الأربعاء فكانوا لا ينزلون إلى الأسواق ولا يخرجون من بيوتهم ولا يتزوجون ولا يغنون ولا يفرحون ولا يتجمعون ، فكان كل واحد منهم يجلس في بيته طوال هذا اليوم)) .
وبعد ذلك كانت الحرب الكبرى بين حلف قضاعة وحلف جذام ، وكان المزاريع في حلف قضاعة وفي هذه الحرب انتصرت قضاعة واستبدت بحكم سواحل فلسطين ونفت جذام من غزة ورحلت إلى سيناء ..
ثم جاءت حرب الأتراك ضد المماليك واكتسح الأتراك الشام ثم مصر ، وبذلك انتهى المماليك فهاجر بعد ذلك بعض عشائر من الغوانمة إلى أبناء عمهم المزاريع في الشام ، وسيطروا على أراض واسعة هناك ..
أما أرض المزاريع فكانت في بدايتها قرية سكرير وقد اقتطعها لهم مماليك غزة ، ومساحات واسعة قرب روبين وجنوب يافا .
ونأتي الآن على ذكر ما جاءت به كتب التاريخ ، من أدلة تؤيد صحة رواية قبيلة بني عامر :
أولا حول زعامة المزاريع :
جاء في عدة كتب ومؤلفات أن مزروع بن نجم وذكر لخم كان أميرا في جماعة كثيرة من جذام وثعلبة في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب (نهاية الأرب في معرفة الأنساب العرب، القلقشندي ص141) وذكره أيضا (قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان) وكان ذلك سنة 1250م ويذكر أن السلطان صلاح الدين وسّع لثعلبة في بلاد جذام (قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان) أي أنه أسكنها في بلاد جذام ..
وجاء أيضا في كتاب موسوعة إعلام سيناء ، حاتم عبد الهادي السيد ما نصه :
" قبائل بن عامر كانت تحمي قوافل الحج من الممرات حتى الخليج "
ثانيا حول الرسم :
رسم ابن المليحي مائتا دينارا (كتاب المواعظ والاعتبار1/132) وقيل ابن المليحي مسند القراء في الديار المصرية (شذرات الذهب في أخبار من ذهب ، ابن العماد 5/372)
ثالثا حول الاعتداء على القافلة :
أن هناك حادث مماثل وقع عام 713ﻫ/1334م وهو يقترب كثيرا من تاريخ الرواية حيث جاء في كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ، ما يلي "
في 22رجب713ﻫ ، بعث السلطان عدة من الأمراء حتى أمسكوا طريق السويس وطريق الواحات فضبط البرين على العربان وفعل بالعربان أفعالاً عظيمة من القتل والأسر (2/485 الموسوعة الشاملة ، النجوم الزهرة )
وجاء أيضا في نفس المرجع السابق أن السلطان جقمق جهز الأمير سودون المحمدي وندبه أيضا لقتال عرب بلي وصحبته جماعة من المماليك السلطانية ، وعرب بلي هؤلاء هم الذين فعلوا بالحجاج ما فعلوه في موسم السنة الخالية (المرجع السابق ،4/249)
رابعا حول تجارتهم بالملح :
ذكرهم المقريزي باسم العربان ، قائلاً " وهناك تل عظيم من رمل خارج في البحر الشاميّ يقطع الفرنج عنده الطريق على المارة، وبالقرب من التل سباخ ينبت فيه ملح يحمله العربان إلى غزة والرملة، وبقرب هذا السباخ آبار يزرع عندها مقاثي لعربان تلك البوادي.( المواعظ والاعتبار،المقريزي ، موقع الوراق 1/228) وهذا ينطبق تماما مع رواية بني عامر ، كما أنهم كان يطلق على تجمعاتهم العربان والعرب ، وهم كانوا ينزلون الرملة وغزة ويحملون إليها الملح على ظهور الإبل ، ولهم أراض وجماعة في قضاء غزة والرملة وجنوب يافا ، كما أنهم زراع المقاثي ومفردها مقثاة ولا أحد يزرعها سواهم حتى اليوم .
