غريب أمر الكتل السياسية في العراق . كأنها بلا ذاكرة . لاتريد أن تتعلم من التجارب والدروس لتستخلص منها العبر . ألا يكفي أن نعود بالذاكرة سنوات قليلة الى الوراء لنرى أننا استخدمنا كل شيء في خلافاتنا وصراعاتنا ، وأستخدمنا كل شيء في الوقت نفسه ، فتقاتلنا ودمرنا البلد فهجر عشرات الآلاف من أبنائه في الداخل ، وهاجر عشرات الآلاف منهم الى الخارج لاسيما الكفاءات والنخب وأستفاد منهم غيرنا ، وأهلكنا اقتصادنا ، وخربنا بيئتنا ، والاْخطر أننا خربنا نظام القيم لاْن الحروب والاْقتتال والاْزمات الاْقتصادية والاْجتماعية لاتنتج حالات تتمسك بهذه القيم بل تؤدي الى كل اشكال االانفلات الاْجتماعي لاسيما عندما تكون الاْحقاد مغروزة في النفوس ، والمخدرات متفشية في كل مكان من المدرسة الى الجامعة والمدينة والتي يهتز أهلها لما يرونه في مدنهم من ممارسات ماشاهدوا مثلها ولاتوقعوا أن تجتاح مدنهم التي تتغنى بوداعتها والفتها ومحبتها وتماسك أبنائها وتمسكهم بعادات وتقاليد وارث غني مبني على الاْخلاق والشهامة والنخوة والمروءة ؟؟ وكيف اذا كنا أيضا أمام تطور تقني اذا كانت له ايجابياته فان سلبياته كثيرة وكبيرة وخصوصا على مستوى الاعلام خصوصا المرئي منه الذي يدخل الى كل بيت وكل غرفة دون استئذان وماأدراك مانشاهده ومايشاهده ابناؤنا من أفلام عنف ورعب وجنس .

لقد تراجع كل شيء عندنا وللاْسف . مستوى اداء الحكومة العراقية ، مستوى التعليم ، مستوى الاْخلاق ،الوضع الاْقتصادي ، الوضع الاْجتماعي ، السلوك العام ، سلوك احترام النظام والالتزام بالقانون وهذا يؤدي الى مزيد من الاخلال بالاْمن وأرتكاب الجريمة وعدم اعطاء أي قيمة أو أعتبار للدولة مفهوما وقناعة وملاذا ومؤسسات ...
وبالنتيجة وبعد كل جولة من جولات العنف التي يقوم بها الارهابيون بحق الاْبرياء تبرز الى السطح الخطابات النارية والاْتهامات التخويينية والتي تعزز الاْحقاد أكثر في النفوس كنا نعود الى الطاولة لماذا ؟؟ ونتحاور ونذكر بعضنا البعض ونصل الى تسوية لاتوازي حجم ماخسرناه وماأنتظره كل واحد منا من نتائج وتطلع اليه من أهداف
كنا نذهب الى الطاولة في الداخل ، وفي أغلب الاْحيان بقرار من الخارج ، فنبرر مافعلناه ثم نبرر ذهابنا الى الطاولة بتغير المعادلات الاْقليمية والدولية وبفعل هذه المعادلات نفسها كنا نذهب الى الطاولة في الخارج أو نؤخذ اليها وتقفل الاْبواب علينا ونمنع من العودة قبل الاتفاق على تسوية لاتوازي شيئا مما ذكرناه !!
ونعود الى الصنعة نفسها . نفعل مافعلناه ولانعتبر من شيء كأننا في حقول تجارب نمارس فيها أهواءنا ونبحث عن مصالحنا ولكننا نجرب بالناس وبالبلد . وهذا شيء يجب أن يتوقف عند حدود قبل أن ينهار البلد ويتفكك الناس وتهدر مصالحهم .
نعم اّن الاْوان لوقفة شجاعة اذا كان ثمة شجاعة لدى الكتل السياسية وليس فقط خطابات حيث الصراخ لايعتبر شجاعة والخطاب المتشنج لايعتبر شجاعة ونحن كمواطنين نرى نتائجه في حقن النفوس الذي بلغ حد أختلاف في الرؤى هذا غير معقول . وهذا بسبب الاحتقان والتوتر من فوق الى تحت ، فكيف اذا تطلعنا الى القضايا الكبرى ؟
ان المطلوب تلقف أي كلمة طيبة والبناء عليها انطلاقا من اننا مهما فعلنا سنذهب الى الطاولة وبالتالي ، لماذا لانذهب الى الطاولة مباشرة ونبقي اجتماعاتنا حولها مفتوحة ؟؟ ولماذا لانقول الخطاب العقلاني الذي يؤدي بنا مباشرة الى الطاولة بدل خطاب الاتهام والتهديد والاستعلاء والغرور الذي يؤدي بنا الى الشارع ، ثم للطاولة ولكن على دماء الاْبرياء.
العراقي منذ أن خلقه الله سبحانه على تلك الاْرض والى اليوم . ذكي بتاريخه وبموروثه الحضاري ،بالاْمس كان كلكامش ونبوخذ نصر وبعدهم أبوجعفر المنصور والرشيد والمعتصم ، أعلام ودررفي القيادة والمهابة وعز العراق . نقول العراق أمانة بأعناق قادته فليذكروا الله ولحفظوا الاْمانة .