عادل عبد المهدي  في زيارة لمحافظات الفرات الاوسط يُشاهد ازدياد المساحات الخضراء.. وتوجه ملحوظ لزراعة البرسيم والجث.. ولخروج الرعاة لمراعٍ كثر فيها الكلاء، مما اثر نسبياً في اسعار الاعلاف. يشاهد الانسان فسائل جديدة للنخيل، واهتمام بالموجود حالياً.. فالامطار، لنقص قنوات الصرف والخزن، تغرق البيوت والطرقات وتدمر الارض عند تجمعها في المنخفضات، لكنها في بقية الاماكن تعطي فرصاً وامالاً جديدة فشلنا بتحقيقها بطرقنا الزراعية والاروائية المتخلفة. لاحظنا ازدياد المساحات المزروعة بالشلب خصوصاً في النجف والديوانية والسماوة.. وتوسع نسبي في زراعة الحبوب والخضروات، خصوصاً الطماطم.. وفجرت الامطار الارض بالكماة (بروتين الفقراء، كما يقال ايام زمان) فهبط سعره في السماوة لـ (10000 دينار) مقابل (60000) في بغداد. وشاهدنا اعمالاً لاستكمال بعض الطرق ولتنظيف فروع الانهار والقنوات والمجاري.. وفي حركة السايلوات والمجارش والمطاحن. باختصار تُلاحظ عودة بطيئة، لكن ملموسة، لحياة ريفية.. فالامطار نظفت وسقت ورفعت التفاؤل وفرص الحياة.. وان استمرارها، مع قيام الدولة بواجباتها بتوفير البنى التحتية.. وتخفيف اجراءاتها وجباياتها، وسيطراتها وتعليماتها البالية الممزِقة لوحدة الاسواق وسهولة الانتقال.. وتشجيع المواطنين في مبادراتهم واعمالهم.. وشراء المنتجات باسعار مغرية، سيفتح افاقاً واسعة لملايين العوائل. هناك حركة من المواطنين لبناء الدور السكنية.. واستثمارات واضحة نسبياً لبناء المجمعات السكنية وبعض الفنادق والمطاعم والاسواق، خصوصاً في النجف وكربلاء وبابل.. يرافقه نشاط تجاري. وهو ما سيولد عوامل تراكمية تدفع وتحرك بعضها.. وتشجع على استثمار الجهد والمال في نشاطات ستزداد بالضرورة. زرنا منطقة ساوة في السماوة.. المرفق السياحي المهمل تماماً.. والذي يمكن ان يكون شبيهاً بشرم الشيخ والبحر الميت. بحيرة بمساحة (20 كم2) تقريباً.. ومياه صافية مجهولة المصادر، كما يقال.. ومالحة نسبياً وبعمق يصل لثلاثة امتار. كانت هناك مجموعة من الشباب تستغل ساحة مبلطة لاقامة مضمار “تفحيط”، حسب تعابيرهم.. يقولون شاركت (150-200) سيارة الجمعة الماضية باستعراضات دوران وسرعة.. وتجاوز عدد الحاضرين الالف.. وان كل شيء جرى بانضباط ومسؤولية.. كانوا متطوعين تضامنوا للقيام بهذا النشاط بدون رعاية، ومن مواردهم الخاصة.. شباب متحمس استعاد طعم الحياة، ويريد التعبير عن طموحاته واماله. مثل هذه المبادرات يجب انتظارها واحتضانها.. فهناك زخم هائل من موارد طبيعية وبشرية لا يعيق انطلاقها سوى الاهمال الرسمي والاهلي.. والبيروقراطية القاتلة.. والاجراءات المتشددة الغبية.. وعدم توفير مستلزمات الانطلاق.

أكثر...