أهمية حفظ وعلم الأنساب في الإسلام وعند العرب الأقحاح

بسم الله الرحمن الرحيم, اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, وبعد :

إن من يطلع على تاريخ العرب قبل الإسلام يدرك مدى اهتمامهم بحفظ أنسابهم واعراقهم، وانهم تميزوا بذلك عن غيرهم من الأمم الأخرى، ولا يعزى ذلك كله إلى جاهليتهم، كما لا يعزى عدم اهتمام غيرهم كالفرس والروم إلى تحضرهم، وسيتضح لنا ذلك من خلال ما سنعرض له من جوانب في هذا البحث، وإن كان الجهل قد أفرز عصبية بغيضة اساءت إلى علم النسب سواء في ذلك العصر أو حتى في عصور الإسلام المتأخرة.

قال تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
صـــــدق الله الـــعـــظــــــيـــــــــــم

الشعوب والقبائل هل المقصود بها الشعوب والقبائل الحالية كالدول والأسر أو الأصول القديمة للإنسان

فقد ذكر أهل العلم تفسيرات متعددة للشعوب والقبائل في قول الله تعالى: وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ {الحجرات: 13}. وننقل لك ما جاء به القرطبي من ذلك في تفسيره، حيث قال: الشعوب رؤوس القبائل، مثل ربيعة ومضر والأوس والخزرج، واحدها (شعب) بفتح الشين. سموا به لتشعبهم واجتماعهم كشعب أغصان الشجرة، والشعب من الأضداد، يقال شعبته إذا جمعته... قال الجوهري: الشعب ما تشعب من قبائل العرب والعجم، والجمع الشعوب... والشعب القبيلة العظيمة، وهو أبو القبائل الذي ينسبون إليه، أي يجمعهم ويضمهم. قال ابن عباس: الشعوب الجمهور مثل مضر، والقبائل الأفخاذ. وقال مجاهد: الشعوب البعيد من النسب، والقبائل دون ذلك، وعنه أيضاً أن الشعوب النسب الأقرب، وقاله قتادة. ذكر الأول عنه المهدوي والثاني الماوردي... وقيل: إن الشعوب عرب اليمن من قحطان، والقبائل من ربيعة ومضر وسائر عدنان. وقيل: إن الشعوب بطون العجم، والقبائل بطون العرب. وقال ابن عباس في رواية: إن الشعوب الموالي، والقبائل العرب...

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر قال أبو عيسى هذا حديث غريب من هذا الوجه ومعنى قوله منسأة في الأثر يعني زيادة في العمر .
سنن الترمذي ج4/ص351


قال سيدنا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( لا تكونوا كنبيط السواد إذا سئل أحدهم عن أصله قال من قرية كذا وكذا ).

وقد عزى ابن عبد ربه سبب أهتمام العرب بأنسابهم لكونه سبب التعارف، وسلم التواصل، به تتعاطف الأرحام الواشجة.


كان للعرب اهتمام بالغ في حفظ الأنساب وتعليمها، وكانوا يقسمون النسب على درجات عرفت بطبقات النسب، إن من يطلع على تاريخ العرب قبل الإسلام يدرك مدى اهتمامهم بحفظ أنسابهم واعراقهم، وانهم تميزوا بذلك عن غيرهم من الأمم الأخرى، ولا يعزى ذلك كله إلى جاهليتهم، كما لا يعزى عدم اهتمام غيرهم كالفرس والروم إلى تحضرهم، وسيتضح لنا ذلك من خلال ما سنعرض له من جوانب في هذا البحث، وإن كان الجهل قد أفرز عصبية بغيضة اساءت إلى علم النسب سواء في ذلك العصر أو حتى في عصور الإسلام المتأخرة. وقد عزى ابن عبد ربه سبب اهتمام العرب بأنسابهم لكونه سبب التعارف، وسلم التواصل، به تتعاطف الأرحام الواشجة.وإذا كانت جاهلية العرب قد أساءت إلى علم النسب أحياناً بسوء استخدامه، فإنها قد اساءت اليه أيضاً من ناحية عدم التدوين الذي تميز به العصر الجاهلي، ولذلك فقد تأخر تدوين الأنساب، ولم يبدأ الا مع بداية العصر الإسلامي. وبسبب غياب التدوين اضطر العرب إلى حفظ انسابهم والعناية بها عن طريق الحفظ والمشافهة، فاشتهر بذلك عدد من أبناء العرب، ينقلون هذا العلم، وينقل عنهم إلى أن جاء عصر التدوين فأخذ عنهم علماء النسب الأوائل.
ومع هذا فينبغي ان لا نغفل بعض الانتقادات الموجهة لقدامى النسابين كابن الكلبيوابن هشاموالهمداني وغيرهم، غير أنه يجب التمييز بين جهودهم في حفظ الأنساب وبين بعض الهنات والروايات الضعيفة في مروياتهم.

وقد كان سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه نسابة العرب في زمانة.

وقد حث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أصحابه الكرام على حفظ وتعلم أنسابهم.

ومن أحاديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن الأنساب وعلم الأنساب قال : ( تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ).

وقال سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه : ( أكرم عشيرتك فأنهم جناحك الذي به تطير ،فأنك بهم تصول وبهم تطول وهم العدّة عند الشدة أكرم كريم هم، وعد سقيمهم وأشركهم في أمورك، ويسر عن معسرهم ).

ولكن بقي أمر أخر وهو الأهم على الأطلاق بهذا العلم (علم الأنساب) وهو الطعن في الأنساب والأحساب
فقد حذرنا رسولنا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم من الطعن في الأنساب والأحساب فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( " أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لا يَتْرُكُونَهُنَّ : الْفَخْرُ فِي الأَحْسَابِ ، وَالطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ ، وَالاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ ، وَالنِّيَاحَةُ " ، وَقَالَ : " النَّائِحَةُ إِذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا يُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ " ).

نسأل الله العفو والعافية وان يجعلنا وآبائنا وقبائلنا وجميع المسلمين من أهل الجنة، آمين يا رب العالمين.

والحمد لله رب العالمين