وقد كانت تجارة الملح مربحة حيث جاء في كتاب السلوك "سنة 720هجرية يوم الأربعاء سادس ربيع الأول وفيه أبطل مكس الملح بديار مصر، فأبيع الأردب الملح بثلاثة دراهم بعدما كان بعشرة، فإنه كتب إلى الأعمال ألا يمنع أحد من شيل الملح من الملاحات، وأبيحت لكل أحد، فبادر الناس إليها وجلبوا الملح" .( السلوك لمعرفة دول الملوك ، المقريزي موقع الوراق ص421)
والجدير ذكره أن تجارة الملح هي من حرفة أهل البادية منذ القدم ، حيث جاء في كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ما نصه :" والملح من المواد التي تاجر بها الجاهليون, وتوجد معادنه في مواضع متعددة من جزيرة العرب. وقد كان بعضهم يستحضره من المياه المالحة، ومنهم من كان يستخرجه من مناجم تُحفَر، فيستخرج منها. وقد ذكر "الهمداني" أسماء مواضع وجدت فيها معادن الملح, وقد أشير في "المسند" إلى الملح وإلى الاتجار به، وإلى وجود كيَّالين كانوا يكيلونه ويرسلونه إلى الأسواق لبيعه فيها. ومن أشهر مواضع الملح في اليمن: جبل الملح في بلاد مأرب، وهو ملح صافٍ كالبلور، وكان النبي قد أقطعه "الأبيض بن جمال". وقد استغل التجار "مكر" في العربية الجنوبية تجارة الملح، فأخذوا يستغلون مناجمه، ويحملونه منها قوافل إلى الأسواق.( المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام، الدكتور جواد علي ، دار الساقي ، الطبعة الرابعة 1422هـ/ 2001م ، موقع مكتبة المدينة الرقمية ص210-211) ويفهم من هذا النص أن تجارة الملح ونقله وبيعه تجارة قديمة لم يحترفها إلا قبائل أصيلة جذورها ضاربة في التاريخ ..

حلف تنوخ :
تنوخ حلف يماني قديم ، دخلت فيه قبيلة دوس التي منهم أبو هريرة رضي الله عنه ، وقال ابن عبد ربه أبو الفداء : تنوخ من قبائل قضاعة (1) وقال ابن سعيد: ومن الناس من يطلق تنوخ على الضجاعمة ودوس الذين تتنخوا بالبحرين ، وكانت تنوخ تقيم بحاضر حلب، وبالمعرة، جمعهم المستكثر.
وقال أبو عبيد: هم ثلاثة أبطن: نزار، والاحلاف، وفهم، سموا بذلك لانهم حلفوا على المقام بمكان الشام ، وفهم هي التي منها أبو هريرة رضي الله عنه ..
قال الصحاري : في رواية قصة طويلة لأولاد مالك بن فهم الذي منهم أبو هريرة رضي الله عنه ، أنه دخل في تنوخ وأنهم أخوالهم ، والسبب في هذا الدخول واقعة قتل خلالها سليمة بن مالك بن فهم أبوه ..
قال الصحاري ، فولد مالك بن فهم بن غنم بن دوس ، ثعلبة فدخل ثعلبة في تنوخ (2) .. وقال : وخرج مراغم عند اخواله، من تنوخ. فصار فيهم، وسارت تنوخ بأجمعها، حتى لحقت بجذيمة الابرش بن مالك بن فهم، وهو يومئذ ملك الحيرى. ثم انتشروا من بعد ذلك إلى الشام والجزيرة فتفرقوا بها ..(3)
وقال ابن حزم : وجميع قبائل العرب هي أسماء، ما عدا ثلاث قبائل، وهي: تنوخ، والعتق، وغسان (4) فهي من عدة أحلاف مجتمعة ، أي أن تنوخ والعتق وغسان هي ألقاب لا أسماء أنساب ، أي أن تنوخ ليس إسم لشخص ينتسب إليه بل هو لقب لعدد من البطون تحالفت ..
فكلمة تنوخ : تعني المقام ، وسموا بذلك لأنهم حلفوا على المقم بمكان بالشام ، والتتنخ المقام .. ومن الناس من يطلق تنوخ على الضجاعمة ودوس الذين تتنخوا بالبحرين (5)
المراجع
(1) معجم قبائل العرب
(2) ، (3)الأنساب للصحاري
(4)جمهرة أنساب العرب
(5) نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب ، القلقشندي