قصة الجارية تودد

الحمد لله رب العالمين * والصلاة والسلام على سيد المرسلين * سيدنا محمد وعلى آله وصحبة اجمعين * وبعد : فهذه قصة الجارية تودد وماجرى لها مع العلماء في حضرة امير المؤمنين هارون الرشيد انه كان في سالف الزمان وسابق العصر والاوان رجل تاجر بمدينة بغداد دار السلام يسمى دينارا له قدر ومقدار وهو من التجار الكبار وممن وسع الله عليه دنياه ورزقه مايتمناه وكان ذا مال جزيل وعبيد واماء وكرم وسخاء وعزة وامانه وشجاعة وديانه كثير الاحسان والكرم والحشم والخدم غير انه لم يرزقه الله تعالى ولدا لاذكر ولا انثى فكبر سنه ودق عظمه وانحنى ظهره فخشي على ذهاب ماله ان لم يكن له ولد يذكر به بعد موته فتضرع الى الله تعالى وابتهل بالدعاء وصام النهار واجتهد في قيام الليل ونذر النذور لله تعالى فرحم الله تضرعه وشكواه واستجاب الله له دعاءه ووهبه من فضله ماتمناه فما كان الا قليل حتى حملت احدى نسائه فلما تمت اشهر الحمل اخذها الطلق كما يشاء خالق الخلق فوضعت ذكرا كأنه فلقة قمر بعينين مكحولتين وحاجبين ازجين وخدين موردين شفتاه كالعناب وفمه كخاتم الاحباب ( قال الراوي ) فعند ذلك فرح به ابوه فرحا شديدا واخرج الصدقات واوفى النذور وكسا الارامل والايتام فقط واسرته وكحلوا مقلته وسماه ابوه بدر الزمان ولقبه بشاس الموهوب من الله تعالى بعد الاياس فارضعته المراضع وحضنته الحواضن وكفلته الدايات وحملته المماليك وزينته وخدمته الجواري الى ان كبر ونشأ وترعرع وانتشا وصار له من العمر اربعة اعوام فقص اباه المسافرون من جميع الاقطار من البراري والقفار والمهامة والاوعار المخاطرون بلجج البحار في الاهوال الغزار من سائر البلاد والامصار والمدائن الكبار ممن يجلب المماليك والجوار الحسان الغالين الاثمان ( قال الراوي ) فارغبهم بالمال الجزيل واقسم عليهم بمن انزل عليه القرآن تنزيلا وبالصحبة ورفقة الغربة في وصيفة مليحة صغيرة جميلة بنت خمس اعوام فائقة الجمال رخيمة الدلال عذبة الكلام مليحة الابتسام ثقيلة الاساس عطرة الانفاس فطينة عاقلة رزينة ليس لها في وقتها نظير حتى اربيها مع ولدي بدر الزمان الملقب بشاس الموهوب من الله تعالى بعد الاياس ليستغني بها عن سائر الناس ولاينظر بها الى احد من الاجناس تكون له قرينة وعلى دينه ودنياه معينه وتملأ قلبه فرحا فأقضوا لي حاجتي وبلغوني امانتي ومن اتاني بما اطلبه وبلغني ماقصدته فيما قلته فله عندي خمسمائة دينار واشهدوا علي بذلك ياايها الحاضرين فذلك غير ثمنها وازيد له قيمتها

يتبع غدا ان شاء الله