مساوئ ومحاسن الأحلاف
بقلم كاظم المسعودي

اهتمت القبائل العربية ومنذ القدم بإقامة الأحلاف فتحالف بعضها مع البعض الآخر والغاية من التحالف زيادة قوة القبائل المتحالفة بكثرة العدد والعدة لتقف أمام القبائل الكبيرة مهابة الجانب يحسب لها أعداؤها ألف حساب وكلما زاد عدد المتحالفين زادت قوتهم وهيبتهم ومكنتهم قوة التحالف من التحول من الدافع عن نفسه ضد الغزاة والمعتدين إلى المهاجم المتمكن من غزو القبائل الضعيفة وبسط نفوذه عليها. وتعتبر القوة والهيمنة من محاسن الأحلاف ومن محاسنها الأخرى توحيد القيادة والرأي والمصير والراية والاسم والنخوة ومن المعلوم أن توحيد الاسم والراية والنخوة يعطي لقبائل الحلف هوية موحدة تحل محل هوية النسب بما في ذلك اسم النسب ورايته ونخوته ولكن ميزات ومحاسن الحلف تقابلها مساوئ أهمها ضياع اسم النسب ونخوته أحياناً ويحدث ذلك بسبب الاعتزاز باسم الحلف ونخوته وإذا مرت مدة طويلة على قيام الحلف تنشأ خلالها أجيال قد تضيع هوية النسب ونخوته ويحدث هذا عندما لا يخضع تاريخ القبيلة إلى التوثيق بالكتابة والتدوين بسبب انتشار الأمية والجهل وحياة البداوة غير المستقرة وعند غياب التوثيق يعتمد رجال القبائل على تلقين وتحفيظ أنسابهم وما يتعلق بها إلى أولادهم وأحفادهم. إن طريقة التلقين والتحفيظ قد تحرف وتشوه النسب فعند اعتمادها لمعرفة نسب القبيلة فإنها تحتاج إلى أدلة تقنع الباحث وتعينه على الوصول إلى الحقيقة، هذا هو رأينا الخاص في الأحلاف ............


محاسن ومساوئ الأحلاف
إن المغريات التي تشجع على التحالف بين القبائل تحجب عنها في البداية النظر إلى الأضرار التي ستلحق بها في المستقبل البعيد ومن المغريات التي تشجع على التحالف بين القبائل احتماء القبائل الضعيفة بالقبائل القوية والتخلص من الضغوط والتجاوزات التي تقع عليها من القبائل الأخرى يضاف إلى ذلك الأمل في تحقيق مغانم ومكاسب مادية ومعنوية كالحصول على المراعي الوافرة العشب والأراضي الخصبة المروية لاستقرار الحلفاء والعيش الرغيد الآمن فيها والظهور بمظهر الهيبة والاحترام بين العشائر المجاورة وقد أدى هذا الاتجاه في التحالف إلى ظهور قبائل غير متجانسة في أنسابها ولكنها مندمجة ببعضها البعض بسبب اعتزازها بالحلف مع أنها لا تنتسب إلى نسب واحد ويزداد هذا الاندماج بزيادة تحقيق المصالح المادية والمعنوية ويترسخ كلما مرت فترة أطول على قيام الحلف وإذا كتب له البقاء مدة طويلة فإن الأجيال الجديدة التي نشأت في ظله ستنسى انتسابها إلى العشيرة الأصل وتنسى اسمها ونخوتها وتضيع صلاتها بالعشائر التي ترتبط معها بصلة النسب وتبقى في حالة انفراط عقد الحلف بعد مدة طويلة تائهة لا تستطيع تلمس الطريق الذي يوصلها إلى من تنتسب إليه في الأصل وهذا يدل على أن للحلف مساوئً وأضراراً لا تراها العشيرة عند الشروع بدخوله وتبقى كامنة تغطيها حلاوة المكاسب الآنية ولكنها ستظهر إن عاجلاً أو آجلاً عندما يتفكك الحلف ويصبح عديم الفائدة عاجزاً عن لملة شتات وبعثرة العشائر التي كانت فيه وإذا حصل هذا التفكك فإن الأضرار ستنصب على العشائر الصغيرة والضعيفة التي كانت تعتمد على قوته وحمايته فتعود إلى الاعتماد على الذات وبناء نفسها من جديد ويتحتم عليها إصلاح الخلل الذي أصابها من جراء ضياع هوية النسب بالرجوع إليه والتمسك به رسمياً وعشائرياً وينطبق هذا على العشائر التي غلبت اسم الحلف على اسمها الأصل وصارت تسمى باسمه وتنتخي بنخوته وتستظل برايته وذهبت أبعد من هذا فوثقت انتسابها للحلف بدلاً من الأصل وتلقبت باسمه في سجلات الأحوال المدنية وبذلك تكون قد قطعت الصلة الرسمية والنسبية بأصلها وانحازت للحلف انحيازاً أعمى لا مبرر له ونسيت صلة ذي القربى بما يرضي الله ورسوله ويمتن أواصر المودة والتعاون على البر والتقوى وإن الحاجة للأحلاف زالت في زماننا وتمدنت وتحضرت عشائر كثيرة في ظل الحكم الان