بقلم الدكتور العزيز يوسف حميتو




بصمات المرأة الامازيغية في التاريخ

تؤكد الدراسات الأنتربولوجية الحالية المكانة التي تبوأتها المرأةالأمازيغية في مجتمعها عبر العصور التاريخية إذ كانت تتمتع بحرية واسعة وتحظىبمكانة مشرفة تليق بها. ومما يؤكد ذلك أن الأسرة الأمازيغية هي أسرة أميسية. فكلمة «تمغارت» تعني الزعيمة ومذكرها «أمغار» الذي يعني الزعيم، وإلى المرأة ينتسبالأبناء. فكلمة «كما» بمعنى الأخ تعني ينتسب إلى أمي ونفس الشيء بالنسبة لكلمات «أولت ما» ـ أيت ما» ـ إيست ما». ومن الأوصاف التي اشتهرت بها المرأة الأمازيغيةالعفة والتضحية والشجاعة والمشاركة في شتى أمور الحياة.
وسأسوق أمثلة احتفظت بهاالمصادر التاريخية للمرأة الأمازيغية المثابرة على سبيل المثال وليس على سبيلالحصر:
1ـ في العصر القديم:
ـ النساء الأمازونيات والكوركونات بشمال إفريقياوقد أورد المؤرخ ديودور الصقيلي الذي عاش في القرن الأول أسطورة إغريقية تتحدث عنالنساء الامازونات وتعني بالإغريقية عديمات الثديين. وتقول الأسطورة:
كان هناكمجتمع تحكمه النساء نمط عيشه يختلف تماما عن المألوف. فلقد كان العرف يقضي على تلكالنسوة التعاطي للأنشطة الحربية. لقد كن مجبرات على أداء الخدمة العسكرية مع الحفاظعلى بكارتهن وبعد انتهاء سنوات الخدمة العسكرية يمكنهن الاقتراب من الرجال لإنجابالأولاد وفي نفس الوقت كن يتابعن ممارسة السلطة وإدارة الشؤون العامة. أما الرجالفقد كانت وضعيتهم شبيهة بوضعية النساء الإغريقيات وستقوم الأمازونات بمحاربة الشعوبالمجاورة خصوصا الكوركونات والأنطلنتس ثم سيغزون مصر والشرق وآسيا الصغرى حيثسيهزمن أمام شعب تراس الذي أجبرهن للعودة إلى وطنهن شمال إفريقيا وكانت الأمازوناتيرتدين جلود الأفاعي ذات الحجم الكبير.
أما الكركونات فقد تحدث عنهن الرحالةالقرطاجي “حانون” في رحلته إلى السواحل الجنوبية للأطلسي في القرن 5ق.م وكذلكالمؤرخ “بلينيوس الأكبر” حين تحدث عن القرن الغربي المواجه لجزر الكناري.
ـالملكة الأمازبغية البطلة “دهيا الأوراسية” الملقبة في المصادر العربية بـ”الكاهنةالداهية البربرية”، والتي عرفت بشدةبأسها وقوتها فقاومت الرومان وهزمتهم في أكثرمن موقع كما تصدت للجيوش العربية فانتصرت على القائد العربي حسان بن النعمان وحكمتوطنها مدة عشر سنوات وعرفت في حربها مع العرب بسياسة الأرض المحروقة وهاجمها حسانبن النعمان مرة ثانية سنة 82ه وقضى عليها في موضع يعرف ببئر الكاهنة بجبال الأوراس. وقد أعجب الكتاب الغربيون ببطولاتها فكتبوا عنها روايات تخلد لشجاعتها وبسالتها إذأصدرت magali boisnard سنة 1925 رواية بعنوان le roman de la kahena d’après les anciens ****es arabes وصدرت سنة 1990 رواية بطلتها دهيا الملكة الأمازيغية.
2 ـفي العصر الوسيط:
ـ كنزة الأوربية ابنة زعيم قبيلة أوربة الأمازيغية التي تزوجتمن إدريس الأول العلوي الفار من بطش العباسيين. وقد لعبت هذه المرأة دورا هاما فيإرساء قواعد الدولة الإدريسية خاصة بعد وفاة زوجها إدريس الأول حيث أظهرت تفوقاكبيرا في حسن الإعداد لولدها إدريس الثاني ليتحمل عبء الدولة، بل سيمتد نصحهاوحكمتها إلى التدخل في الحالات الحرجة .
