موفق الربيعي قليلا ما يصدق في كلامه !!!
خسرت حياتي ! تكشف أسرار حزب الدعوة الحاكم ..مذكرات المفكر غالب حسن الشابندر الحلقات 1و2و3




مذكرات خالد الشابندر عن حزب الدعوة 1346597893.jpg



الحلقة الأولى : ساعة في حضرة السلطان موفق الربيعي !
وأنا اشعر بالياس المطلق من كل شيء قررتُ أن اصرف بقايا عمري التي أتمنى أن لا تتعدى لحظات باتجاهين ، الأول : أن أعمل على تنضيد ما عندي من منتَج ثقافي وفكري حول الكثير من القضايا لعل تتوفر فرصة لطبعها ، والثاني :أن استعرض بعض تجاربي مع الآخرين ، خاصة من أصدقاء العمر والعقيدة والسياسة ، وإن كانت متواضعة ، لربما فيها فائدة للقراء ،وقد اخترتُ عنوان : خسرتُ عمري لسرديات الاتجاه الثاني ، وستخضع اختياراتي للظروف المحيطة بي .
كنت في زيارة للعراق قبل خمس سنوات تقريبا ، وقد قادتني الصدف أو المقادير التعسة أن أكون ضيفا على أحد الاصدقاء في المنطقة الخضراء، وذات الصدف أو المقادير التعسة قادتنى إلى طلب من بعض الاصدقاء بزيارة مستشار الأمن القومي العراقي ( موفق الربيعي ) للإستئناس والتلاطف وليس لأي داع آخر.
لبيت الدعوة وتوجهنا نحو القصر المنيف لحضرة المستشار القومي موفق الربيعي ، كان في استقبالنا بعض العاملين في خدمته ، وما هي إلاّ دقائق حتى هبط علينا المستشار، وبعد تبادل السلام العادي بينه وبين الضيوف بما فيهم كاتب هذه السطور، توجه أحد الحاضرين بالسؤال عن صحة المستشار إذ بدت عليه بعض معالم الهزال الجسمي ، وهل هو يعاني من مرض ( لاسمح الله ) ،فكان جواب المستشار ما نصه تقريبا : ـ ـ نعم ، أنا مريض ، ومرضي هو العراق !
لم اكترث لا للسؤال ولا للجواب ، خاصة للجواب ، لأني اعرف جيدا بان موفق الربيعي قليلا ما يصدق في كلامه .
وفي الاثناء تحدث المستشار عن همومه العراقية الكبرى، وفيما انتهى من كلامه ،توجهت له وبكل بساطة بسؤال عن سفرته مع بعض السياسيين العراقيين الى المملكة العربية السعودية، حيث قلت له ما معناه: ـ ــ لا أعتقد كان من الصحيح أن تصطحب معك في هذه الزيارة شخصية حزبية معروفة بتوجها الرديكالي ــ وإن تحول الى أمريكي اكثر من الأمريكان فيما بعد ولي معه سجال قادم ــ ،وأخرى محسوبة علنا على دولة لها علاقات متشنجة مع المملكة العربية السعودية ...
ما الذي حدث ؟
التفت إليّ وكنت جالسا عن يمينه ، وصرخ بي بكل ما يملك من قوة (صوتية ) حيث قال لي ما نصّه : ـ إسكت ، لا أمسح بكَ الأرض ! أي والله ، هكذا قال لي مستشار الامن القومي العراقي ، ذلك المناضل الكبير الدكتور موفق الربيعي ، الذي تشهد سجون صدام حسين ببطولاته النادرة .
لم أكترث لكلامه ، لعلمي بان السيد موفق الربيعي ليس بهذه الشجاعة بكل صراحة ، بل هو أجبن خلق الله ربما ، وابتسمت بشكل استهجاني ، وقلت كلمة كانت صعبة بحقه كما يراها ، وقلتها بهدوء ، ورفعت ساقي اليسرى الى اليمنى وأنا مستمر بابتسامتي الاستهجانية.
بعد هذه ( الزأرة ) الاسدية المقدامة من مستشار الامن القومي ، راح يتكلم عن قضية إعدام صدام حسين ، وكان مما قاله والله على ما اقول شهيد ، بأنه اتصل بالسيد رئيس الوزراء نوري المالكي تلفونيا ، وقال له ما معناه : ـ أبو إسراء لازم نعدم صدام حسين ! وحسب الربيعي نفسه ، بان الحجي أبا إسراء أجابه : تتصور لازم نعدمه ؟ ثم اردف نعم هذا قرار لا رجع فيه ... هنا قال الربيعي : قلت لابو اسراء ، شوف ( مو تتراجع ) يجب إعدام صدام حسين ...
