أنا زوجة فى بداية الأربعينات, تزوجت منذ 16 سنة بعد قصة حب طويلة وقوية, زوجى ابن عمتى, وكان جارنا أيضا, لهذا كما يقال تماما (فتحت عينى عليه), كان أول وآخر حب فى حياتى حتى شهرين مضيا.

مر زوجى بمحنة شديدة جدا بعد بضعة سنوات من زواجنا, سأقصها عليك لكن أرجوك لا تنشرى تفاصيلها على الموقع, كانت نتيجتها أن تركنا أنا وأولادى الثلاثة وعاش بعيدا عنا لمدة 4 سنوات تقريبا, ولك أن تتخيلى حجم المسئولية التى حملتها بمفردى فى ذلك الوقت, كنت الأم والأب والعائل المادى لى ولأطفالى الثلاثة الذين لم يكن أكبرهم تخطى السابعة بعد, كنت أعمل داخل البيت وخارجه، لأن هذه المحنة أثرت جدا على دخل زوجى, الذى كاد أن يكون منعدما حينها.

مرت السنوات بحلوها ومرها, وفرحت لعودته للعيش معنا من جديد, بالرغم من أنه كان كأنه غير موجود, لا يعرف عنا شيئا ولا يتحمل معى أى مسئولية, وكأنه لم يعد بعد, ولكنى تحملت, ورضيت بمجرد وجوده بجوارى.

بعد عودته بدأ يعمل أعمالا حرة, تنجح مرة وتفشل مرات, وبالتالى لم أكن أستطيع الاعتماد عليه ماديا, وظل الحال على ما هو عليه, أنا أعمل وأنفق على بيتى وأولادى, حتى استطاع أخيرا أن يعمل فى شركة، حيث يسافر إلى محافظة أخرى 20 يوما, ويعود إلينا فى إجازة 10 أيام كل شهر, فرحت بذلك بالرغم من أننا سنعود للبعد من جديد, لكنها كانت الفرصة الوحيدة ليصبح لديه دخل ثابت نستطيع الاطمئنان إليه, كما أنه لم يكن كأى دخل, فقد كان دخل هذه الوظيفة كبيرا إلى حد ما.

انتظرت من زوجى أن يعوضنى أنا والأولاد عن كل ما سبق من تعب وحرمان ومشقة, بعد أن فتح الله عليه أخيرا وأصبح لديه ما يكفينا ويزيد, إلا أن ذلك لم يحدث, كان ينفق أغلب دخله بعيدا عن البيت, لم أكن أعرف فيما بالضبط, لكنه كان يكتفى بالمشاركة فى مصروف البيت ببضعة مئات من الجنيهات كل شهر وكفى, وإذا طلبت منه المزيد يرد على: طالما عشت بهذا المستوى, والمفروض أن أكون اعتدت عليه.

كنت أتألم بينى وبين نفسى وأصمت, كنت أشعر بالظلم, لكنى كنت أشعر نحوه بالحب, كنت أغفر له أى شىء فى مقابل أن يكون معنا ولو حتى 10 أيام فى الشهر, لكن الحال لم يستمر هكذا طويلا, تقلصت العشرة أيام إلى أسبوع, ثم خمسة أيام, ثم لا شىء أحيانا فى بعض الشهور, وعندما كنت أسأله كان يقول لى أنه ضغط شغل, وأنه سيكون له مقابل مادى كبير, لهذا هو يقبل به حتى يستطيع إدخار شىء للأولاد.

إلا أن الأمر لم يكن يريحنى, فسألت وعرفت أنه يأخذ إجازاته كاملة كل شهر كالمعتاد, وأنه يكذب على من فترة طويلة, والأمر من ذلك أنه قد تعرف على إحداهن مؤخرا, وأصبح يقضى معها تلك الأوقات التى يستقطعها من إجازته معى أنا وأولادى.

قد تتعجبى لو قلت لك أنى لم أصدم بهذه المعلومات, فقد كنت أشعر بأنه انصرف عنى من فترة طويلة, ولكنى لم أكن متأكدة من السبب, ولكنى بالطبع كنت أشك فى وجود غيرى فى حياته.

واجهته بعد فترة صمت ليست بالقصيرة, فقد أعطيته الفرصة حتى تمر هذه النزوة كما قال الكثيرون, ولكنها لم تمر, وامتد الأمر بهذا الشكل إلى ما يقرب من السنة, حتى فاض بى وصارحته بما أعرف, فأنكر طبعا فى البداية, بل وقلب على الطاولة واتهمنى بأنى أصبحت مهملة فى نفسى, وأنى لم أعد امرأة تملأ العين, لهذا فهو وإن فعل سيكون له الحق فى أن يعرف غيرى بكل تأكيد!

4 سنوات مضت حتى الآن وأنا امرأة ولست امرأة, زوجة ولست زوجة, أحمل هم كل شىء وحدى, ولا أجد حتى أبسط لمحات التقدير, وبالرغم من كل هذا كنت أدعو الله دائما أن يرد زوجى لنا, وأن نعود أسرة واحدة من جديد, كنت على استعداد لأن أسامحه وأغفر له كل ما مضى, من أجل أنى أحبه ولم أعرف رجلا غيره, ومن أجل أولادى الذين لا ذنب لهم فى كل هذا.

