ذكرت مجلة (تايم) الأمريكية، اليوم الثلاثاء، أن أكثر من نصف الأطباء فروا من سوريا وهى فى أمس الحاجة إليهم، بعد ثلاث سنوات من الصراع الدائر هناك.

وأوضحت المجلة – فى تقرير أوردته على موقعها الإلكترونى – أن الأسبوع الثالث من الانتفاضة السورية تطور إلى حرب أهلية وحشية وبدأ الجرحى بالتوافد على مستشفى فى ضاحية دمشق خلال مرور الطبيب أحمد (29 عاما) خلال الإقامة الطبية له.

وأضافت أنه "أثناء قيام أحمد – الذى طلب الكشف عن اسمه الأول فقط بسبب خوفه من ملاحقة الأجهزة الأمنية السورية – بالكشف الطبى على شاب مصاب بكدمات وجرح عميق فى جنبه الأيمن، قام اثنان من مسئولى قوات الأمن السورى بطرح العديد من الأسئلة على المصاب فى غرفة الاختبار عن هويته وكيفية إصابته وتبين أن المريض كان فى مظاهرة احتجاجية ضد نظام الرئيس السورى بشار الأسد، وفى تلك الأثناء، قام المسئولان باعتقال الشاب ولم يفعل أحمد شيئا.

وأشارت المجلة إلى أن شبيحة الأسد يقومون باصطياد المتظاهرين المصابين من المستشفيات ومن ثم يقومون بالبحث عن المتمردين الذين يقاتلون ضد حكومة الأسد.

وتابعت "عندما ازدادت قوة المعارضة فى مدينة دوما السورية، بدأ المعارضون بالبحث فى ممرات المستشفى - التى يعمل بها أحمد - عن أى مؤيد للنظام السورى الحاكم أصيب خلال الاشتباكات والقضاء عليه".

ونوهت الصحيفة إلى أن كل تلك التداعيات جعلت أحمد يستسلم ويتخلى عن المرضى واختيار الحياة فى الولايات المتحدة وساعده أقاربه بالفعل فى الهجرة، وقال معلقا "نعم، ربما أشعر بالذنب، يمكن أن أكون جبانا لمغادرة سوريا، لكن كطبيب يستحيل أن تعمل هناك".

ولفتت إلى أنه فى يوليو من عام 2012، أقرت الحكومة السورية مشروع قانون لمكافحة الإرهاب بتجريم تقديم الرعاية الطبية إلى أى شخص يشتبه فى دعمه للمتمردين.

وذكرت المجلة أنه وفقا لتقرير صدر فى الثانى من فبراير من العام الجارى من قبل أطباء من أجل حقوق الإنسان، يعد أحمد واحد مما يقدر بـ 15 ألف طبيب فروا من سوريا خلال السنوات الثلاث الماضية، وهو ما يمثل نصف عدد الأطباء المعتمدين فى البلاد، وأن الأطباء الفارين سببوا أزمة طبية مروعة.

وجاء وفقا لمنظمة الصحة العالمية أن أكثر من نصف المستشفيات السورية دمرت أو تضررت بشدة، بعد أن كانت المدينة السورية حلب تتباهى بعدد الأطباء الذى يقدر بـ 6 آلاف طبيب ولم يتبق منهم سوى 250 طبيبا يخدمون 5ر2 مليون نسمة وفقا لمنظمة الصحة العالمية، وفى ضواحى دمشق حيث يعمل أحمد تم خفض عدد الأطباء من ألف طبيب إلى 30 طبيبا فقط فى ديسمبر الماضى.

ووفقا للتقرير، اضطر الممرضات والفنيون وسائقو سيارات الإسعاف وأفراد الدعم الطبى للتخلى عن وظائفهم، وأصبحت المستشفيات غير قادرة على توفير الرعاية الطبية وإمدادات الأدوية.

وأضافت المجلة أن "الأمم المتحدة تقدر أن نصف مليون سورى تعرض لإصابات موهنة تتطلب رعاية طويلة الأجل فى مستشفيات فارغة"، مشيرة إلى أن الطاقم الطبى الذى فر من مستشفى أحمد استقروا فى فرنسا وألمانيا ودبى والمملكة العربية السعودية، وأن لدى البعض عقودا مربحة مع المستشفيات المحلية هناك وعمل آخرون فى العيادات الخاصة.
وذكرت المجلة أن العديد من الأطباء مروا بعملية شاقة للحصول على إعادة إصدار شهادات حتى يتمكنوا من العمل فى الولايات المتحدة وأوروبا.. ونقلت عن رئيس الجمعية السورية الأمريكية الطبية ومقرها ولاية شيكاغو الأمريكية الدكتور زاهى زحلول قوله "لن يعود معظم الأطباء إلى سوريا بعد انتهاء الأزمة"، مشيرا إلى أن الوضع الاقتصادى سيكون سيئا للغاية.

وأضاف أن "حوالى 1200 طبيب شرعوا فى إجراءات الإقامة فى الولايات المتحدة منذ بدء الصراع، وأنه ليس متأكدا من تعافى النظام الطبى السورى من تلك الأزمة"، وأشارت إلى أن النظام الصحى الأمريكى هو المستفيد من الأزمة، وأن العديد من الأطباء السوريين أنهوا الدراسات العليا والتراخيص للعمل فى الولايات المتحدة مع رواتب عالية ورعاية طبية متقدمة.



أكثر...