حسان القطب .. تذكرنا غداة تقلد قائد الجيش المصري عبدالفتاح السيسي في شكل رسمي رتبة «المشير» تنفيذاً لقرار ترقيته، ليصبح بذلك تاسع وزير دفاع يحصل على هذه الدرجة الرفيعة، في تاريخ مصر، حادثتين تاريخيتين مماثلتين، الأولى عندما قام الملازم اول معمر القذافي الذي قاد الإنقلاب في المملكة الليبية عام 1969، بترقية نفسه إلى رتبة عقيد بصفته قائداً للإنقلاب ليرفع من قدره قليلاً، وعرف منذ حينها بالعقيد القذافي.. والثانية عندما قام ليونيد بريجينيف الأمين العام للحزب الشيوعي السوفياتي بمنح نفسه بصفته الحزبية والسياسية جملة من الأوسمة تقديراً لجهوده…؟؟ ومن بين الاوسمة التي كان بريجنيف قد منحها لنفسه، هي الأوسمة التي تمنح لـ”ابطال” الاتحاد السوفياتي، وفي مقدمها وسام “جوقة النصر” الشهير الذي يعتبر ارفع وسام عسكري يمنح في بلاد السوفيات… في ذلك الحين ..؟؟ فقائد الإنقلاب العسكري في مصر الجنرال السيسي هو من منح نفسه هذه الرتبة بالفعل، ولكن بتوقيع الرئيس المؤقت…تماماً كما فعل القذافي وبريجينيف… وهما نموذجين يمثلان قمة الديكتاتورية والوحشية والشمولية..والطريقة التي بدا السيسي يخطوها بالواقع المصري لا تختلف أبداً عن نهج القذافي وبريجينيف.. فشعار ومصطلح محاربة الإرهاب الذي بدأت إيران بنشره مفهومه والترويج للحرب على اساسه مع كل من يخالف توجهاتها وطموحاتها السياسية والأمنية في منطقة الشرق الأوسط، برعاية روسية وبتجاهل اميركي.. يستعمله السيسي وفريقه بكل تجاوب.. واول مظاهر التقارب بل والتعاون المصري المستجد من قبل السيسي مع رموز النظام الليبي في عهد القذافي برزت حين رفضت «هيئة مفوضي مجلس الدولة» التابعة للقضاء في مصر، طلب السلطات الليبية استرداد منسق العلاقات الليبية – المصرية السابق أحمد قذاف الدم، ابن عم العقيد معمر القذافي. وطالبت الهيئة في تقرير لها، الحكومة بتأجيل قرارها تسليم قذاف الدم، كونه «لاجئاً سياسياً»، اضافة الى «غياب ضمانات النزاهة» في القضاء الليبي…؟؟؟؟ ويأتي ذلك في اعقاب تبرئة محكمة جنايات القاهرة قذاف الدم، من اتهامات بالشروع في قتل ضابطي شرطة ومقاومة السلطات عند تنفيذها قراراً بتوقيفه، اضافة الى اتهامه بحيازة أسلحة من دون ترخيص. وأيدت الهيئة بذلك حكماً سابقاً لمحكمة القضاء الإداري برفض تسليم قذاف الدم الى السلطات الليبية، بعدما قدم وثائق تؤكد تمتعه وشقيقاته بالجنسية المصرية «عن وجه حق»، باعتبارهم مولودين لأب وأم مصريين.. منذ تنفيذ الإنقلاب العسكري مطلع تموز/يوليو العام الماضي (2013)، والآلة الدعائية المصرية التابعة للجيش المصري الذي هاله الخروج من السلطة نتيجة الحراك الشعبي الواسع والانتخابات الديمقراطية التي جاءت برئيس مدني إلى السلطة ولأول مرة في تاريخ مصر، سواء كان ناجحاً في ادائه ام لا..؟؟ إلا ان الانتخابات هذه قد اسست بالفعل لمسار ديمقراطي حقيقي قد يبقي هذا الفريق السياسي في السلطة بنتيجة صناديق الاقتراع في اية انتخابات مقبلة او قد يؤدي إلى خروجه من السلطة وبالطريقة نفسها…؟؟ وهذا ما لا يتناسب مع طموحات ودور وفعالية المؤسسة العسكرية للأسباب التالية: - إن المؤسسة العسكرية تهيمن على 45 بالمئة من حجم الإقتصاد المصري، مما يعني ان الشعب المصري ومؤسساته الحكومية والإدارية وسواها إنما تستفيد من نسبة 55% الباقية..؟؟.. فقد قدرت صحيفة ألمانية، حجم سيطرة الجيش المصري على مقاليد الاقتصاد في البلاد بنحو 45%، راصدة في تقرير موسع تم نشره، حول نفوذ القوات المسلحة في الواقع الاقتصادي المصري، الأمر الذي جعل من الجيش إمبراطورية تجارية، وأحد العوامل المؤثرة في اقتصاد الدولة. وذكرت صحيفة “دي ?