هنا قلتُ له : يبدو أنك صاحب القرار الحقيقي في إعدام صدام حسين وليس سيادة رئيس الوزاء ؟
تراجع خائفا وقال : ـ لا ، لا ، هو رئيس السلطة التنفيذية ...
مرّت فترة سكوت ، ثم قال : ــ ـ أنا أعرف غالب الشابندر مخلص في نقده للحكومة وبأمكاني الآن أن اعتقله لو لا إيماني باخلاصه ! قالها بهدوء ، وهو يصوب نظره للآخرين ، ويتجنب نظره باتجاهي ، ابتسمت ايضا ..
ومن ثم قال : أنا يوميا أقرأ اربع تقارير ، ومن ضمنها نقد غالب للحكومة ، وبأمكاني الآن أن اعتقله ! لم يطل البقاء ، بل تأزم الموقف في داخل غرفة اللقاء ، وكان القرار أن تنتهي الزيارة ، خرجنا ، وكنت أول الخارجين ، خارج غرفة اللقاء كنت قد نأيت بنفسي بعيدا ، ولكن الاخوة الزائرين تحلقوا حوله مودعين ، وفي الاثناء توجه معهم حتى أدركني وانا كنت أنتظر الاخوة الحاضرين ، هنا قال :ــ ــ أنا ادين للاخ غالب لأنه هو الذي ( خلّصني ) من ورطة الاسلام السياسي عبر كتاباته .
لم أجب بكلمة واحدة ، ولكن قال في الأثناء ، حسب ما اتخطر ، بان اباه رحمه الله شيعيا ، وامه رحمها الله سنية ، وبالتالي هو يمثل رمز الشعب العراقي !
ضحكت ... ومضيت ... هل انتهت القصة ؟ لا ، فهناك بقايا ، لعل من فصولها المهمة قصة إعلان شيعة العراق ، وقصة الكراس الشهير ، سياستان ومنهجان للمستشار ، ياتي وقتهما بإذن الله ، .. وفي حلقات أخرى مع اصدقاء آخرين ...
الحلقة الثانية : وًصُدِم خضير الخزاعي صدمة هزّت كيانه !
قال لي أحدهم وكان محبا للغاية ، هل سوف تستمر في هذه الحلقات ؟
قلت له : نعم ، ولكن فيها ربما ما يسبب لك الضرر والوجع ، قال كذلك ، فأجبته : ليس عندي ما أخسره في هذه الحياة ،لاني خسرتُ كل شيء كما هو حال الكثير والكثير من ( دعاة ) الاسلام المساكين ، والكثير الكثير من العاملين على طريق ( تعبيد الإنسان لله عزّ وجل ) ، ثم ، ماالذي بقي من العمر يا صاحي ؟
مرة ، وفي طهران حيث كانت الحرب المهلكة التي شنها صدام حسين على الجمهورية الإسلامية ، تلك الحرب التي تشكل مدخلاً مهما لما حصل ويحصل الآن في المنطقة ، اتصل بي السيد خضير موسى جعفر الخزاعي طالبا مني إلقاء محاضرة في ( دولة آباد ) في طهران ، وقبل أن أساله عن موضوع المحاضرة استئناسا ، بادرني بالقول ، أن المحاضرة ( خوية ) أبو عمار لحث الشباب على التطوع للقتال على الجبهة ، بادرتُ بالقول ، (كلش مهم ) ..
وفي ساعة محددة جاءت سيارة أجرة كان يمتلكها سائقها من بيت ( الوردي ) واتجهت بي إلى مكان المحاضرة ، وكانت شقة كما يبدو مؤجرة للشباب ، هناك ، وحيث كنت معروفا بالقاء المحاضرات الاسلامية ، رحّب بي الشباب ، مهللين فرحين ، فقد كانت هناك نكهة خاصة لمحاضراتي ومازالت ، وهذا بفضل الله تبارك وتعالى ...