ـ الأميرة زينب تانفزاويت من قبيلةهوارة الأمازيغية كانت أرملة أمير أغمات وتزوج بها الأمير أبو بكر اللمتوني وقدلعبت دورا بارزا وحاسما على مسرح الإحداث السياسية للدولة المرابطية وكان لها تأثيرفي توجيه تلك الإحداث. فقد كانت صاحبة نقل الإمارة والسلطة من أبي بكر وتتزوجهايوسف بن تاشفين. كتب عنها الأستاذ محمد زنيبر مسرحية تاريخية بعنوان (عروس أغمات) دار النشر المغربية سنة 1991.
ـ البطلة فانو بنت الوزير عمر بن يانتان المرابطيةالصنهاجية من قبيلة لمتونة التي قامت بدور مهم في الدفاع عن مدينة مراكش وحالت دوناستسلام الأمير اسحاق بن علي المرابطي للموحدين حتى لا يدخلوا مدينة مراكش ودافعتببسالة عن قصر الحجر حتى قتلت سنة 545ه ودخلوا القصر.
ـ الأديبة زينب ابنةالخليفة يوسف بن عبد المومن الموحدي التي كانت عالمة بعلم الكلام و أصول الدينصائبة الرأي فاضلة الصفات، فهي المرأة الموحدية النموذج فكرا وسيرة ومذهبا ونزوعا،كتب عنها الشاعر علي الصقلي مسرحية شعرية تحت عنوان (الأميرة زينب).
ـ الأميرةالمرينية للا عودة: هذه المرأة الزناتية التي إستطاعت أن تكون سفيرة وديبلوماسية فيإسطامبول عاصمة الدولة العثمانية التركية أيام السلطان أبي سالم المريني.
3 ـ فيالعصر الحديث:
ـ السيدة الحرة حاكمة تطوان وهي عائشة بنت الأمير علي بن راشدالحسني تزوجت من القائد أبي الحسن المنظري حاكم تطوان وبعد وفاته تولت حكم المدينةلمدة 30سنة ابتداء من سنة 1529م ثم تزوجت ثانية بالسلطان أحمد الوطاسي زواجا سياسياوقد اتصفت بكونها قائدة للجهاد ميالة إلى الحروب وقد كتب عنها عبد القادر العافيةكتابا بعنوان “أميرة الجبل الحرة بنت علي إبن راشد” سنة 1989.
ـ السيدة يطو زوجةالشيخ رحو بن شحموط وقد عرف اسمها في المصادر البرتغالية لكونها السبب في مقتلالضابط البرتغالي المتجبر “نونوفرنانديش” الذي أتصف بكثرة غاراته على دواوير قبيلةدكالة. وفي إحدى غاراته على دوار من أولاد عمران تمكن من الظفر بغنائم كثيرة وأسرىمن بينهم “يطو زوجة الشيخ”. ولما عاد الشيخ وجد البرتغاليين المغيرين فبادر إلىمطاردتهم ونصب لهم كمينا فتمكن من قتل قائد الحملة وفتك بأغلب القوات البرتغالية. فرجع الشيخ منتصرا مستردا زوجته والغنيمة كلها .
ـ السيدة للا لو بنت السلطاناحمد الوطاسي والتي تزوجت من السلطان محمد الشيخ السعدي في إطار الصلح المبرم بينالسلطانيين عند دخول السعديين إلى مكناس. لكن هذا الزواج لم يثن محمد الشيخ عنالقضاء على السلطان الوطاسي صهره.
