مذكرات غالب الشابندر 14 و15 1346601115.jpg


الحلقة 14 : ماذا قلت للاديب ورفيقه الزهيري في مكة العام الماضي ؟
في أكثر من حديث مع أكثر من مثقف عراقي شكوتُ له وشكى لي هموم المثقف العراقي ، خاصة من إهمال كلمتهم ، واستبعادهم في حل مشاكل العراق وإنْ بالكلمة ، وما يملكه المثقف في العراق غير الكلمة ؟ فيما السياسي له الكلمة الاولى والأخيرة في الشان العراقي وإنْ لم يكن سياسيا محترفا ولا ذكيا ، وإلاّ أي عبقرية سياسية يحملها خضيرالخزاعي وهو الذي كتب مقالا عرفانيا (حداثويا ! ) في جريدة الصباح البغدادية، وقد بشر به العراقيين بإنتهاء الارهاب (وإلى الأبد ) لان العرب قرروا عقد مؤتمر القمة في بغداد
ـ المقال موجود في الصباح قبل انعقاد مؤتمر القمة العربي في العاصمة المنكوبة ـ
وفيما لم يجف حبر مقال الحبر الاعظم خضيرالخزاعي حتى عمت بغداد التفجيرات الهائلة راح ضحيتها العشرات فداء (لبولة خضير / إقرا عن بولة خضير في جزء من روايتي عنه بعنوان : المرآة المثلومة ، في موقع وسط أون لاين الذي يديره السيد سليم الحسني ) ، ومازال العنف يتصاعد في العراق بعد تلك النبوءة المشؤمة لخضير أحد اكبرسياسي حزب الدعوة تنظيم العراق / هل هؤلاء ساسة حقا ؟ /
اعود لما بدأ ت به ،حيث راجعت مع نفسي تلك الشكوى ، فقلتُ : على الثقافي أن لا يحزن من تصرف السياسي تجاهه بهذا الشكل ، لان البقاء للثقافي والموت للسياسي،ليس بقاء بايلوجيا ولا موتا بايلوجيا ، بل الموت والبقاء بمعنى التاريخ الحي ، هل هناك من أمثلة ؟
لقد اجتاحت اسبرطة بقسوتها الرومانية الجافة اثينا بأناقتها الفكرية ودمرت كل ما فيها ، ولكن الفكر اليوناني الرشيق والكثيف هو الذي بقى ، ولقد انتصرت مدرسة الجبر على مدرسة الاعتزال سياسيا ، لقد ذبحوا رجالها وابطالها وعلمائها ولكن انتصرت فكرة الاختيار وإن جزئيا فيما بعد ، ولقد اجتاح هولاكو بغداد مركِّزا على حرق وغرق الكتب ، حتى باتت مياه دجلة زرقاء حمراء،ولكن المغول اسلموا واسسوا اكبر امبراطورية اسلامية غزت العالم ، ونشرت الدين في أقصى الارض ..
ترى ماالذي سيقوله التاريخ عن الاخ ــ عفوا ــ عن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ،حتى وإنْ قدَّم ما لم يقدمه نوري السعيد للعراق ؟
سوف يقول التاريخ :إن العراق في عهد نوري جواد المالكي بلا كهرباء لسبع سنوات عجاف، وسوف يقول :أن حكومته شهدت أكبر موجة تزوير شهادات علمية ، وسوف يقول : إنه شق شيعة العراق أكثر من مرّة ،وسوف يقول : خرجت مظاهرات تهتف ( ؟ ) ..
وهل سيقول عن طارق الهاشمي غير ذبح الناس وقتل الابرياء ، وتهريب الاموال ؟
وهل سيقول عن علاوي غير تدمير العراق بسبب نرجسيته ودلاله الطفولي ؟
وهل سيقول عن حكومة السيد الجعفري غير أنها لم تكن تستوعب من الزمن العراقي الطويل الطويل إلا ستة أشهر وبمباركة امريكا وبريمر ولكنها شهدت أكبر عملية موت جماعي في حادثة الجسر ، وتفجير مقر الإمامين العسكريين ، وإنه فيما يهدي سيف ذي الفقارللصليبي الحاقد رامس فيلد ،ولكنه عندما يزور طهران يسب المعاهدة الامنية الامريكية العراقية ويعتبرها عاراً في جبين العراق ، ويقول : على كل عراقي أن يطرق أبواب الكويتيين واحدا واحدا ليقدم الاعتذار ...
