منذ ما يقرب من العامين تحلم مصر الثورة بدستور يحقق أهدافها ويجمع شتات فئاتها المتناحرة، فى حرب الـ"نعم" والـ"لا" التى يشتعل فتيلها بمجرد تشكيل لجنة وضع الدستور وتحتدم المعركة قبيل وإبان الاستفتاء، لنفاجأ بمن يستخدم الألاعيب، وهناك من يرفع الدعاوى القضائية ومن يستند فى معركته على الأغانى والمشاهير، لكن يبقى المنتصر فى النهاية هو من يقول"نعم".. هكذا تؤكد دروس التاريخ.

ففى 23 استفتاء مرت بها مصر منذ تحولها للنظام الجمهورى، سُئل المصريون، فلم تخرج النتيجة عن "نعم"، شاءوا أم أبوا، أو حتى قاطعوا؛ بحسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية أواخر العام قبل الماضى قبيل الاستفتاء على دستور 2012 الذى نُعت بكل الموبقات الممكنة، ومع ذلك تم تمريره ، ليصبح الاستفتاء رقم "23" الذى ينحاز لنعم.

أما الـ"22" استفتاء السابقين، فأولها كان استفتاء يونيو 1956 حول الدستور واختيار جمال عبد الناصر رئيسًا لأول مرة، ثم جرت ثلاثة استفتاءات أخرى فى عهد ناصر، بينما جرى فى عهد السادات 10 استفتاءات، أشهرها الاستفتاء على الدستور الدائم 1971 ومعاهدة السلام مع إسرائيل، وبدأ مبارك رئاسته بالاستفتاء على اختياره خلفا للسادات فى أكتوبر 1981، وجرى فى عهده 6 استفتاءات أخرى، وخلال الفترة الانتقالية بعد ثورة 25 يناير جرى الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى مارس 2011.

مغريات "نعم" فى 2012.. الفوز بالجنة والاستقرار وعجلة الإنتاج، وفى 2014.. القضاء على الإرهاب ودعم السيسى وعلشان "نلم العفش"
لماذا تقول الصناديق "نعم"؟ لهذا السؤال إجابات كثيرة اختلفت من شخص لأخر ومن استفتاء لأخر ولكن العوامل المشتركة التى حافظت على مكانها ومكانتها دائما "عجلة الإنتاج" و"الاستقرار"، فلهما الصدارة فى الأسباب التى يروج بها سياسيون وإعلاميون ودعاة ومشاهير لـ"نعم" لمشروع الدستور المعدل المزمع التصويت عليه يومى 14 و15 يناير الجارى، إضافة إلى عشرات الأسباب الأخرى اختلفت باختلاف أصحابها حيث دعا دكتور عبد الجليل مصطفى عضو لجنة الخمسين الشعب المصرى للتصويت بنعم لتفويت الفرصة على المتربصين بالوطن.

بينما قال محمود بدر قيادى حركة تمرد فى أحد المؤتمرات الجماهيرية: "لو عاوزين السيسى رئيس لازم تنزلوا14 و15 يناير للصناديق وتقولوا نعم".

بينما ردد وزير القوى العاملة كمال أبو عيطة مع العشرات هتاف "نعم نعم للدستور خلى الإرهاب يغور"، وأكد الدكتور أحمد البرعى وزير التضامن وقيادى جبهة الإنقاد أن نعم للدستور تعنى نعم لثورة 30 يونيو.

وكان لوزير الإسكان الأسبق دكتور حسب الله الكفراوى وجهة نظر مهمة حيث قال "نعم للدستور ونعم للسيسى خلينا نلم العفش بقى"، وتداول النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى مقطع فيديو نشره موقع اليوتيوب للفنانة وفاء عامر بعنوان "نعم للدستور علشان "فسيل" ميكنش طاغى على "فسيل" أكدت خلاله على ضرورة التصويت بنعم للدستور لعدم هدم الجيش المصرى لأنه صمام الأمان.

ودعا مفتى الجمهورية السابق الدكتور على جمعة، كل شخص، أن يأخذ أسرته ويذهب للتصويت بنعم للدستور، ويعلم أن الله يؤيده لأنه يعمر الأرض، ولأنه ضد الفساد وضد الإلحاد وضد النفاق والشقاق وسوء الأخلاق -بحسب كلماته-.