كنت كذلك حتى اعترف أخيرا بوجود هذه السيدة فى حياته تحت ضغط منى فى مرة من المرات, بل واعترف أنه تزوجها بالفعل منذ سنتين, وقال لى بالحرف لا تلومينى فهى امرأة بمعنى الكلمة, أما أنت فلا أعرف بماذا أصفك!! طبعا انهرت, شعرت بأنه لم يتبق لى أى شىء عنده, ولا عند نفسى, فها أنا بعد كل هذا أصبحت غير معروفة الهوية حتى.

كانت صدمتى الأعظم عندما رأيتهما معا قدرا فى أحد المطاعم بأحد المراكز التجارية الكبيرة, رأيته والتقت عينى بعينه, لكنه لم يهتم, ظل واضعا يديه حولها بمنتهى البجاحة وكأننى هواء, لم أتحمل المنظر وانصرفت فورا وأنا أكاد لا أستطيع الوقوف على قدماى.

المشكلة أنى عندما انصرفت لم أعد لبيتى, ولكنى ذهبت لأحد زملائى فى العمل, شخص قريب منى جدا, وأنا أعرف أنه يحبنى منذ زمن, ذهبت له وأنا أعرف تماما ماذا سيحدث, ولا تغضبى منى إذا قلت لك أنى أردت أن يحدث, فقد كنت بحاجة شديدة لأثبت لنفسى أولا وقبل الآخرين أنى ما زلت امرأة, ومرغوبة، وأنه هناك من يستطيع أن يحبنى بعد.. ذهبت له وحدث ما حدث, وعدت إلى بيتى يومها كالخرقة البالية فعلا, أبكى من هول المنظر الذى رأيته, ومن فظاعة فعلتى الشنعاء تلك, ظللت أبكى ليلتها حتى طلع الفجر, والغريب فى الأمر أن زوجى العزيز لم يفكر حتى فى الاتصال بى والسؤال عنى بعد هذا الموقف يومها.

حدث هذا الموقف منذ شهرين تقريبا, أنا أقر وأعترف بذنبى, وأشهد الله وأشهدك أنى تبت ولن أكررها ثانية أبدا, لأنى أصلا أبعد ما يكون عن مثل هذه الأفعال, وأريد من كل قلبى أن يغفر لى ربى ويسامحنى, أبكى ندما ليل نهار على حالى وعلى ذنبى, ولا أدرى كيف سيكون مستقبلى, وماذا يجب على أن أفعل؟

وإليك أقول:

أعانك الله على ما أنت فيه, وغفر لك وتقبل توبتك ويسرها لك يارب, عزيزتى على ماذا تبقين؟ ما الذى سيحدث لك مع هذا الشخص أكثر مما حدث؟, لقد تخلى عنك وتهرب من مسئولية أولاده قديما, ثم ظلمك وقتر عليكى بعد أن عاد, ثم هجرك وتركك كالمعلقة بعد أن تزوج بأخرى, ثم أوصلك إلى الخطيئة بكامل إرادتك.. ماذا تنتظرين بعد؟

حتى وان كان زواجه من أخرى حلال لا نستطيع لومه عليه, لكن أن يفعل بك هذا حرام بكل المقاييس, فقد قال الله فى كتابه الكريم (ولا تذروها كالمعلقة) , أى لا تهجروا الزوجة الأولى حتى تصبح فى مثل حالك, متزوجة وغير متزوجة تماما كما وصفتى.

فالعدل بين الزوجات هو أهم شروط الزواج المتعدد, وهو شرط صعب يتطلب الكثير من المجهود واليقظة والضمير, غير متوفرين فى كثير من الرجال, لهذا نبههم الله أيضا لهذا حينما قال (ولن تعدلوا).. أى أن أغلب الرجال لن يستطيعوا الوفاء بشروط تعدد الزوجات هذا, الأمر الذى يترتب عليه عقاب شديد يوم القيامة, أوله أن يأتى الله بنصفين أحدهما مائل عن الآخر.

لكن دعينا منه, فأمره إلى الله, من تهمنى هى أنت, ذلك لأنك إنسانة فى المقام الأول, ولأنك الدعامة الأساسية والوحيدة لأبنائك, لهذا يجب عليكى أن تحافظى على نفسك قوية ومتماسكة من أجلهم إن لم يكن من أجلك حتى.

الحفاظ على تماسك البيت شىء مهم جدا, والتضحية من أجل أن ينشأ الأولاد بين أبويهما أمر لا يختلف عليه اثنان, لكن إذا أصبح المقابل أن تغضبى الله وترتكبى الكبائر.. لا وألف لا.

أصدقك فى أن هذا لم يحدث غير مرة واحدة, وأنك نادمة بصدق عليها, وأنك عازمة على عدم تكرارها, لكنى أخشى عليكى أن تضعفى من جديد تحت قسوة الظروف, فوضعك صعب وضاغط, خاصة مع وجود زميلك هذا فى حياتك, فمجرد وجوده فتنة ومحنة كبيرة فى حد ذاتها, وأنا أخاف عليكى من ضعفنا كبشر أمام كل هذا.

عزيزتى اطلبى الطلاق, هذه من أجرأ المرات التى أطلب فيها هذا الطلب من أحد, وليغنيكى الله من سعته, فلا شىء يستحق أن تخسرى علاقتك بربك, وأن تخسرى دينك ودنياك, هذا رأيى المتواضع والله أعلم.

للتواصل مع د. هبة وافتح قلبك:

h.yasien@youm7.com

لمزيد من أخبار المنوعات..

هولندا تتفوق على فرنسا وسويسرا فى وفرة الغذاء الصحى

43% من موبايلات الأوروبيين تتلف بسبب سقوطها فى الماء

الحيوانات البرية تغزو المدن الأمريكية



أكثر...