أرسل (...) إلى افتح قلبك يقول:

أنا شاب عمرى 28 سنة, لا أجد شيئاً آخر أصف به نفسى بعد سنى, فأنا لا أعمل, وغير متزوج, وليس لدى أى نشاطات تُذكر فى الحياة, ولا أجد فى نفسى أى رغبة أو قوة دافعة لفعل أى شىء.. وتلك هى المشكلة.

أنا الابن الأكبر بين 3 أشقاء, أبى كان رجلاً مثالياً فى كل شىء, محترم, مسئول, قيادى وله كلمة فى أسرته وعائلته كلها, لديه أعلى الشهادات العلمية فى العائلة, ولديه العقل الأرجح بينهم، كما كانوا يقولون دائماً, باختصار والدى كان "كبير العائلة"، مع أنه لم يكن أكبرهم سناً.

والدتى كانت أفضل أخواتها أيضاً, فهى الوحيدة بينهن التى أكملت دراستها الجامعية, واستطاعت الجمع والتوفيق بين بيتها وزوجها وأولادها من جهة, وعملها من جهة أخرى, كما أنها كانت شخصية اجتماعية ومحبوبة من الكثيرات من الأهل والأصدقاء.. لهذا كله ولدت لأجد الناس تنظر إلى على أنى يجب أن أكون "فذة" أو نابغة عصرى، وأوانه, فكيف لا وأنا ابن أفضل رجل وامرأة تعرفهما العائلتين؟!

لم أكون الأول فى دراستى, ولكنى كنت من المتفوقين, حتى عندما كنت أنضم إلى أى فريق رياضى كنت أبدو دائماً من المميزين, ظللت هكذا حتى حصلت على شهادة الثانوية العامة, بمجموع لم يرقِ لأن يدخلنى الكلية التى طالما حلمت بها, والتى كانت حلم أبى لنفسه سابقاً أيضاً, فانهار كل شىء.. لا أدرى كيف؟ أو لماذا؟

دخلت كلية نظرية لا أحبها ولم أفكر يوماً فى الالتحاق بها, وتخرجت منها بعد 9 سنوات كاملة, مرات لم أكن أذاكر, ومرات لم أكن أصحو فى وقت الامتحان, وأوقات أخرى أذهب الامتحان لأكتب اسمى وأخرج من اللجنة فوراً,وإذا سألتينى كيف تخرجت بعد كل هذا؟ لن تجدى لدى أى إجابة غير "لا تتعجب إنها إرادة الله".

فى هذه الأثناء توفى والدى، والذى كان يدير عمله الخاص بالاشتراك مع أعمامى, وبالطبع كان لزاماً علىّ أن أحاول أن أتعلم لأخذ مكان والدى وأباشر عمله, فكنت أذهب للعمل دون أى حماس أو رغبة كالعادة, ولكنى لم يسعنِ أن أمتنع وقتها, نظراً لأن أمى لم تكن لتترك لى الفرصة لفعل ذلك, حتى دخلت الجيش بعدها بشهور قليلة, فكان ذلك بمثابة "الذريعة" الشرعية التى هربت بها من ذلك العمل.

فترة تجنيدى كانت صعبة جداً, خاصة أنها تزامنت مع أحداث الثورة, لكن الأصعب منها هو خروجى للحياة العملية أخيراً، ولكن فى سن السابعة والعشرين.. بلا خبرات سابقة, بلا مؤهلات إضافية, بلا "سيرة ذاتية" اللهم إلا تلك المعلومات البدائية التى توجد فى سيرة أى شاب فى عمر الـ21 أو 22 سنة على الأكثر.

أرسل إليكى الآن لأخذ رأيك فى حل مشكلتين أساسيتين فى حياتى؛ الأولى هى أنى بلا هدف, ولا أشعر بأى ميل أو تحمس تجاه أى شىء فى الحياة, وكأنى أصبحت أكبر من أن أعيش كأى شاب يبحث عن نفسه, والثانية هى أنى أعانى دائماً من الخوف.. الخوف من كل شىء و أى شىء, فأنا أخاف أن أخرج فأصاب بأذى فتفقد أمى ابنها الكبير بعد أن فقدت زوجها, وأخاف أن أقود سيارة والدى فأصدم أى شخص, وأخاف أن أقدم نفسى فى أى مكان فأقابل بالرفض أو السخرية.. يوماً بعد يوم أصبحت كالسجين فعلاً, ولكن سجين أفكارى أنا, فى حين أنه لا يوجد أى شىء حقيقى يمنعنى من فعل أى شىء.. أنا فقط من أمنع نفسى وأحبسها عن أى فعل.. مللت من نفسى ومن الحياة, فمن هم فى مثل سنى عملوا وفى أكثر من عمل ربما, أو سافروا للخارج, أو تزوجوا وأصبح لديهم أسر وأولاد.. أما أنا.. ماذا؟ لا شىء.. لا شىء أقوله عن نفسى أو أرفقه باسمى عندما أحاول تقديم نفسى إلى الآخرين.. فهل لك أن تساعدينى؟



أكثر...