ديوان الهذلييــــن

وديوان الهذليين صَنَعَه أبو سعيد، الحسن بن الحسين، السُّكّري (212-275هـ، 827-888م). وهو عالم في اللُّغة والنحو ورواية الشعر، اشتغل برواية دواوين الشعراء وأشعار القبائل.
ويعدُّ هذا الديوان من الدواوين الفريدة التي وصلت إلينا، ولو وصلت إلينا بقية الدواوين لكانت ثروة علمية قيّمة، تكشف عن خصائص اجتماعية ولغوية مهمة. وترجع أهمية هذا الديوان إلى أن قبيلة هذيل كانت من قبائل الحجاز المعروفة بفصاحتها وسلامة لغتها من شوائب العجمة؛ لأنها تعيش في وسط الجزيرة العربية، بعيدة عن مناطق الاختلاط بغير العرب، لذلك كان شعر هذه القبيلة موضع اهتمام العلماء والرواة كالشَّيباني والأصمعي، بل اهتم به جلّة الأئمة كالإمام الشافعي.
ويمثل شعر هذه القبيلة ثروة ضخمة في الاستشهاد به في اللّغة والنحو والقرآن والحديث. وقد كان العلماء في جمعهم اللغة والحفاظ على سلامتها، لا يأخذون عن عامة قبائل العرب، بل كان أخذهم عن قريش وقيس وأسد وتميم وهذيل وبعض كنانة وطيِّئ. وتأتي قبيلة هذيل في الطليعة لصلتها بقريش في النسب والمصاهرة والجوار.
يضم هذا الديوان قرابة تسعة وعشرين شاعرًا من شعراء هذه القبيلة، وهم سبعة وعشرون شاعرًا في بعض أصول الديوان المخطوطة. وهذا العدد من الشعراء يتفاوت في العصور والشَّاعريّة وغزارة الإنتاج، غير أنّ أشهرهم وأشعرهم ألبتَّة أبو ذؤيب، خويلد بن خالد الهذلي، وهو أكثرهم إنتاجًا. وتبدأ هذه المجموعة بأشهر قصائد أبي ذؤيب وهي العينية التي نظمها في رثاء أولاده.
وكان هذا الديوان محلّ عناية العلماء منذ القدم. وقد عكف السُّكّريُّ على شرحه بعد أن أكمل جمع قصائده، غير أن هذا الشرح ضاع فيما ضاع ولم تصل إلينا منه إلاّ قطوف يسيرة. كذلك كان هذا الديوان موضع عناية المتأخرين والمحدثين، فقد نشر عدة مرات، أفضلها حتى الآن طبعة دار العروبة.