فيلم الميدان للمخرجة المصرية - الأمريكية جيهان نجيم، وصل إلى القائمة النهائية لترشيحات الأوسكار للأفلام الوثائقية، وهو أمر توقعه الكثيرون ممن أتيحت لهم مشاهدة الفيلم فى مهرجان دبى السينمائى بدورته العاشرة، التى حصل فيها الفيلم على جائزة المهر العربى للأفلام الوثائقية، والذى حرص الكثير من نقاد مصر والعالم العربى على مشاهدته، خصوصا بعد أن كان مقررا عرض الفيلم فى بانوراما السينما الأوروبية بالقاهرة، لكن لم يعرض الفيلم وقتها لرفض الرقابة، فى حين أكدت إدارة البانوراما أن تأخر نسخ الفيلم فى الوصول هى ما حالت دون عرضه.

فيلم الميدان هو فيلم إشكالى بجدارة، ويثير العديد من التساؤلات حول ثورة يناير، وما شهدته مصر من أحداث وتحولات دراماتيكية فى السنوات الثلاث الأخيرة، انطلاقا من الثورة ومرورا بتنحى مبارك، وفترة حكم المجلس العسكرى، ثم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ووصول مرسى إلى كرسى الرئاسة، وما تبع ذلك من رفض شعبى لممارسات الإخوان ومحاولاتهم أخونة الدولة، وطلب الفريق السيسى الدعم والتأييد من الشعب.

ويبدو أن تخوف الرقابة من عرض الفيلم فى مصر يعود إلى تلك النقطة، بمعنى أن المخرجة أفردت مساحات واسعة من فيلمها «الميدان» لكل ما يدعم وجهة نظرها ضد المجلس العسكرى، وصولا إلى تدخل الجيش بناء على طلب الشعب، فالمخرجة التى أخذت كاميراتها وجلست مع العديد من الشخصيات فى ميدان التحرير وقت الـ18 يوما مثلها مثل كثير من المخرجين، لم تكن تتخيل أن المساحة الزمنية لفيلمها ستتناول الـ3 سنوات الماضية، لذلك يبدو أن المساحة التى تناولت فيها بعض الأحداث جاءت على حساب الأخرى، وهو ما جعل البعض يرى أن الفيلم غير منصف للدور الذى تقوم به القوات المسلحة، فى ظل تكشف الكثير من الحقائق، والحديث عن مؤامرات دولية، ودور التنظيم الدولى للإخوان فى تدمير مصر، وما تشهده سيناء من عمليات إرهابية.

فيلم جيهان نجيم يتناول الأحداث التى وقعت فى مصر فى الـ3 سنوات الأخيرة من خلال 3 شخصيات رئيسية وهم أحمد حسين الشاب المصرى غير المسيس الذى يتفتح وعيه ومشاعره مع ثورة الـ25 من يناير مرورا بجمعة الغضب ووصولا إلى يوم التنحى، هذه الشخصية التى تمثل أكثر الشخصيات حيوية وتلقائية، وإخلاصا لفكرة الثورة، وأن هذا الشعب يستحق حياة كريمة ونبيلة تليق به بعيدا عن متاجرة الإخوان، أو قهر العسكر.

وخالد عبدالله الممثل الإنجليزى من أصل مصرى، وهو الشخصية الليبرالية غير المنتمية لأى حزب هو فقط ضد كل أشكال وأنواع الفاشية، ومجدى عضو جماعة الإخوان المسلمين وهو شخصية شديدة الثراء يرفض العودة إلى السجن لذلك يذهب إلى اعتصام رابعة العدوية، خوفا من العودة إلى غياهب السجون أو التعذيب فى مباحث أمن الدولة.

فيلم الميدان لجيهان نجيم قد يختلف البعض معه سياسيا، ولكنه فيلم شديد الثراء فنيا ودراميا، وتكفى شخصية أحمد ذلك الشاب المصرى البسيط، الذى يحلم بوطن يحفل بمعانى الإنسانية، أو بذكاء فنى لم تلجأ جيهان إلى التعليق الصوتى أو التدخل بتعليقات ولكنها اكتفت باللقاءات مع العديد من الشخصيات فى الميدان، ورصد التطور الذى يحدث لشخوصها الرئيسيين والمواد الأرشيفية، إضافة إلى التصوير الحى فى الميدان وخارجه، ومزجت بين ذلك بمونتاج شديد السلاسة والتدفق.



أكثر...