ـ سحابة الرحمانية أم عبد المالك السعدي التيذهبت مع ابنها إلى تركيا، وطلبت مساعدة السلطان العثماني مراد وقد رفض في البدايةثم تحينت الفرصة إلى أن تمكنت من الحصول على نبإ استرجاع العثمانيين لتونس فأسرعتتزف إليه البشرى وطالبته بأن تكون مكافأتها مساعدته لابنها للوصول إلى حكم المغربفأجابها إلى طلبها.-3 -
ـ السيدة للا خناثة بنت بكار زوج المولى إسماعيل: كانتمستشارة لزوجها أكثر من ربع قرن كما كانت عالمة وفقيهة كتبت على هامش الإصابة لابنحجر وأشرفت على تربية حفيدها سيدي محمد بن عبد الله وكانت لها مراسلات مع ملوكفرنسا وهولندا وإسبانيا وقد عثر الأستاذ عبد الهادي التازي على أزيد من عشرينمراسلة من ضمنها كتابه “جولة في تاريخ المغرب الديبلوماسي”، 1967. كما كتبت عنها د. أمينة اللوه كتيبا بعنوان “الملكة خناثة قرينة المولى اسماعيل”، تطوان.
ـ السيدةللا الضاوية زوجة السلطان سيدي محمد بن عبد الله التي لعبت دورا كبيرا في ربطعلاقات المغرب مع بعض الدول الأوربية خاصة أن عهد هذا السلطان عرف انفتاحا كبيراعلى الغرب وكانت الصويرة مركزا لتلاقح الثقافات ولتعايش الأديان والأعراق. وقد كتبعنها المؤرخ (أولوك بواسوناد) في مجلته.
ـ السيدة رحمة بنت الإمام محمد بن سعيدالمرغتي الأخصاصي السوسي دفين مراكش وقد كانت فقيهة وعالمة ألفت مختصرا فقهيا.
ـ بلفروخ الفتاة البكر واسمها تفرياضت من قرية تمسورت بقبيلة لخصاص والتي حملتالبندقية ودافعت عن قبيلته عندما غزاها المتمرد بوحلاس.
ـ السيدة للا تعزىتاسملالت الصوفية الصالحة العابدة ذات الشهرة الفائقة وتوصف بربيعة زمانها لها مشهديقام عليه موسم نسائي.
4 ـ الفترة المعاصرة:
ـ فمنذ بداية القرن العشرين ظهرتنساء أمازيغيات على مستوى الأحداث، وخاصة أولئك المقاومات للقوات الغازية واللواتيتصدين لها بكل بسالة وشجاعة ومن أمثلتهن:
ـ يطو زوجة موحا أوحمو الزياني، هذهالسيدة التي غيرت زوجها من خاضع للقوات الفرنسية إلى بطل شرس قهر الفرنسيين وانتصرعليهم في معركة “الهري” الشهيرة.
ـ عدجوموح نموذج المرأة العطاوية التي شاركتبفعالة في معركة “بوكافر” بجبال صفرو فقاومت الجيوش الفرنسية سنة 1933 وقاتلتببسالة حتى استشهدت.
ـ أخت البطل محمد الحراز التي شاركت في قتال الأسبان بالريفوتمكنت من اغتيال ضابط إسباني سنة 1927 .
ـ كما تفوقت المرأة الأمازيغية في شتىالمجالات في مجال التربية والتعليم والصحة وتسيير المقاولات والفندقة وغيرها منالمجالات الثقافية والإعلامية وفي القضاء والمحاماة.

٭ عن تاويزا - العدد -102

بقلم الأستاذ أرجدال محمد
http://hindnador.maktoobblog.com/502...A%C7%D1%ED%CE/
**** ملاحظة مني :
في المغرب الآن حركة أمازيغية تريد أن تنسلخ من الإسلام وتاريخه في المغرب وتسعى إلى إثارة النزعة العنصرية القبلية وإحياء الصراع بين العرب والأمازيغ ، وكثير من رواد هذه الحركة لا يخفون عداءهم للإسلام ، ولغبائهم يستشهدون بأسماء شخصيات تاريخية أمازيغية لها أثرها الكبير في حفظ بيضة الإسلام في المغرب ، وهي نخب لا دينية لا تكره أن تعيد الأمازيغ إلى الجاهلية الجهلاء والضلالة العمياء والوثنية البائدة ، فقط من أجل أن لا يبقى للإسلام دور في حياة الأمازيغ .