منع المزيد من سفك الدماء كان السبب الذى ساقه الدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، لدعوته جموع المصريين إلى الخروج يوم الاستفتاء والتصويت بنعم على مسودة الدستور.

أما مغريات دعم دستور 2012 إضافة إلى "عجلة الانتاج" و"الاستقرار" فكانت قوية بدورها، حيث وعد كثير من الدعاة من سيدعمون الدستور بالجنة ونعيمها وعلى رأسهم الداعية وجدى غنيم، الذى قال فى تسجيل صوتى له قبيل أيام من إجراء الاستفتاء فى ديسمبر 2012 " اللى هيقول نعم هياخد أجر وثواب والأجر والثواب هيدخلوه الجنة"، وهو ما رد عليه النشطاء بكاريكاتير ساخر عبارة عن حوار يدور بين شخصين فى الجنة أحدهم يسأل الأخر:" أنت بقى دخلت الجنة بمجهودك ولا بنعم للدستور؟!"

وعلى خلاف تحريمه للمشاركة فى استفتاء 2014 دعا الشيخ يوسف القرضاوى فى 2012 المصريين إلى الخروج والمشاركة فى الاستفتاء قائلا: "ضميرى مستريح، وكذا ضمير الأغلبية، للتصويت بـ"نعم"، نريد لشعبنا أن يستقر وأن ينتج".

"لا" تؤدى للكفر فى دستور 2012 وللسجن فى 2014
أما من لم تكف مغريات الشيوخ فى استفتاء 2012 بمراودته عن صوته وقرر الخروج من جنة الـ"نعم" أصبح من "الكافرين"، بينما يتهم أنصار "لا" فى استفتاء 2014 بأنهم داعمون للفاشية وخونة وعملاء وهناك من تؤدى به "لا" إلى السجن!

فقبيل استفتاء 2012 خاطب القيادى بالجماعة الإخوانية طارق الزمر المتظاهرين فى ميدان النهضة متحدثا عن الداعين لرفض الدستور "هل سمعتم بثورة يقودها عمرو موسى ومصطفى بكرى ولميس الحديدى ومحمد أبو حامد وشفيق من الإمارات"، ودعاهم للذهاب للصناديق للموافقة على الاستفتاء لأن من سيصوت ب "لا" للدستور سيكون"كافر"!
وأضاف إلى ذلك الداعية وجدى غنيم أن من سيصوت بلا أو حتى سيقاطع سيكون مع الفلول وضد الثورة ومع العلمانين والكفرة، مطالبهم بأن يفقوا ولايعينوا الظالمين.

إعلانات المشاهير والأغانى "تكتيك" استخدمه فريقى "نعم" و"لا" فى كلا الاستفتائين
استند فريقا نعم ولا على "تكتيك" الأغانى وإعلانات المشاهير لدعم خيارهم؛ فالفنان هانى شاكر قدم لدستور 2014 أغنية "انزل وشارك"والتى يقول فيها: "عشان ابنك وابنى عشان نزرع ونبنى انزل قول نعم للدستور".

كما خرجت الكثير من الحملات الإعلانية والدعائية فى 2012 لرفض ما عرف ب"دستور قندهار" ظهر فيها كثير من مشاهير الفن والسياسة، ومن الحملات الشهيرة "مش ده الدستور اللى يخلى العجلة تدور"، والذى كان يخاطب عقول المواطنين بالأرقام والاحصائيات، حيث يظهر فيه عدة أشخاص يقولون "دستور مش شايف 3 مليون بيعانوا من البطالة، مش شايف 7 مليون عايشين فى العشوائيات مش شايف 48 مليون ست وبنت مش ضامنين حقوقهم بكرة، دستور مش شايف ملايين من المصريين لكن شايف واحد ممكن يبقى ديكتاتور جديد مش ده الدستور اللى يخلى العجلة تدور قول لا للدستور" والطريف أن الإعلان الذى كان يناهض دستور "قندهار" كما كان يطلقون عليه استخدمه مناهضوا الفريق السيسى حاليا من أنصار الإخوان للترويج لرفض دستور 2014 وأدخلوا تعديلات بالفوتوشوب على الإعلان لتظهر فيه صورة الفريق السيسى والذى كان مقصود بدل منه الرئيس المعزول محمد مرسى فى الإعلان الأصلي.

