"عم رأفت" عازف طنبورة من "مزيكا زمان"

**نهاد الأورفلي** · 01-21-2014, 03:30 PM

ملكوته الخاص تصنع حدوده ستة أوتار غليظة وآلة خشبية لم يتبق من يعرفون أسراها سوى القليل، منهم عم "رأفت"، إنها آلة الطنبورة الموسيقية، أو كما يطلق عليها "سنجة الطنبورة".

عم رأفت مصطفى صاحب الثلاثة وخمسين عاماً تستقر قصه حياته بأكملها خلف نغمات الطنبورة، وسلمها الخماسى الذى صعدت حياته معه من زمن نجومية الآلة وانتشارها فى كل مكان، وهبطت معه حتى سنواتها الأخيرة، لم يعد يعرفها أحد تنتقل بين المراكز الثقافية وحفل صغير من العام إلى لآخر.

"يوم ما قولت لوالدى عايز أتعلم كان فى حوالى 20 سنجة طنبورة فى مصر، دلوقتى مفيش غيرى أنا والريس حسن الصغير والإمام أبو سمرة": يتحدث عم رأفت عن قصة يمتد عمرها على امتداد عائلته وجدوده المتواصلين منذ عقود، ويتابع "الطنبورة غية لكل اللى بيعزفوها وآلة ليها صوتها الخاص اللى متغيرش من يوم ما طلعت بعكس آلات ثانية زى السمسمية اللى أضيف ليها أوتار وأتغيرت، أما الطنبورة فمحافظة على شكلها وصوتها وما ينفعش تتغير، وده اللى خلاها تعيش فى الزمن الجميل، ويفضل الناس اللى بيحبوها محافظين عليها وليها عشاقها من الزمن الجديد، لكن مع سرعة الحياة والموسيقى اللى اتعودوا عليها مبقوش كلهم يعرفوا يسمعوها ويستمتعوا بيها".

شكل الآلة وحدودها المزينة بالعقود والسلاسل ليس هو الشىء الوحيد الذى لم يتغير فى الطنبوره، مثلما يحكى عم رأفت "حتى الأغانى ما اتغيرتش وبنتوارثها من جدودنا والمغنيين بتوعنا بيورثوها من سنين وتراث طويل طلعنا كلنا لقيناه".

وعن تصنيع الآلة يقول "بتتعمل من الخشب الزان وبمقاسات معينة وبعدين يتلف عليها جلد وتتشد الأوتار اللى بتكون من أمعاء الحيوانات أو أتخن مقاس فى حبال السنارة العادية، وفى نقطة التقاء زاوية المثلث الخشب مع الأوتار بيبقى فى الصندوق المصوت، وده بيبقى على شكل دائرى كبير وبيتعمل من الخشب".

"عايز أتعلم" بنفس الكلمات التى رددها على والده قبل أربعين عام كان ابن عم رأفت يطرق أبواب الطنبورة، قبل شهور قليلة، ليعطيه أملا فى الحفاظ على الآلة سنوات قليلة قادمة، بدون هذه الكلمات لم يكن سيعلمه لسبب بسيط "مينفعش حد يتعلمها بالغصب، أنا أبويا مقاليش تعالى أعلمك أنا لما حبيتها قولتله أتعلم، وابنى نفس الموضوع لما غواها قال أتعلم وما ينفعش أنا اللى اقولتة أتعلمها لأنه عمره ما هيحبها ولا هيقدر يشتغل عليها إلا لما هو اللى يطلب".