قصة سعيد بن جبير مع الحجاج

مر الحجاج حراسه باحضار الإمام سعيد بن جبير، فلبس سعيد بن جبير أكفانه و تطيب وذهب معهم الى الحجاج ويناجي ربه "اللهم يا ذا الركن الذى لا يُضام و العزة التى لا ترام، اكفنى شره" و كان فى الطريق يقول لا حول و لا قوة الا بالله، خسر المبطلون. و دخل سعيد على الحجاج وقال:

"السلام على من اتبع الهدى" و هى تحية موسى لفرعون

قال الحجاج : ما اسمك؟

قال سعيد: اسمى سعيد بن جبير

قال الحجاج: بل أنت شقى بن كسير

قال سعيد: أمى أعلم إذ سمتنى

قال الحجاج: شقيت أنت و شقيت أمك

قال سعيد: الغيب يعلمه الله

قال الحجاج: ما رأيك فى محمد صلى الله عليه و سلم

قال سعيد: نبى الهدى والرحمة

قال الحجاج: ما رأيك فى علىّ

قال سعيد: ذهب الى الله امام هدى

قال الحجاج: ما رأيك فىّ

قال سعيد: ظالم تلقى الله بدماء المسلمين

قال الحجاج: علىّ بالذهب و الفضة. فأتوا بكيسين من الذهب و الفضة و أفرغوهما بين يدى سعيد بن جبير

قال سعيد: ما هذا يا حجاج؟ ان كنت جمعته لتتقى به من غضب الله فنعما صنعت، وان كنت جمعته من أموال الفقراء كبراً
وعتواً فوالذى نفسى بيده إن الفزعة يوم العرض الأكبر تذهل كل مرضعة عما أرضعت .

قال الحجاج: علىّ بالعود و الجارية فطرقت الجارية على العود و أخذت تغنى، فسالت دموع سعيد على لحيته و انتحب

قال الحجاج: ما لك، أطربت؟

قال سعيد: لا و لكنى رأيت هذه الجارية سخّرت فى غير ما خلقت له، و عود قطع و جعل فى المعصية

قال الحجاج: لماذا لا تضحك كما نضحك



قال سعيد: كلما تذكرت يوم يبعثر ما فى القبور و يحصل ما فى الصدور ذهب الضحك



قال الحجاج: لماذا نضحك نحن إذن

قال سعيد: اختلفت القلوب و ما استوت

قال الحجاج: لأبدلنك من الدنيا ناراً تلظى

قال سعيد: لو كان ذلك إليك لعبدتك من دون الله

قال الحجاج: لأقتلنك قتلة ما قتلها أحد من الناس، فاختر لنفسك

قال سعيد: بل اختر لنفسك أنت فوالله لا تقتلنى قتلة إلا قتلك الله بمثلها يوم القيامة

قال الحجاج: اقتلوه

قال سعيد: وجهت وجهى للذى فطر السموات و الأرض حنيفاً مسلماً و ما أنا من المشركين

قال الحجاج: وجهوه إلى غير القبلة

قال سعيد: فأينما تولوا فثم وجه الله

قال الحجاج: اطرحوه أرضاً

قال سعيد و هو يبتسم: منها خلقناكم و فيها نعيدكم و منها نخرجكم تارةً اخرى

قال الحجاج: أتضحك؟

قال سعيد: أضحك من حلم الله عليك و جرأتك على الله

قال الحجاج: اذبحوه

قال سعيد: اللهم لا تسلط هذا المجرم على أحد بعدي

و قتل سعيد بن جبير و استجاب الله دعاءه فثارت ثائرة بثرة ( هى الخراج الصغير) فى جسم الحجاج فأخذ يخور كما يخور الثور الهائج شهراً كاملاً لا يذوق طعاماً ولا شراباً ولا يهنأ بنوم و كان يقول و الله ما نمت ليلة الا و رأيتنى أسبح فى أنهار الدم، و أخذ يقول: مالى و سعيد، مالى و سعيد

و يقول هذا الظالم عن نفسه قبل أن يموت، رأيت فى المنام كأن القيامة قامت، و كأن الله برز على عرشه للحساب فقتلنى بكل مسلم قتلته مرة إلا سعيد بن جبير قتلنى به على الصراط سبعين مرة

" إن ما توعدون لآت و ما أنتم بمعجزين"


منقوله