والقائمة تطول وتأتي في الحلقات المقبلة بإذن الله تبارك وتعالى ...
ولكن التاريخ سيقول شيئا آخر بالنسبة للمثقف العراقي ، سيقول : إنه صمد وقاوم ونقد ، وإن مظفر النواب لم يزر رئيس الوزراء ! وهو مثال سريع لا أكثر ولا أقل ....
نعود الى ما بدانا به ، حيث كنت في مكة المكرمة العام الماضي ، وفيما كنت على مقربة من بيت أحد العلماء ، لمحت الإثنين ، من هما ؟ وزير التعليم العالي علي الاديب ( الذي هرب من العراق نظرا لملاحقة النظام له ؟؟؟ !! ) وشيخ الدعوة عبد الحليم الزهيري ..
كنت متكئا على سيارة واقفة ، خرجا من بيت العالم الكبير ، لمحني الاديب بطرف عينه ، ثم أخذ يواصل سيره ، ولكن التفت فجأة وقال لي : ( خوية أبو عمار ، شلونك ، شلون صحتك ، وعانقني ) كان يرتدي الدشداشة البيضاء، وعجبني بانه لم يصبغ شعره المشيب ، كما هي عادة أكثر الساسة المؤمنين ، خاصة ساسة الخضراء ، وكان شيخ ا لدعوة يرقب المشهد بعين دائرة في محجرها ، والابتسامة الخائفة تطوف على شفتيه ، والارتباك واضح عليه ...
قال الأديب : ( قرات مخطوطتك التي تتالف من الف نقطة حول وضع العراق ) / وهي الف نقطة كنت قد قدمتها لصناع القرار السياسي الشيعي في العراق سوف انشرها في صوت العراق كلها مرة واحدة / وكان مما قال في الاثناء : ( شلون خلك عندك هاي وشلون جمعتها )؟
قلتُ : (زين إذا كان هيج لعد ما خابرت ، ما اتصلت ، ما سالت ) بدت عليه معالم الحيرة ، وخلفه شيخ الدعوة تحوم حول عينيه علامات الخوف من بقية كلامي ، ثم أردفت بالقول مباشرة : ( لو أنتم ما تردون الشرفاء، وترسلون على السفلة والساقطين والسرسرية ، أمثال ن ، ي / اتحفظ على ذكر الشخص كاملا الان / وتغدقون عليه المال ، يضحك عليكم ، والشرفاء الذين لايريدون مالا ، وإنما يريدون أنْ يخدموا فقط ، مجانا ،وبكل شرف وايحية تستبعدونهم لانهم شرفاء ... ) ..
قال : ( منو هذا ما أعرفه ؟)
قلتُ : (أسال رئيس وزرائك يعرفه )
قال :( رئيس الوزراء دولة، نوري المالكي دولة ) ولم أعرف مناسبة الكلام بالحقيقة ،فقلت له : ( وأنت ؟ )
قال : (نحن دويلة وليس دولة)
وكان يحرك كفّ يده اليمنى دائريا للتعبير الجسدي عن مغزى كلامه ، وفيما سالته : ( شنوأخبار الانقسام الجديد في الحزب ؟ )
قال : ( لا ماكو )
قلتُ له :(حزب الدعوة مملوء بالانقسامات المُضْمَرة )
هنا تحرك وشيخه الجليل بسرعة البرق باتجاه الشارع العام ، لم يصبر ، فعلمت من خلال الحركة إن سيارة اجرة تننتظرهم ! وعرفتُ أنه خاف مما هواعظم !
