تشهد العلاقة بين جنوب السودان والأمم المتحدة حالة من التوتر فى وقت يشهد صراعا وجرائم قتل جماعى فى هذا البلد الأحدث فى العالم من حيث نشأته، فبعد شهر من القتال بين الحكومة والمتمردين الموالين لرياك مشار، النائب السابق للرئيس سيلفا كير ميارديت، وجدت الأمم المتحدة نفسها فجأة تتعرض لانتقادات من حكومة جنوب السودان، فقد اتهم الرئيس سيلفا كير ميارديت أرفع مندوب للأمم المتحدة فى جنوب السودان بالرغبة فى أن يصبح "الرئيس المشارك"، كما قال وزير الإعلام فى جنوب السودان إن الأمم المتحدة لا تحترم حكومته.

وقال جون كيلى، المتحدث باسم الحكومة "نحن لسنا فى حرب ضد متمردى رياك مشار فقط، بل مع الأمم المتحدة أيضا"، وواصل المتحدث باسم سلفا كير اليوم الأربعاء هجومه على الأمم المتحدة بقوله إنها تحمى متمردين مسلحين فى معسكرها فى مدينة بور، عاصمة ولاية جونجلى، وقال المتحدث أتنى ويك أتنى إن حماية المقاتلين ليست جزءا من مهمة بعثة الأمم المتحدة فى جنوب السودان.

وقال "أتنى" فى رده على سؤال "الرئيس لم يعط الضوء الأخضر فى مهاجمة بعثة الأمم المتحدة فى جنوب السودان، لكن بعثة الأمم المتحدة فى جنوب السودان يتعين عليها أن تعيد التفكير فى إستراتيجياتها"، واتهم أتنى موظفا بالأمم المتحدة بإرسال رسائل عبر الهاتف إلى المتمردين يبلغهم فيها أن سكانا موالين لمشار موجودون فى معسكر للأمم المتحدة بالعاصمة يرغبون فى الانضمام للمتمردين فى مسعاهم للإطاحة بالحكومة.

ومن جانبها ردت الأمم المتحدة على هذه الاتهامات بشكل علنى، وقالت أريان كوينتير، وهى متحدثة باسم بعثة الأمم المتحدة فى جنوب السودان فى تصريحات عبر إذاعة تابعة للأمم المتحدة "الأمم المتحدة تعترف بالحكومة الشرعية المنتخبة ديمقراطيا فى جنوب السودان، ولا تنحاز إلى أى من طرفى الصراع".

وجاءت تصريحات كوينتير ردا على اتهام كير يوم الاثنين للأمم المتحدة بإدارة "حكومة موازية" وحماية المتمردين، وشعرت حكومة جنوب السودان بالغضب بعدما منع وزير بالحكومة من دخول قاعدة للأمم المتحدة فى بور يوم الأحد الماضى، وقال كير فى مؤتمر صحفى متحدثا عن لاجئين داخل المعسكر "هناك أشخاص يذهبون إليهم بالبنادق، وقد طالبت الأمم المتحدة بأن تعطينا البنادق وأن تعطينا السيارات الحكومية المتوقفة أمام المعسكر، والتى أخذها مسئولون فروا وانضموا إلى مجمع الأمم المتحدة".

وجاءت الانتقادات للأمم المتحدة بينما تظهر الحكومة مؤشرات على جرأتها الدبلوماسية، ففى إثيوبيا التى تعقد بها محادثات سلام قال مابيور دى جارانج، وهو مسئول من المتمردين، إن الحكومة تقوم بإرجاء المحادثات لأنها فى موقف قوى بعد استعادتها خلال الأيام الماضية لعاصمتى ولايتين كان المتمردون يسيطرون عليهما، وقال دى جارانج "إنهم يشعرون أنهم أقوياء، ولهذا فإنهم لا يريدون فعليا عملية السلام"، وأضاف أن المتمردين أسقطوا مطلبهم الخاص بالإفراج عن أحد عشر من كبار السجناء السياسيين قبل بدء المحادثات.

ويعتقد أن آلاف الأشخاص قد قتلوا بينما اضطر نحو نصف مليون شخص إلى الفرار من ديارهم منذ اندلاع المعارك فى الخامس عشر من ديسمبر الماضى بين قوات موالية لكير وأتباع لمشار، ووجه كير انتقادا مباشرا للأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون، الذى أصدر بيانا أعرب فيه عن انزعاج الأمم المتحدة حيال محاولة وزير بالحكومة وحاشيته الدخول عنوة إلى مجمع للأمم المتحدة.

وقال بول جاكوب، وهو مسئول كان بصحبة وزير الإعلام مايكل مكول لوث يوم الأحد الماضى، إن الأمم المتحدة لم تقدم سببا لمنع المجموعة التى أرسلتها الحكومة من دخول المعسكر بصحبة فريق تصوير، وأضاف جاكوب "كان هذا شيئا سيئا للغاية ومحرجا من طرف شريك مزعوم؟".

ويعتقد أن هناك سببا واحدا وراء حرب الكلمات وهى زيارة مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان إيفان سيمونوفيتش إلى جنوب السودان؛ حيث قال إن هناك أدلة على وجود فظائع واسعة ارتكبها طرفا الصراع، لكن الحكومة تحمل المتمردين مسئولية هذه الفظائع.

وقال سيمونوفيتش إن أعمال العنف تصاعدت سريعا عقب اندلاع الصراع فى الخامس عشر من ديسمبر، لأنه لم تتم محاسبة أى شخص عن المجازر التى وقعت عام 1991، عندما كان مشار يقود حركة تمرد، وأشار جون أشورث، وهو محلل لديه خبرة نحو ثلاثين عاما فى المنطقة، إلى أن المانحين الدوليين لن يقوموا بتمويل عملية المصالحة التى تحتاج إلى أموال بشكل ملحّ، وقال "المجتمع الدولى بعيد عن جنوب السودان ولديه أولوياته.. لديه الكثير من الأمور التى يتعين عليه الاستجابة لها".


لمزيد من الأخبار العربية..
أمن إسرائيل يقتحم جامعة القدس ويعتقل طالبا ويصيب المئآت بالاختناق

"العفو الدولية" تطالب بالتحقيق فى مزاعم قتل 11 ألف شخص بسجون سوريا

إصابة 8 جنود لبنانيين إثر إطلاق نار على عرباتهم فى طرابلس



أكثر...