تمر الايام مسرعة ، فحيثما يوجد العمل نتناسى تهالك الزمن وحيث يوجد الاهل والاصدقاء فأن اللحظات الجميلة تسير بنا عجولة نحو الامل .
موسم الحصاد اوشك على الانتهاء ما اجمل تلك الساعات لكل ساعة معنى ، لكل ساعة لوحة جميلة يرسمها كل واحد منا ويتنهد باسما .
تراءت بيادر القمح والشعير كتلال صغيرة من الذهب الابريز تضفي عليها الشمس آية من الجمال وتعطيها الطيور روعة الابداع وهي ترتفع ثم تهبط تريد حصتها من الحاصل انها اول شاهد على المزارع حين يبدأ بنثر البذور وهو يغرد بصوت جهور "لنا وللطير وما أخلف الله الخير"
مازال هناك في الافق البعيد اكفاَ ترتفع في السماء وهي تحمل "المرواح" تطوح به في الهواء لإبعاد الشوائب عن البيادر .
تختال الصبايا وهي ترتدي الثياب الزاهية بين المروج . بدأت محاصيل الخيار والطماطم والباذنجان والباميا واللوبياء تعطي ثمارها, الوان الفرح تتجدد كل يوم في القرية ما اروع البساطة لدى هؤلاء النجباء
تأطرت القرية بالشموع والحناء, كثرت اسفار الرجال الى المدينة ، يهتم القرويون بالسكر والشاي والقهوة والتبغ اكثر مما يهتمون بتأثيث البيت انها تمثل لهم العزة والهيبة والكرم .
كان ابو همام اكثر الرجال اسفارا, وتنوعت الحاجيات التي اشتراها فقد اكثر من شراء الحلويات "الجكليت والملبس والمصقول ...." كما ان مشترياته من الملابس الزاهية الالوان لابنائه كانت مميزة .
يستقبل الصبيىة كل قادم الى العائلة بالترحيب فما بال ابيهم وقد عاد حاملا مالذ وطاب من الحلويات وما كان زاهي الالوان من الملابس .
جلست العائلة تحت شجرة التوت الكبيرة التي تمد ظلها الوارف على مساحة واسعة امام البيت قرب ضفة النهر حيث الماء والحياة .
تقدم الغريب بدون حياء نحو العائلة وقف بالقرب منها وأدى التحية فما كان من الاب القروي الا ان يدعوه لتناول الغداء .
كانت هيئة الرجل خليطا فسيفسائيا عجيبا لم ير مثله الاطفال في القرية تدل هيئة الرجل الغريب انه خائف برغم كل ايحاءاته للدلالة على عكس ذلك
تحدث الغريب كثيرا وذكر اسماء المشايخ في القرى المجاورة ، قال انهم اكرموه وقاموا له بواجب الضيافة والكرم ومكث عندهم اليوم والليلة.
قدمت الجدة قدح الشاي لهذا القادم البعيد بعد تناول الغداء
نظر الغريب بريبة الى همام وقال له " انت تموت ليلا او نهارا" وكان ان كسر حرف التاء في " انت " اخذت الجدة العجوز تولول وتبكي وتندب حظ العائلة العاثر ، همام في ربيعه الثامن عشر ولم يتزوج بعد . ولم يفرح به الاهلون ،كيف سيموت ...
وازاء هذا الموقف غادر الغريب المكان لكنه لم يبتعد كثيرا ، تبعه الاطفال فنهرهم واخذ يصلي قرب ماء النهر ، كان مازال يصلي حتى جاءت مفرزة الشرطة وألقت عليه القبض
لم يعلم الناس لماذا القي عليه القبض ، والكثير منهم قالها ببساطة " خطية الله لاينطيهم" حتى اصبحت هذه القضية حديث الناس في المضائف والمزارع وحيث يجتمع ابناء القرية
ســـــــــلاما نلتقــــــي غــــــــدا