أكد عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" الفلسطينية الدكتور جمال محيسن، أحد أعضاء وفد مركزية فتح الذى زار قطاع غزة الأسبوع الماضى، أنه أثناء زيارة قام بها مع وفد للحركة مؤخرا إلى القاهرة جرى إعادة تشكيل إطار قيادة فتح فى مصر، معربا عن أمله فى الوصول خلال مرحلة قريبة إلى عقد مؤتمر للحركة يختار فيه الناس قيادتهم بطريقة ديمقراطية والابتعاد عن موضوع التعيين.

وأضاف محيسن "أتصور أن هناك ثقة كاملة بين فتح والأشقاء فى مصر وبالتالى فثمة مرونة كبيرة للغاية لترتيب أوضاعنا التنظيمية، ونحن اليوم سعداء بما جرى فى مصر فى 30 يونيه فالزعامة التى تحتاجها الشعوب العربية ليست موجودة إلا بمصر العمود الفقرى للأمة ونحن متفائلون بالقيادة المصرية الحالية وقدرتها على إعادة مصر إلى دورها السابق.

وفى معرض تعليقه على النقاشات الجارية حاليا لاستحداث منصب النائب للرئيس الفلسطينى محمود عباس، قال محيسن إن هذا الموضوع مرتبط بالقانون الأساسى، وطرح فى السابق لكن ليس بشكل جدى وإنما فى أجواء معينة داخل المجلس الثورى ولم يبد أبو مازن وقتها رفضا للأمر.

أن المطلوب الآن هو إنهاء الانقسام لاسيما فى ظل المرحلة السياسية التى تمر بها فلسطين حاليا.

ولم يستبعد محيسن اليوم الأربعاء- إمكانية تحقيق المصالحة الوطنية، مؤكدا ضرورة عدم بلوغ مرحلة اليأس بهذا الشأن، وخاصة أن قادة حركة حماس يدركون أن معظم المشاكل التى يواجهها أبناء الشعب الفلسطينى فى غزة ناجمة عن هذا الانقسام.

وأوضح أن زيارة وفد مركزية حركة فتح الأخيرة لقطاع غزة تناولت عدة جوانب منها الإطلاع على الوضع الفلسطينى العام فى القطاع والوضع الداخلى لفتح هناك، مشيرا إلى أن أعضاء الوفد اجتمعوا مع مختلف القوى الموجودة بغزة مثل حماس والجهاد الإسلامى، إضافة إلى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية.

وقال محيسن إن حماس كانت قد طالبت الرئيس الفلسطينى محمود عباس بتشكيل حكومة "مستقلين"، بالإضافة إلى تحديد موعد للانتخابات خلال ستة اشهر، بينما كان ابو مازن يطرح خلال ثلاثة اشهر قبل ان يستجيب مؤخرا لحماس ويعلن اننا جاهزون للانتخابات بعد ستة اشهر، كما طرح مبادرة أخرى هى أن يتركوا موعد الانتخابات ليحدده فى الوقت الذى يراه مناسبا، مما يعنى المزيد من المرونة.

وأضاف : "لكن السؤال الآن هو هل ترضى حماس بإنهاء الانقسام، فقد طرحت ما وصفته بالتحصينات، وهو مصطلح جديد كان يشمل موضوع المتفرغين من حماس بأجهزتها الأمنية أو الحكومة المقالة بالإضافة للوضع الأمنى للأجهزة الأمنية وتسليحها"، مشيرا إلى أن فتح أوضحت أن هذا الجانب لا يشكل عقبة باعتباره قابلا للبحث عبر اللجنة المعنية، كما أن اتفاق القاهرة الذى وقع فى السابق وضع بالتأكيد آلية لعمل الأجهزة الأمنية فى المستقبل وإعادة تشكيلها.

واستطرد محيسن قائلا "غير انه منذ مغادرة الوفد الفتحاوي، الذى اعتبرنا زيارته لغزة خطوة فى طريق زيادة الثقة بين الحركتين يمكن أن تسهم فى إنجاح الحوارات التى تتم عبر اللجان المختصة، بدأت تصدر تصريحات من غزة فى اليوم التالى مباشرة سواء على لسان صلاح البردويل أو موسى أبو مرزوق بأن المصالحة لا تعنى إلحاق غزة بالضفة الغربية"، مؤكدا أن قطاع غزة مثل أية منطقة فى فلسطين فكله وطن واحد لا تمييز فيه بين محافظة وأخرى.

وشدد على ضرورة إنهاء الانقسام وخاصة فى ظل مرور فلسطين بالمرحلة السياسية الحالية وظهور بوادر تدل على ان ما سيطرحه وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى الشهر القادم يستجيب للمطالب الإسرائيلية، موضحا أن كيري، وحتى لا يقال انه فشل فى جهود الوساطة، سينحاز أكثر للجانب الإسرائيلى حتى يرفض الجانب الفلسطينى ما سيطرح وبالتالى يحمل الفلسطينيين مسؤولية فشل هذه المفاوضات.

