رواية لم يحدد عنوانها

[د. عواد الخالدي]

رواية لم يحدد عنوانها

رواية لم يحدد عنوانها
- الجزء الاول -

[frame="1 75"]

ابتداء الامر ..
كانت شمس الضحى تلقي بأشعتها الذهبية على ربوع الهندية ، وقراها الجميلة .. ما أجمل قطرات الندى ، تزين اوراق الزهور ، تعمل كعدسة مكبرة وهي تبين لنا تفاصيل اكثر دقة من نسيج الورد .
الفراشات كما النحل تنتقل من ميسم الى تويج ، حباها الله بهذه الفطرة .. منذ بدء الخليقة .. ترشف الرحيق لتحوله عسلا ماذقا .. وتؤدي دور الفحل .. حيث تنقل حبوب اللقاح من زهرة لأخرى ومن شجرة الى شجرة لا ادري هل كان لطنينها علاقة بصوت العندليب وهو يغرد نشوانا بين سعف النخلة ، ام تراه يحاكي صوت بلبل يشدو على اغصان شجرة الصفصاف ..
المزارعون يتبادلون تحية الصباح ، من يحمل معولا او فأسا ، مسحاة او منجلا ، من يسقي زرعه ومن يجني اثماره ، تبعهم النسوة والاطفال وبين تهليل وغناء الصبية , كان النسيم يراقص اغصان التوت بهدوء .. تمر الساعات الصمت يخيم بملاءته على المكان الا ما كان من رغاء بقرة ترمق ثورا جامحا في الحقول ..فقد جاءت النسوة بوجبة الافطار الصباحية لرجال البيت .
كانت اسماء وهي بنت الخامسة عشر ، تجيل بنظرها الثاقب تتفرس الوجوه تستجلي صورة شبان القرية, من تراه يكون من قسمتها "زوجها" رجل البيت المستقبلي ، لم يكن بين ابناء القرية وبيوتاتها تحفظات اجتماعية, فصلة الرحم تربط بين غالبية العوائل وينظر الشبان الى بنات القري نظرة الاخت التي تستوجب منهم الحماية .. حتى يرى الله في امرها ما يرى .. فكل ما يسمعه الشبان في ديوانية المضيف يمثل لهم دستورا عشائريا ملزم التنفيذ وهم يرون المثل "الحرمة بشارب الخير" من اولويات واجباتهم تجبل عليه نفوسهم وافئدتهم .
مازالت اسماء تتفحص همم الشباب وتختبر فيهم الرجولة والعفة .. الصدق والايمان القوة والعنفوان .. وكل ما تعنيه الفتوة لشابة تراهق كالمهرة النافرة في حقول القمح الواسعة. انتبه همام الى هذه اللبوة اليافعة وهي تبحر في وجوه شباب القرية فانتابته ارهاصة شديدة احمرت وجنتاه وزاد وجيبه ، كأن تيارا كهربيا قد صعق قلبه ، فهزه بعنف .
ياالهي ، قالها وهو يستجمع فحولته وعنفوانه .. ما الذي فعلته هذه الغادة الجميلة هل ارسلت كل طاقتها عبر شعاع عينيها الزرقاوين ام تخللت الرياح اردانها فجاءت بعبق الانوثة كي يعتريني ما اصابني .. هز همام رأسه بعنف وهو لا يصدق ما جرى له .. كيف يستجلي هذا الامر .. هل يرتمي في حضن ابيه ليوضح له ما جرى ام يسال اخيه الاكبر لعله مر بمثل ما مر به فيما مضى. ذاهلا يعبر الحقول يجلس الى ثلة من اصدقائه .. قدم له احدهم سيجارة فلم يأبه له كأنه لم يره .. همام .. همام ؟؟ انتبه همام معتذرا لا يدري ما يقول
سلاما .. نلتقي غـــــــــــــدا .[/frame]

المصدر: منتديات عراق الخير والمحبة - من قسم: منتدى الادب الروائي والقصصي