الايباد والاطفال hwaml.com_1383534776


حان وقت النوم.. حان وقت قصة ما قبل النوم أولا.. عبارة يرددها الصغار، ولحظة ينتظرها الطفل بفارغ الصبر يوميا للاستماع لقصة يقرأها الأهل له قبل أن يخلد إلى الفراش. هذا هو الطبيعي، لكن المشهد اختلف اليوم في ظل الزحف الإلكتروني الذي طال الصغار قبل الكبار، مما أدى إلى شبه اندثار للكتاب لتحل محله الأجهزة الإلكترونية التي أصبحت رفيقة الصغار والكبار وحتى الشباب.

في كلمة لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في إحدى مدارس لندن، دعا الأهل إلى القراءة لفلزات أكبادهم مفسرا ذلك بأنه الطريقة الأفضل لـ«توزيع الثروات»، بمعنى آخر لتكون فرصة النجاح متاحة أمام جميع الطبقات الاجتماعية، لأن هناك اعتقادا بأن أبناء الطبقة الثرية ينجحون أكثر في حياتهم المهنية بالمقارنة مع أبناء الطبقة الفقيرة، وكلمة كاميرون أثارت التساؤلات عما إذا كان يقوم هو بتطبيق نصيحته للآخرين أو أنه يترك الأمر للتكنولوجيا.

القراءة للأطفال قلت كثيرا، فالطفل أصبح أكثر استقلالية، التكنولوجيا في المنزل متاحة، ويعتقد عدد كبير من الأهالي بأن الثقافة الإلكترونية مهمة جدا ظنا منهم بأنها تفتح أعينهم على العالم وتجعلهم يواكبون العصر ويركبون موجة التقنيات، ولكن الخطورة هنا تكمن في أن جهاز الآي باد كمثال، يحل اليوم مكان الكثير من النشاطات الأخرى، مثل القراءة التقليدية، اللعب.. وهنا نتكلم عن الصغار، ولكن من هو المسؤول الحقيقي عن ذلك؟ الأهل بالطبع، فهم من يشترون الجهاز وهم يرون فيه مزايا وصفات جليسة الأطفال، وهذا ما يجعل طفلا في سن الثالثة أو أقل يتقن استعمال جهاز كيندل أو آي باد وألعاب «بي إس بي» و«وي» و«إكس بوكس» وغيرها الكثير من الألعاب الإلكترونية. المشكلة الحقيقية تكمن في الساعات الطويلة التي يقضيها الطفل على الجهاز الإلكتروني، وإمكانية وسهولة تنزيل الألعاب وتطبيقات «أبل» على الجهاز، فهناك حالات كثيرة تكبد من خلالها الأهل مصاريف باهظة من دون علمهم لقاء تنزيل أطفالهم التطبيقات والألعاب على الجهاز، فهذا يثبت مدى استقلالية الطفل. القراءة للصغار قبل النوم، لا تحوي في مغزاها تلاوة القصة فقط، إنما تكون فرصة لجلوس الأم أو الأب مع الطفل وعيش لحظة تبقى محفورة في ذاكرة الصغار إلى الأبد ولكن ما يحدث اليوم هو، انغماس الطفل في اللعب على الجهاز مما يؤدي إلى قوقعته في عالم خاص به، وللأسف هذا ما يجري في جميع البيوت، كل فرد من أفراد العائلة تراه منغمسا في العمل على جهازه الإلكتروني، إن كان الهاتف الذكي أو الآي باد أو أي لوحة إلكترونية أخرى.

من جهة أخرى لا يلام الأهل على اعتقادهم بأن الأجهزة الإلكترونية هي سبيل تثقيفي للصغار، ففي المدارس أصبحت الألواح الإلكترونية مفيدة جدا في الحصص التعليمية لتحفيز التلاميذ على التعلم باستقلالية، خاصة أن شركة «أبل» عرفت كيف تجند أجهزتها لتكون مناسبة للأطفال والتلاميذ، والهدف بالتأكيد ليس بهدف الثقافة إنما الوصول إلى أكبر عدد ممكن من شرائح المجتمع. جهاز الآي باد سهل الاستعمال، وقدرة الأطفال على الاستيعاب والتعلم تتخطى معرفة الكبار، وبالتالي فإنه يكون أقرب إليهم من الكتاب، فتعامل الصغار مع التكنولوجيا يبدو تلقائيا، وهذا ما يهدد مستقبل الكتاب وقصة قبل النوم، ويعزز وضع التكنولوجيا التي أصبحت طبيعة ثانية للأجيال الصاعدة وتدخل في صميم الثقافة، إن كان على المستوى التعليمي أو المستوى الاجتماعي. ولكن الحق يقال، فالأجهزة الإلكترونية مثل الـ«آي باد» شكلت معجزة حقيقية بالنسبة للأطفال الذين يعانون من التوحد، وغيرهم من الأطفال الذين يعانون من صعوبة التعلم، وهذا ما يجعل المعلمين يطالبون بالأجهزة في المدارس.

فاللوحة الإلكترونية تساعد على تنزيل الكتب الخاصة بالصغار، والألعاب ساعدت أيضا تعليم وتثقيف الأطفال لأنها تتفاعل معهم وتتكلم لغتهم، ويساعد في ذلك توفر الألعاب التعليمية التي تجذب الأطفال التي تقدمها تطبيقات «تايني تاب» المتوفرة في شركة «أبل» الأميركية، تقدم لهم إمكانية تنزيل الصور والتفاعل معها وتسجيل الأسئلة وسماع الأجوبة. وبالاشتراك مع شركة «ديزني» العالمية تم طرح تطبيقات خاصة بعالم ديزني لتنزيل كتب «توي ستوري» و«الأميرة والضفدع» و«ويني ذا بو» وقصص الأميرات وغيرها الكثير من أشهر قصص الصغار الشهيرة، إضافة إلى الناحية التثقيفية تساعد أجهزة الآي باد على تحفيز الإبداع الفني عند الصغار، وصقل موهبة الرسم، وتشجيعهم على خلق أفلام قصيرة يلعبون فيها دور الأبطال.

وتشير إحصائيات شركة «أبل» إلى أن الشركة باعت في أول يوم طرح فيه جهاز الآي باد أكثر من 300 ألف جهاز وتم تنزيل أكثر من مليون تطبيق وأكثر من 250 ألف كتاب إلكتروني من «آي بوك ستور». واللافت هو أن كتب الأطفال الإلكترونية تصدرت مبيعات تطبيقات الكتب التي تتراوح أسعار كل منها ما بين 3 و10 دولارات أميركية.