أسرة تويني من الأسر المسيحية البيروتية واللبنانية والعربية، تعود بجذورها إلى قبيلة تويني (ثويني) في اليمن وشبه الجزيرة العربية، وقد توطنت في بلاد الشام والعراق والأردن، منذ الفتوحات العربية الأولى. وأشار القزويني صاحب كتاب "أسماء القبائل وأنسابها" إلى أن قبيلة تويني من عشائر النعمان بن لخم بن قحطان، وأول ما ورد ذكرها في تاريخ ابن الفرات في حوادث عام 795هـ، عندما أشار إلى توطنها في البصرة، وأنها تعود إلى قشعم وهو لقب ربيعة بن نزار، وأن أحد قادتها الشيخ عُقاب بن صقر بن ثويني بن عبد العزيز بن حبيب بن صقر بن حمود بن كنعان بن مهنا بن ناصر بن مهنا بن سعد بن المنذر بن قسّام بن قشعم بن غزي.
وأشار صاحب كتاب "عشائر الشام" إلى عشيرة الشنابلة، وهي انقسمت إلى قبائل عديدة بلغت بمجموعها 250 قبيلة، منها قبائل تويني والمدلج والمداحلة والغانم والحاتم وسواها. وأضاف أن تلك العشيرة وقبائلها انتشرت في الأردن وسوريا، ومنها أراضي قضاء مصياف في محافظة اللاذقية وقضاء المعرّة، ومن تلك القبائل تويني والشقرة والرفيعي وسواها. كما أشار إلى أحد زعماء قبيلة تويني المعروف باسم ثويني بن فرحان الصفوق. كذلك أورد "معجم قبائل العرب" أن قبيلة تويني كانت تقيم قبل أكثر من 500 عام في حوران، وأن جذورها تعود إلى عشيرة المساعيد، إحدى عشائر محافظة جبل الدروز في سوريا.


أسرة تويني من الأسر المسيحية البيروتية واللبنانية والعربية، تعود بجذورها إلى قبيلة تويني (ثويني) في 134600753551.gif

وذكر بعض المصادر المعاصرة أن ثمة موقعاً أثرياً في منطقة جبلة السورية الساحلية يُعرف باسم "تل تويني". وجاء في المصدر عن "اكتشافات أثرية في موقع تل تويني الأثري: "عثرت البعثة الأثرية السورية ـ البلجيكية خلال عمليات التنقيب في موقع تل تويني الأثري شرق مدينة جبلة السورية الساحلية، على مدفن يعود تاريخه إلى (1800 ق.م) استخدم في عصر البرونز القديم الثالث (2500 ق.م) حاصلاً لتجميع الحبوب، يحتوي على هيكلين عظميين وإبريق من الفخار وبعض الكسر الفخارية... كما عثرت البعثة على مدفن بيزنطي من القرن السادس الميلادي...".
تأسيساً على ما تقدم، يدرك القارئ أن قبيلة تويني من القبائل العربية التي تعود بجذورها إلى شبه الجزيرة العربية، وقد انتشرت في العراق والأردن وسوريا، وفي ما بعد في بيروت المحروسة، وخصوصاً في بداية العهد العثماني، وليس كما سبق أن ذكر الدكتور عمر فروخ في كتابه أنها من الجاليات البيزنطية، أو أنها من منطقة توانة (طوانة) في شرق آسيا الصغرى، بل هي أسرة عربية أصيلة وعريقة. علماً أن ابن الأثير يشير إلى موضعين أحدهما يُعرف باسم "تون" والآخر "تونة"، وقد نسب إليهما العديد من العلماء والأئمة والفقهاء.