ولكن هل هناك حقا ما هو أعظم ؟
نعم ... ما هو راي الاديب بالناصرية وأهل الناصرية وبالاخص الشيخ محمد باقر النصاري ؟
وما هي قصته معي عندما طلب مني أن أكتب له برنامج كامل عن مشروع كان له بعنوان : المجلس الاعلى للثقافة ؟ وهناك ما هو أكبر إثما ... وسؤال مكرَّر... منْ هو المخلَب ؟ غدا
الحلقة 15 : عندما يكون الإله رخوا دهاقنة الإسلام السياسي !
عندما يكون الإله رخوا دهاقنة الإسلام السياسي لهم إلههم الخاص بهم ، ليس إله عمرو بن عبيد ، وقبل ذلك ليس إله أبي ذر الغفار، وفي العمق ، ليس إله محمد وعلي والحسين ... ( أيها الإله كم هو جسدكُ رخوٌ ! لقد استطاع مهران بسهولة تمزيق ذلك الجسد ،هو ذلك ، يتقلَّبُ ذات اليمين وذات الشمال ، بين يدي مهران ،إني لأشفق على هذا الإله المسكين ، ولكن كيف السبيل إلى إنقاذه من مخالب مهران ... أيبقى الإله سجينا ؟ أيبقى الإله رهينة مهران ؟ منْ لهذا الكون الذي بدأ رحلة الضياع؟ تعالوا نحرِّر الإله من سجنه الرهيب، من جبَّة مهران السريَّة ،من جيوب مهران المتوارية بين فخذيه ... صمتٌ ساخر ... ساخر... ساخر ... فففففففففف كم جسدك رخوٌ أيها الإله؟ ) . ــ مقطع من رواية ( شياطين) لغالب الشابندر طبع دار فيشون السويدية سنة 2012 ــ
منْ هو مهران ؟ إنه ذاك ( الروحاني ) المتجلبب برداء الرب المسلوب من دموع اليتامى، يتحايل على جسد أنثوي في ريعان الصبى ، حتى وإنْ كان موظفا في أهم مؤسسة روحية في عالم اللاهوت ، كأن تكون دائرة اوقاف شيعية أو سنية ! ، أعني ما اقول ، وكأن تكون مؤسسة إرشادية إسلامية أو مسيحية ، أليست هي بالغة؟ صحيح أنّ سنها دون العشرين ، ولكنها تجاوزت الخامسة عشرة من العمر ؟ ثم ، ذاك استر لها ! وفيما تقول له : ( انت مثل أبي ) يقول لها : ( ولكن أنا لست أباك ولا اشعر أني ابوك ...) ...
وكاد ان يغمى على ( رئيس وزراء ) عندما سمع شكواها ، ارتفع فيه الضغط ،كاد أن يُغمى عليه ، أنْ تفتش عن لذتك ، فذاك شأنك ، ولكن أن تكون بهذه الطريقة فجريمة إنسانية كبرى، ولم اعد استعمل كلمة ( حرام ) ، لانها تحولت إلى بضاعة كاسدة بفضل مهران وأمثاله ، فليس هناك مهران واحد، بل أكثر من مهران .
إله الاسلام السياسي يحرم مصافحة المرأة الاجنبية قبل الحكم ويحلله بعد الحكم ، بل يوجبه ، بل يفرضه ..
إله الإسلام السياسي يلعن الديمقراطية ، ويكفّر محمد عبد الجبار الشبوط لانه قال بالمسار الآلي الديمقراطي وليس بالمضمون الاجتماعي الديمقراطي ، ولكن بعد الحكم تكون الديمقراطية من جوهرالاسلام ، بل هي الإسلام ...
