لم يكن الصوم مجرد حبس للنفس عن الملذات من طعام وشراب ومتع أخرى، بل هو تعويد للنفس على التكيف مع ظروف الحياة وما يطرأ على الكائن البشري من جوع أو مرض أو خلافه ومن طوارئ الحياة. والكل يعلم بفطرته أن منع الجسم عن الطعام والشراب ولفترة محدودة كما هو شأن المسلمين في صيامهم يفيد الجسم من نواحٍ عدة، والبراهين في فوائد الصيام أثبتها العلم التجريبي وعايشها الصائمون, فكان الصوم لهم عبادة يتقربون بها إلى الله وعلاجًا للنفوس والأبدان.

وقد يتضرر البعض أثناء الصيام بسبب اللبس في تقدير القدرة على الصيام لمن كان له رخصة بسبب المرض كمرضى السكر والصرع أو الحامل والنفساء وغيرهم ممن رخص الله لهم في الفطر، كما أن البعض قد يتضرر لا بسبب الصيام ولكن بسبب العادات الغذائية الخطأ والإفراط في الطعام بدون حجة. وقد يستفيد المصابون بالأمراض المزمنة أكثر من غيرهم من فوائد الصيام الجسيمة, ولكنهم وفي الجانب الآخر قد يتضررون بسبب عدم تقديرهم لكمية ونوعية الطعام التي يحتاجونها أو بسبب تفريطهم في زيارة الأطباء قبل شهر رمضان من أجل تقييم حالتهم الصحية وجدولة توقيت وكميات الأدوية التي يتناولونها.



الصيام وتأثيراته على البدن




الصيام في حد ذاته هو تدريب للجسم على التكيف مع الجوع والعطش, وبناءً عليه فإن العمليات الحيوية تقل بشكل كبير أثناء الصيام بسبب عدم امتصاص الطعام أو حرق مكونات الغذاء داخل الجسم, كما أن الجهاز الهضمي يحصل على فرصة ذهبية لترميم أنسجته وإفراغ فضلاته.

والصيام يجعل الجسم يستهلك مخزونه من الجلوكوز, والمخزن على هيئة جلايكوجين, وبالتالي يتجدد مخزون الجسم من هذا المركب الحيوي بعد تحوله إلى جلوكوز ومن ثم تحرقه خلايا الجسم وتحوله إلى طاقه.

وعندما يخف الحمل على الجهاز الهضمي، تقل كمية الدم التي يضخها القلب للجهاز الهضمي وبالتالي يقل الحمل على عضلة القلب وينخفض معدل ضربات القلب ضمن الحدود الطبيعية.

وفي دراسة أجراها الدكتور محمد منيب وآخرون على مئة شخص في تركيا، تبين أن الصوم لا يحدث أية تغيرات في مستوى البروتينات أو الدهون في الدم، وكذلك الحال بالنسبة لحامض اليوريك أو اليوريا لا من حيث الزيادة أو النقصان.

وقد لاحظ بعض الباحثين أن مستويات الكوليسترول تزداد في دم الصائمين في نهاية شهر رمضان وهو أمر نعزوه إلى طبيعة الوجبات الرمضانية الغنية بالدهون المنتشرة بين أفراد المجتمع وليس بسبب تأثير الصيام.

وحيث إن الاعتدال في كمية ونوعية الطعام خلال فترة الفطر بالإضافة إلى الحركة بنشاط وترك الخمول والكسل هي بيت القصيد، فقد لاحظ الباحثون أن الصيام يؤدي إلى انخفاض لمستوى السكر في الدم إلى أدنى مستوى له ضمن الحدود الطبيعية, وكذلك الحال بالنسبة لضغط الدم الانقباضي، في حال المحافظة على الاعتدال في الوجبات والحركة والنشاط.