ما ذا قلت ُ؟ لقد حملتُ حملة شعوى على مشرو ع التطوع ، وخاطبت الشباب ، بان عليكم أن تتجهوا الى الدراسة والتحصيل العلمي ، لان العراق في حاجة ماسة إليكم بالمستقبل القريب أو المتوسط بإذن الله تبارك وتعالى ، وأن تطوعكم لا يزيد ولا ينقص من الحشود الأخوة الايرانيين على الجبهة ، وأكدت لهم ، بأنهم عبارة عن ( حطب ) في هذا التطوع لا أكثر ولا أقل ، وان من يحثكم على التطوع ( مرتاح ) ، و( سالم ) ، وربما يمنع أبنه من التطوع ..
وحين كنت أقول ذلك ، لاني أعرف أكثر من ( قيادي ) شجاع في حزب الدعوة وغيره من الاحزاب ( الإسلامية ) كان لسانه ذربا في حث الشباب العراقيين المساكين الى الذهاب إلى الجبهة، ولكن كان يحرص على أن يمنع ولده من الذهاب الى ا لجبهة ، بل نشبت خلافات بين بعض الاباء وأبنائهم في هذا الخصوص ، حيث كان بعض الابناء تحت طائلة الحماس الديني الذي كثيرا ما يكون عبارة عن هلوسة يريد الذهاب إلى الجبهة ولكن أباه يمنعه ، وتأتي فرصة الكلام عن بعض هؤلاء بإذ ن الله تبارك وتعالى .
كانت المحاضرة مقنعة جدا ، ولا أنسى لحظة انفجر سيد نجفي ( معمم ) بالبكاء المر ، لان ابنه كان قد أعدمه صدام ، لا لشيء ، سوى أن رجال الامن العامة اكتشفوا في بيته بعض نسخ من الرسالة العملية للشهيد محمد باقر الصدر ، كان سيدا ، قارئا على الحسين ، صاحب صوت أجش ، وقد أثار بكاؤه مشاعر الشباب المتواجدين في المحاضرة ...
هذه المحاضرة كانت بعد أن أدركت تماما وكما يمليه عليّ ضميري ووجداني ، إن ذهاب شبابنا الى الجبهة بمثابة انتحار مجاني ، وإلاّ كنت مؤمنا بالفكرة بداية ، ربما جاء ذلك متأخرا ،وربما بعد إيمان وإنْ بسيط بالفكرة والمشروع ، كما أن من أسباب هذا الموقف ، إني اكتشفت تلك المفارقة المجرمة ، أي حث الشباب على الذهاب إلى الجبهة ، ولكن الذين يحثون ويشجعون على ذلك مطئمنون إلى بيوتهم في شمال طهران ، وإلى غذائهم الدسم ، ومائهم النظيف ، وسياراتهم الفارهة ، وسفراتهم السعيدة .
في منتصف الليل اتصل بي السيد الخزاعي ، وقال لي بالحرف الواحد والله شاهد على ما أقول : ( ليش خوية هيج ) كلامك كان خلاف الاتفاق تماما : قلتُ : هذا ما أملاه عليّ ضميري ، قال: ( لكن هذا بضرر أخوتك ابو عمار ) ..
قلتُ : سبحان الله ، بضرر أخوتي ! وما ذنب هؤلاء الفتية الذين هم بعمر الزهور ؟
لقد كنتُ معه جافا ، ومن وقتها كانت هناك تحفظات على دعوتي لإلقاء اي محاضرة في أي محفل إلاّ بمراقبة وشروط !
لا أنسى ! كان أي شاب يأتي هاربا من العراق إلى إيران ، وفيما كان من الغرباء ،وليس له معين ، يقولون له : ( أنت بين أمرين ، أما تذهب للحوزة أو الجبهة ) ، وهكذا حصل مع شاب من أهل الكرادة الشرقية، فيما كان يريد إكمال دراسته باي شكل كان ، فما حصل سوى أن اُصيب بالجنون ، والمسؤول عن هذه الجريمة الآن حي يرزق ، يملك الاموال والبيوت ، من ْ هو يا تُرى ؟ يأتي الكلام عنه بإذن الله .
الحلقة الثالثة : ماذا قال الشبوط لخضير الخزاعي في لبنان ؟
كان البير كامو يؤكد بأن قضية الانتحارهي القضية الفلسفية الاولى ، كان يكره الاسئلة الميتافيزية ،ويسخر من أجوبة الفلاسفة على الاسئلة التي تبحر في جذورالاشياء ، كان يريد أن يثبت بان الحياة يمكن بل تستحق أن تُعاش حتى وإنْ كان الكون عبثا ..
