حداثة أى وطن مرتبطة بمدى احترامه للدساتير التى تضع قواعد عامة لحياة الناس اليومية، وبما أن تاريخ مصر الحديث مرتبط بعهد محمد على، فلا يمكن إغفال دوره فى إرساء قواعد ومبادئ العدالة والحرية والتكافؤ والمواطنة من خلال تشكيل مجلس مشورة برئاسة رفاعة الطهطاوى، لوضع وثيقة تعاقد بين الحاكم والمحكومين فى الدولة.

وفى ذكرى صدور الوثيقة الدستورية المصرية فى السابع من فبراير عام 1882، الذى يصادف إقرار دستور جديد للبلاد بعد ثورتين قادتا مصر إلى بداية حقيقة وخارطة طريق مستقبلية، نتطرق لأهم المواد الخلافية بين الدساتير المصرية.

كان مبدأ سيادة الأمة الذى اشتمل عليه دستور 1882 فى عهد الخديوى توفيق، أهم المواد الخلافية، لتقرر سلطات الاحتلال الإنجليزى إلغاءه بعد إقراره بفترة قصيرة، حيث يعطى الحق للأمة أن تكون صاحبة القرار والسيادة، ولا شك أن الحاكم باعتباره وليا على هذه الأمة يستأثر بكل السلطات المطلقة دون رقيب.

أما دستور 19 إبريل 1923 الذى تزامن مع أول برلمان مصرى منتخب ظل معمولا به 7 سنوات ليعطل، ويعود من جديد عام 1935، ويستمر حتى قيام ثورة يوليو 1952، وعُرف باسم "أبو الدساتير المصرية" لشموليته، إلا أنه احتوى على عدد من الثغرات، منها المادة الخاصة بأنه فى حال وجود خلاف بين مجلسى الشعب والشورى على ميزانية الدولة يتم حل المجلس بالأغلبية المطلقة.

وعن أبرز المواد التى أحدثت خلافا فى الوثيقة الدستورية عام 1954 والذى صدر فى أعقاب ثورة 1952، المادة 199 فى باب الأحكام العامة، وتنص على طلب البرلمان تفويض سلطات معينة للحكومة فى حال الحرب أو وقوع اضطراب أمنى، وإذا كان منحلا بالفعل يدعى للانعقاد ضمانة للحريات ومراقبة للتشريع.

وجاء دستور سبتمبر 1971 بعد وفاة الزعيم جمال عبد الناصر، ليستمر لمدة 40 عاما من تاريخ إقراره، واحتوى على العديد من المواد الخلافية، أبرزها تجديد مدة الرئاسة لأكثر من مرة، وشروط الترشح لرئاسة الجمهورية، وتحويل المادة الخاصة بنظام شغل منصب رئيس الجمهورية من الاستفتاء إلى الانتخاب.

فى أعقاب ثورة يناير، كان لزاما وضع مواد لدستور جديد يناسب مطالب الثورة بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، هو دستور 2011، واشتمل أيضا على مواد خلافية أحدثت جدلا منها المادة 11 فى باب الحقوق والحريات، بأن ترعى الدولة الأخلاق والآداب والنظام العام الذى اعتبره منتقدون تعديا غير مباشر على هذه الحقوق، ومادة فى باب حقوق العمال توجب على الدولة ربط الأجور بالإنتاج، لأنها تمكن أصحاب العمل من الإنتاج، وبالتالى يعتبر تعديا على حقوق العمال، والمادة 64 من نفس الباب التى تسمح بالعمل القسرى بدون اللجوء للقانون.

ولم يخلُ دستور 2013 الذى جاء عقب ثورة 30 يونيو المجيدة من الانتقادات والمعارك، بسبب إلغاء نسبة 50% عمال وفلاحين فى المجالس النيابية، والخلاف أيضا حول مادة المحاكمات العسكرية.

من جانبه يقول الدكتور ثروت عبد العال، أستاذ القانون الدستورى، فى تصريح لـ"اليوم السابع": "لا يمكن أن يوضع دستور يجمع عليه كل المواطنين، فالدستور مهمته رسم الخطوط العريضة للوطن فى المجالات السياسية والشعبية، من خلال قوانين وتشريعات تنظم العلاقات الاجتماعية، وتصل لنقطة توازن وتوافق لكل فئات الشعب".



أكثر...