ساهمة من تعب الحقول جلست اسماء تستظل تحت احد الشجيرات وهي ترى تجاعيد الزمان على وجه ابيها المتعب.. تقدمت رغم كل عناءها ، اخذت المنجل من يدي ابيها وبدأت تحصد السنابل وهي تردد بصوت خافت " عمود البيت ابوي واخوتي اوتاده "
يتهلل وجل الاب مشرأبا يجلس بالقرب منها يمد رجليه الى الامام يشعل لفافة السكائر يصغي بكل جوارحه الى ترديد ابنته ويجيبها " وليجبل علينه نصيرله وسادة" حان وقت العودة الى البيت فقد ارتفعت الشمس بما يكفي ونال التعب منهما مأخذه .
تجمعت الاسرة حول مائدة الغداء التي اعدتها الام على وجل وبعد ان تناولوا الشاي خلد الاب الى قيلولة قصيرة يستجمع بها قواه وهو يبتسم الاحلام الوردية تداعب مخيلته لكن الكرى كان قد غلب عليه فنام هانئا مطمئنا .
ينسل الابناء بعيدا عن ابيهم كي لايتسببوا له بأي ازعاج يكدر عليه صفو غفوته .
يعلم همام ان الايام القادمة ستمر سريعا ، وفيها من الاحداث ما يستوجب التفكير مليا فالبيت والمزرعة واسماء وغير ذلك بدأت تشغل باله لكن اكثر ما يدفعه للتفكير هو التجنيد الالزامي .
استلقى همام قريبا من والدته وقت الظهيرة لم يكن مرتاح البال يتقلب على جنبيه ينظر الى السماء كثيرا يجالد نفسه كي يستريح قليلا.
لاحظت الام الريفية تغيرا في سلوك ابنها البكر وبذكائها الفطري اعدت ابريق الشاي حتى تكون قريبة من ابنها وتتمكن من محادثته. هنيئا لك قالتها الام بكل حنان واسأل الله ان يمدك بالصحة والقوة يابني ، اخذت الام تستفسر عن اصدقاء همام وتدفعه لقضاء الوقت معهم ، ثم استدركت قائلة "بني لِمَ لا تدعوهم الى وجبة العشاء في بيتنا هذا اليوم " انها تريد ان ترى ابنها رجلا بين اقرانه وتعرف انه يباريهم شهامة وفتنة .
اذكت كلمات الام نارا توقدت بين جنبات همام واطلق زفيرا تبعته الحسرة
تألقت عيناه وراح يسرح فيما يمر عليه من خلجات. من يساعد ابي في المزرعة فأخوتي مازالوا صغارا وكيف لي ان اكون بعيدا عن البيت هذه المدة الطويلة ترى ما الذي دفنته اسماء في خافقي ، انتفض همام وقال "لابأس اماه سأدعوهم غدا "
رهوا يميس بين اترابه يلاحظهم واحدا واحدا يريد ان يقري ضيفانه بأحسن وجه وأتم حال والاب يهيم خيلاء وهو يرى ما يرى ، اما الام فكأنك لا تصدق عينيك حين تراها تتنقل بادية المرح بين القدور التي اعدتها وهي تتضرع الى الله تعالى ان يجمع ابناء الديرة في كل يوم تهللت اسارير الضيوف وقال احدهم "سنكون عند حسن ظنك يا أمنا "
وقف حاتم وهو الاخ الاكبر لأسماء قرب والد همام وتمتم شيئا في أذنيه ورحل .. تكالبت الهموم على همام فما الذي اراده وما عساه ان يقول لأبيه
ســـــــــلاما تلتقــــــي غــــــــدا