بالنسبة لي ، أقول حتى إذا كان الكون حكمةُ فالحياة لا تُعاش ما دام هناك خبثاء جبناء منافقون ، ولم أجد أكثر نفاقا في هذه الدنيا من خلال مسح شخصي عادي مثل ( المتدينين ) أضع كلمة المتدينين بين هلالين حاصرين للغاية ،وفي روايتي التي صدرت مؤخرا بعنوان ( العودة إلى الرصيف ) ثمة قول لي ثبَّته في المتن ، وهو ( الدين حقيقة والتدين كذبة ) ، والأقوال في مثل هذه الارسالات تُقال على ذمة النسبية وليس الإطلاق كما هو معلوم.
كانت هناك مشاكل ( دعوتية ) في سوريا ، جاء وفد من الدعوة لحل هذه المشاكل ، وكان من بين القادة الدعاة صاحب المقولة العكسية التعسة النحسة ،( اليد التي تتوضا لا تسرق ) أي خضيرالخزاعي ، نائب رئيس جمهورية العراق المسكين ، ولا أريد أن أطيل بما جرى ، حيث كان لخضير موقف ثوري رائع في نكران الذات ،آتي عليه لاحقا بإذن الله تبارك وتعالى ...
ولكن كانت من بين المشاكل ، ان الحزب كان يتخوف أو يتوجس من محمد عبد الجبار الشبوط ، من أن يكون في نيته الانشقاق ، وهو كان يدير جريدة البديل الاسلامي ، وكانت الدعوة تشك أن عزت الشابندر يدفع به بهذا الاتجاه ، والواقع كانت قيادة الدعوة بشكل عام تخشى محمد الشبوط ، ولم ترتح له ، خاصة وقد كان من جماعة سامي البدري ، وسامي البدري على علاقة سيئة بالدعوة ، ولهذا حديث يطول يأتي في وقته ، ولكن النقطة التي صعدت من شكوك حزب الدعوة بنوايا السيد محمد عبد الجبار الشبوط هو اشرافه على جريدة البديل الاسلامي التي كانت تابعة لعزت الشابندر بشكل وآخر ، ومهما يكن ، كان كل ذلك من اسباب صراع عنيف شرس بين بعض قيادة الدعوة وبين الشبوط ، وكان ( بطل الصراع ) من طرف الدعوةالاستاذ عبد الزهرة البندر ، المشهور بـ ( أبو نبوغ ) ، وبحسب كل هذه المعطيات ، قرر الاستاذ خضير أن يسافر إلى لبنان للحديث مع السيد الشبوط ، لان هذا الاخير قرر ترك سوريا والعيش في بيروت لأسباب ليس هنا مجال بيانها ....
ما الذي حصل ؟
حسب علمي كان هناك عتاب من خضير مع الشبوط ، وكان خضير واعظا من الطراز الرفيع ، والشبوط يسمع ، كان خضير يؤكد على ضرورة الحفاظ على وحدة الحزب ، وأن يلتزم الشبوط بقرارات الحزب ، وأن لا يعمل حسب اجتهاده ...
ماذا قال الشبوط لخضير في نهاية المطاف حيث فشلت مواعظ خضير كما فشلت مع غير الشبوط ؟
قال محمد الشبوط لخضير : لا يحق لك أن تتكلم معي ، لسبب بسيط ، أنك عثمان بن عفان وأنا أبو ذر !
ليس المهم هنا أن يصف الشبوط خضير بانه عثمان ، ولكن هل حقا يستحق هذا الوصف الخطير ؟ جاء وقت ما أجلتُ الكلام عنه ...
لقد اقترح الدعاة في سوريا على الحزب أن يتولى خضير قيادة العمل في سوريا ، وافق خضير مباشرة ولكن بثلاثة شروط !
الشرط الاول : أن يتقاضى راتبه بالدولار ، وحسب ما اتخطر ألف دولار .
الشرط الثاني : أ أن يقتني جواز سفر سوري .
الشرط الثالث : أن يكون بيته في المزة أو مكان آخر يتمتع بنفس مواصفات بيته في شمال طهران .
واليوم ، لست أدري ، هل ما زال خضير الخزاعي بمثابة عثمان بن عفان بتصور أخينا محمد عبد الجبار الشبوط ؟ وللحكاية تتمة ، بل تتمات !



يتبع ..