كما ألف عدد من الشباب أغنية بعنوان "لا للدستور" يقولون فيها:" صحينا لقينا دستور اتسرق حقى وحقك مش موجود على الورق، قول لا ء للدستور خلى بلدنا تشوف النور، دم ولادنا مش ببلاش حقى وحقك لسه مجاش" ويستخدم أنصار نعم للدستور الهتاف مقلوب الآن مرددين"قول نعم للدستور خلى بلدنا تشوف النور."

فى المقابل كانت هناك حملات دعائية لنعم بعنوان رموز مصر بيقولوا نعم للدستور ظهر فيها عدد من المشاهير كالفنان محمد شومان والدعاة صفوت حجازى ومحمد عبد المقصود والدكتور أحمد البيلى مؤكدين للشعب أن الدستور أحسن دستور فى تاريخ مصر الحديث ومن أفضل دساتير العالم ونموذج يحتذى به.

ولم يخل الترويج له من عدة أغنيات منها أغنية "نعم للدستور" التى قدمتها قناة 25 وتقول كلماتها "إيد واحدة هنخرج من بدرى على اللجنة نصوت على الدستور رافعين راية مصر بلدنا ونعم هنقولها للدستور، دستور بيكمل ثورتنا وبيعيد المجد لأمتنا"، وهناك أيضا نشيد أبو عمار: "يلا معايا يا شعب اختار الدستور ده وباصرار لجل بلادنا تشم نفسها نبدأ نهضة واستقرار،الدستور ده مش بطال كتبته لجنة من الابطال تعبت مصر من الاعطال بس مروره هيطفى النار".

الدعاوى القضائية.. إحدى وسائل الحرب التى طالت كافة لجان تشكيل الدستور
عشرات الدعاوى القضائية لاحقت لجان تشكيل الدستور استكمالا للحرب بين فريقى نعم ولا، بداية من أول لجنة تأسيسية تشكلت فى مارس 2012 وتم الطعن على تشكيلها وصدر فى 10 إبريل 2012 من محكمة القضاء الإدارى حكم بحلها لأنها ضمت أعضاء فى مجلسى الشعب والشورى، وهو ما قالت المحكمة إنه مخالف للمادة 60 من الإعلان الدستوري.

قام البرلمان بتاريخ 13 يونيو 2012 بتشكيل جمعية تأسيسية أخرى واختارت المستشار حسام الغريانى رئيسا لها. وأنهت كتابة الدستور بتاريخ 30 نوفمبر 2012 لكن تم رفع دعوى أمام القضاء الإدارى مرة أخرى لحل التشكيل الثانى للجمعية التأسيسية، ولكن المحكمة حكمت بعدم اختصاص المحكمة فى القضية.

استمرت فى عملها حتى اخرجت دستور اعتمد رسميا كدستور للبلاد فى 25 ديسمبر 2012 وذلك حتى تم تعطيل العمل به بعد ثورة 30 يونيو وتشكيل لجنة جديدة لتعديله كان أول اجتماع لها يوم 8 سبتمبر 2013، وبعد انتهائها من وضع مشروع الدستور الحالى لم تسلم هى الأخرى من الطعن عليها حيث أقام المحامى جمال عبدالحليم طه دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، طالب فيها بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلى منصور، بدعوة الناخبين المصريين للاستفتاء على الدستور الجديد يومى 14 و15 يناير المقبل لعام 2013.

وطالبت الدعوى بوقف الاستفتاء على الدستور الجديد لحين الفصل فى الدعاوى المقامة أمام الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارى، والتى تطالب ببطلان تشكيل لجنة الخمسين.



لمزيد من أخبار المنوعات..

بالصور.. 10 أشكال أنيقة لكرسى المطبخ

جهاز جديد يراقب سيارتك ويعرض ما تقوم به على الموبايل

مايكروسوفت تكشف عن نظام التشغيل ويندوز9 فى أبريل المقبل



أكثر...