توطّن الأسرة في بيروت
وقد شهدت بيروت المحروسة في العهد العثماني توطن أسرة تويني ووفادتها من بلاد الشام، وبرز منها في عهد أحمد باشا الجزار المتوفى عام (1804م) نصور بك التويني. وأشار السجل (1259هـ/1843م)، من سجلات المحكمة الشرعية في بيروت (ص144)، إلى السيد فارس بن جبران التويني وإلى السادة: ميخائيل بن فياض التويني، وجبران بن فياض التويني، وداود سلوم التويني.
من جهة ثانية، أُطلق على أفراد أسرة التويني في العهد العثماني لقب "الخواصات"، وهو لقب أطلق على الوجهاء والبارزين في المجتمع البيروتي، لا سيما المسيحيين منهم. وقال عبد الرحمن سامي بك (من مصر) الذي زار بيروت عام (1890م) عن الأُسر والعائلات الإسلامية والمسيحية التي تعرّف عليها في بيروت: "تحتوي هذه المدينة على كل طبقات الناس، ففيها الأغنياء وأصحاب البنوك كالسادات: بيهم وأياس والخواجات بسترس وسرسق وتويني وغيرهم...".
ومن الملاحظ أن سليم علي سلام (أبو علي) أشار في مذكراته إلى العديد من وجهاء أسرة التويني، وفعالياتها منهم جان بك تويني عضو جمعية بيروت الإصلاحية عام (1913م)، عضو أحد الوفود البيروتية إلى اسطنبول عام (1914م) مع عضو "مجلس المبعوثين" العثماني سليم علي سلام، وكاتم أسرار السفارة العثمانية في لندن، عضو المؤتمر السوري العام الذي عقد في دمشق في (7 آذار عام 1920)، عضو لجنة تأبين سليم علي سلام عام (1938م).
كما ذكر في مذكراته (ص313) حنا التويني أحد وجهاء بيروت، وميشال التويني مترجم القنصلية الفرنسية في بيروت قبل الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918م)، وأحد العاملين في الحقل الوطني في العهدين العثماني والفرنسي، وهو أحد الموقعين على وثيقة سرية ضد الدولة العثمانية في (18 آذار 1913م). كما أشار سلام إلى نخلة التويني في إطار أحداث عام (1912م) قائلاً فيه: "إن صديقي المرحوم نخلة بك التويني قال لي: إنه راجع قنصل فرنسا، وأنه وعده بالمساعدة، وأن حكومته مستعدة أن تمدنا بعشرين ألف جندي عند الاقتضاء إذا أعلنا الثورة...".
ومن المعروف أن نخلة بك ابن جرجس التويني (1855 - 1929م) كان من المعادين للدولة العثمانية، لذا حكم عليه أحمد جمال باشا بالإعدام، غير أن أقرباءه في السلطة الإيطالية تدخلوا فأعفي عنه، لذا سافر إلى سويسرا، ولم يرجع إلى لبنان إلا عام (1918م). انتُخب نائباً عن بيروت عام (1922م)، كما عُيِّن عام (1926م) عضواً في مجلس الشيوخ، ثم نائباً عام (1927م) في المجلس النيابي الأول. ترأس بصفته رئيساً للسن جلسات المجلس النيابي في أيار وتشرين الأول عام (1922م)، وأيار عام (1926م). توفي في (21 نيسان، عام 1929م).
والجدير بالذكر أن نخلة بك التويني سبق أن انتُخب عام (1892م) عضواً في مجلس إدارة ولاية بيروت، وعضواً في مجلس بلدية بيروت عام (1899م). كما برز من الأسرة اسكندر بك التويني سر ترجمان متصرفية جبل لبنان، ونجله عزتلو أسعد بك التويني، والأديبة آفلين تويني بسترس.

جبران أندراوس تويني
كما برز في العهد العثماني والانتداب الفرنسي وعهود الاستقلال جبران أندراوس تويني (1890 - 1947م) الذي تلقى دروسه في مدرسة الثلاثة أقمار وفي مدارس الليسيه. سافر عام (1908م) إلى باريس حيث عمل في صحيفة (Paris)، وفي صحيفة "نهضة العرب"، ثم انتقل إلى الاسكندرية فالمنصورة، وأمضى فيهما قرابة عشرة أعوام اشترك خلالها في تحرير صحيفة "الدلتا"، وترأس تحرير صحيفة "البصير" في الاسكندرية، و"المقطم" و"الأهرام" في القاهرة.

أسرة تويني من الأسر المسيحية البيروتية واللبنانية والعربية، تعود بجذورها إلى قبيلة تويني (ثويني) في 1346007877521.gif


عاد جبران تويني إلى بيروت عام (1923م)، وكتب في صحيفة "الحرية" وفي صحيفة "المرأة الجديدة" ومجلة "مينرفا". وفي عام (1924م) أصدر صحيفة "الأحرار" بالاشتراك مع خليل كسيب وسعيد صباغة. وانتُخب عام (1928م) نقيباً للصحافة.
في عام (1933م) أسّس صحيفة "النهار" التي اعتبرت الصحيفة المعبِّرة عن تطلعات الشعب اللبناني في الحرية والاستقلال، فخاض بواسطتها الصراع مع سلطات الانتداب الفرنسي، كما حارب الصهيونية والهجرة اليهودية إلى فلسطين، وقد عطلت السلطات الفرنسية وفي ما بعد سلطات الاستقلال صحيفة "النهار" أكثر من مرة، سواء في عهد مؤسسها جبران تويني أو في عهد نجله غسان تويني. وكان جبران تويني من أعلام الفكر القومي السوري، حارب دعاة الفينيقية والماسونية والانعزالية.
عُيِّن جبران تويني نائباً عن بيروت عام (1937م)، وترأس لجنة التربية الوطنية والفنون الجميلة، وكان عضواً في عدد من اللجان النيابية. في عام (1930م) وفي حكومة أوغست باشا أديب، عُيِّن وزيراً للمعارف العامة، وعُيِّن في عهد الاستقلال عام (1946م) سفيراً للبنان في الأرجنتين وتشيلي.
له الكثير من المقالات الافتتاحية في صحيفتي "الأحرار" و"النهار" وسواهما، طبع بعضها في كتاب بعنوان "في وضح النهار". كان صحافياً ومفكراً سياسياً واجتماعياً بارزاً مؤثراً في الاتجاهات السياسية في لبنان والعالم العربي.
تأهل من السيدة أديل سالم، ولهما أبناء هم السادة: غسان، وليد، فؤاد، وسامي. توفي في سنتياغو في 12 تشرين الأول عام 1947م، وأحضر جثمانه إلى بيروت المحروسة حيث دُفن في جبانة العائلة. ويعتبر نجله غسان تويني (من مواليد بيروت 1926) من أبرز أعلام الصحافة والفكر والسياسة، وقد ارتبط اسمه لسنوات طويلة بصحيفة "النهار" البيروتية.

د. حسان حلاق
مؤرخ وأستاذ جامعي