قال مرّة المحلل السياسي الكبير خضيرالخزاعي ان الديمقراطية فُرِضت علينا ، فيما اسمعه بمليء سمعي في حوار بائس معه يمتدح الديمقراطية ، ويزينها بما هو شائن في صميمها ، أرأيتم النفاق ؟
ماذا لو التقت كولدار رايز بالسيد المالكي في سوريا وقبل استلامه الحكم ، هل سوف يصافحها ؟
وهي تملك الاصابع الرائعة ،سوداء اللون ، مصقولة القوام ، حارة الملمس ، تلمع بفوران الحياة قبل أن تلمع بزيتها ( المكياجي ) الحساس للغاية ....
تمر الأيام والصدفة أو القدر النحس يجمعني أنا والاخ سليم الحسني في لندن باحدهم ، لماذا أحدهم ؟ إنه الشيخ الزهيري ، في لندن كان اللقاء ، وفي شارع أجورد رو د ، وكان حديثا طويلا عن مشاكل الشيعة في العالم والعراق ، وفيما يتشعب الحديث تطرق الشيخ إلى قضية الترشيحات داخل دائرة صناع القرار الشيعي كما أتذكر،او داخل دائرة مغلقة تضم أبطال المسيرة ، وكان خضير الخزاعي هناك ، كان الكلام حول تشكيل الحكومة بعد الانتخابات النيابية الاولى، كان خضير الخزاعي كما قال الزهيري يصر على أن يكون هو رئيس الوزراء ، وعندما يساله الحاضرون عن مؤهلاته ، يقول نقلا عن الزهيري ـ يكاد يكون نقلي حرفيا ـ وهو يعدد مؤهلاته : ( كنت أنا مسؤول غالب الشابندر ، وغالب الشابندر كان يسرني بالقول : لو لم تكن أنت بالدعوة لا انتمي لهذا الحزب ) ، هكذا قال ،والله على ما اقول شهيد ، وسليم الحسنين شاهد حاضر ...
وللتاريخ أن كلا مقطعي كلام خضير صحيح ، فقد كان مسؤولي حزبيا في طهران ، وقلت له مرة الشطر الثاني من الكلام ، لاني كنت اتوسم به روح المتدين الذي لا تغيريه سفاسف الحياة ولا عروض الدنيا الزائلة ... وكان خضير الخزاعي وفيا مع صاحب هذه المذكرات ، كيف ؟
في لقاء لي معه في مكة قبل أربع سنوات تقريبا ، وفي حضرة الكعبة التي أحبها لرمزيتها الروحية ، قال لي مفتتحا اللقاء : ( ابو عمار كل شي أحكي بس لا تقول توظيف ! ) ...
حقا صُعِقتْ ، فالرجل يعرفني اني اكره الوظيفة، ولا اطيقها ، ولا احب المال ، ولم احلم يوما بمنصب ، حقا صُعقت ، ولي كلام طويل عن لقائه به هذا ، فقد حكى لي الغرائب ....
أي إله رخو هو الذي يؤمن به ذاك اللاهوتي، وهذا التلميذ الوفي لأهل البيت ! فهو طالما ينشد بهم شعرا ..
أنْ تمارس الحب والغرام والمغامرات فهذا شأنك ، ولكن باسم الدين والمذهب فتلك جريمة ، ليس كالجسد الانثوي يسحرني ، ولكني أدخل الى ملكوته باسم الرغبة لا الدين ، أغامره ولا اخادعه ، وكم لي في هذا المجال من جولة وصولة.
منْ هو المخلَب ؟
كان مفكر حزب الدعوة السيد ابو عقيل ـ وفكره عندي لا يتعدى مستوى خريج كلية مثقف ـ يسميه ( شيطان الانس ) ، بموازاة حسن السنيد حيث كان يسميه ( شيطان الجن ) ، وعندما سئل عن سر هذا القرن، قال ما معناه ( إن لكل شيطان جني قرين من الانس )، فمن هو شيطان الأنس هذا ، وما قصته مع السيد ابو عقيل ؟
الجواب مازال يبحث عن مناسبة في الصميم ... ولكن الم يشتغل صاحب هذه السطور مع رئيس الوزراء العراقي لمدة ستة اشهر ،السيد الاشيقر ؟ نعم ، وفي ذلك حديث طويل يتبع
.