يلت” Die Welt الألمانية، أن الجيش المصري يمتلك مئات من الفنادق والمستشفيات ومصانع التعليب والنوادي والمخابز، إضافة إلى عشرات الآلاف من العاملين فيما لا يقل عن 26 مصنعا تقوم بتصنيع سلع استهلاكية للمصريين مثل الثلاجات والتلفزيونات والحواسيب، فضلاً عن تصنيع عربات القطار الجديدة للسكك الحديد، وكذا سيارات الإطفاء، كما يعمل على توفير محطات حرق النفايات ومياه الصرف الصحي إذا تطلب الأمر. فقد بدا الجيش في الاستثمار في كل شيء في البلاد بدءاً من الزراعة إلي بناء الطرق والكباري والاستثمار العقاري والصناعات الإلكترونية مروراً بمصانع اللبن والدجاج ومزارع تربية العجول والأبقار ومزارع الخضروات والفاكهة ومصانع المعلبات والمزارع السمكية. وإضافة إلي كل تلك المشروعات المربحة، إضافةً إلى ذلك فقد اقتحم الجيش المصري مجال السياحة بقوة وراح كبار قادة القوات المسلحة يتملكون ويديرون كبريات الفنادق والقري السياحية في شرم الشيخ، وأورد التقرير الذي حمل عنوان “الجيش المصري هو القوة الاقتصادية الحقيقية في مصر” كتبت الصحيفة، أنه بعد رحيل مبارك وتولى المجلس العسكري زمام الأمور بقيادة المشير طنطاوي البالغ من العمر 75 عام فان المجلس عمل بكل ما لديه من قوة على حماية تلك المصالح الاقتصادية المربحة. - إن أية سلطة سياسية حرة ومنتخبة من الشعب المصري سواء كانت من الإخوان المسلمين او من سواهم لن ترضى او توافق على ان يبقى الوضع الحالي للمؤسسة العسكرية على ما هو عليه..؟؟ - إن تأثير المؤسسة العسكرية على الاستراتيجية السياسية لنظام الحكم في مصر بدأ مع عهد عبدالناصر واستمر حتى اطاحت الثورة الشعبية بالنظام..؟؟ لذا فإن خسارة المؤسسة العسكرية لامتيازاتها سوف يحرمها من القدرة على التأثير في السياسة الخارجية أوالتدخل في الشأن الداخلي المصري..؟؟ لذلك فإن ما رأيناه وعقب الانقلاب العسكري الذي قادة السيسي مباشرةً هو محاولة إعلامية مدروسة ومنهجية لانتاج شخصية وطنية ورمز سياسي عسكري يستطيع قيادة مصر نحو بر الأمان.. كما يتحدث الإعلام التابع للسلطة الإنقلابية..؟؟ وأكد السيسي هذا مراراً بقوله انه لن يترشح للإنتخابات الرئاسية إلا إذا حظي بإجماع شعبي ووطني وأضاف أيضاً عبارة التفويض الشعبي… مما يعني أن الانتخابات الرئاسية لا مبرر لها فعلاً إذا كان التفويض الشعبي هو المطلوب، وهذا بالتأكيد يعيدنا إلى مرحلة النظام الناصري وانتخابات كانت دائماً نتيجتها 99.99 بالمئة لصالح الزعيم الرمز والرئيس الملهم… وهذا ما كان الحال عليه ولا يزال في الدول الشمولية والأنظمة التوليتارية والديكتاتورية… وللتخلص من المعارضة الشعبية والسياسية الحقيقية… كان لا بد من إلصاق تهمة الإرهاب بكل من يعارض الزعيم والمشير السيسي..؟؟؟ إن من الواضح أن الحملة الدعائية والترويجية للسيسي لم تلحظ معالجة أهم الأسباب المعلنة التي قام السيسي بانقلابه على اساسها، الا وهي حماية الاستقرار السياسي والإقتصادي والأمني في مصر..؟؟ لذا فمن الملاحظ ان مضمون جميع خطابات السيسي القليلة، كما ان عناوين الحملة الدعائية […]

أكثر...