وأشار إلى انه رغم عدم الشعور حتى الآن بجدية من جانب حماس فى إنهاء الانقسام، لا يجب الوصول إلى مرحلة اليأس وخاصة أن قادة حماس يدركون أن 90 % من المشاكل التى يواجهها الشعب الفلسطينى فى غزة هى نتائج هذا الانقسام، متسائلا إلى متى سيظل الشباب الفلسطينى يتحمل هذا الوضع، فنحن نتحدث عن 120 إلف خريج جامعى دون وظائف، لأن حماس توظف عناصرها فقط ولا تبحث عن مشاريع لتوظيف الشباب، كما أننا نعلم انه لا يوجد بلد فى العالم يستطيع ان يستوعب كل خريجيه بوظائف الحكومة.

وأكد أن حماس يجب أن تأخذ فى الاعتبار المتغيرات التى تحدث فى المنطقة، فقد كانت فى السابق تمول وتلقى دعما من العديد من الدول، كما أنها لا تتخذ موقفا متزنا بعدم التدخل فى الشؤون الداخلية لأية دولة وإقامة علاقات مع دول بما يحفظ القرار الفلسطينى المستقل، وبالتالى تعيش حماس حاليا فى مأزق.

وقال محيسن انه "لهذه الأسباب نحن نقول لحماس، ليس استغلالا لهذا الظرف، ولكن من باب المصلحة الوطنية، تعالوا ننهى هذا الانقسام حتى نواجه سويا المخطط الإسرائيلى ونبنى دولتنا المستقبلية، فنحن فى فتح لا نؤمن بإقصاء أحد ونؤمن بالمشاركة وهذا هو المسار منذ بداية الانطلاقة وحتى اليوم".

وحول المشاكل التى تواجهها حركة فتح فى غزة، قال محيسن، إن عدم عقد مؤتمرات للحركة لفترات طويلة يؤثر على الحالة الداخلية ويؤثر على الحياة الديمقراطية داخل الأطر، وبالتالى كان المطلوب اتخاذ خطوات بما يواجه أى محاولات "تجنح" بالقطاع وحتى نذهب لعقد مؤتمرات لممارسة الحياة الديمقراطية هناك.

وأوضح أن فتح قررت استنهاض الوضع الحركى بشكل عام فى الداخل والخارج وبالضفة الغربية وغزة وقطعت بالفعل شوطا متقدما بهذا الجانب، مشيرا إلى أنه جرى خلال جولة وفد مركزية فتح الأسبوع الماضى بغزة الاطلاع على الوضع التنظيمى هناك الذى يواجه مشكلات سيتم بحث طرق معالجتها، واتخاذ قرارات بما يجنب قطاع غزة أى تأثير من أى "متجنح" هنا أو هناك.

ويرى محيسن ضرورة وجود نائب للرئيس الفلسطينى فى المستقبل خاصة أن فلسطين تمر بظروف ليست مستقرة فى ظل الوضع القائم تحت الاحتلال، لكن معرفة الجانب القانونى لهذا الأمر يتطلب دراسة، واللجنة القانونية المعنية هى التى سترد على ذلك وقد تشكلت حديثا والامر لا يزال قيد البحث.

وعلى عكس بعض الأصوات التى لا ترى ضررا فى أن يكون نائب الرئيس الفلسطينى شخصية مستقلة، شدد محيسن على ضرورة انتماء النائب المستقبلى لحركة فتح، مؤكدا أن من يقول غير ذلك يفتقر رأيه إلى الدقة، وتساءل لو أن شيئا حدث للرئيس، فهل هل يتولى نائبه مسؤولية الشعب الفلسطينى وهو ليس من فتح التنظيم الأكبر على الساحة؟
وحول المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية الحالية، أكد محيسن انه لا يشعر بالتفاؤل حيالها منذ بدايتها لكن الجانب الفلسطينى استجابة للرغبة العربية والإرادة الدولية حتى لا يقول احد أن الفلسطينيين هم من ضيعوا فرصة للسلام كانت يمكن أن تاتى عبر المفاوضات عندما تتوجه القيادة الفلسطينية للمؤسسات الدولية.

وأضاف بقوله "لم نكن متفائلين بالمفاوضات وندرك منذ البداية أن أمريكا ستبقى منحازة للجانب الإسرائيلى"، مؤكدا أن "المفاوضات لن تمدد وسنذهب للمؤسسات الدولية علما بأن الذهاب إليها ليس مرتبطا بالمفاوضات بل بالأسرى، فالدفعة الرابعة من الأسرى القدامى تضم أسرى من داخل 48 ونحن معنيون بالإفراج عنهم".
وأكد محيسن أنها "قضية سياسية وإنسانية فى الوقت نفسه، فالإفراج عن أسرى محكوم عليهم بالموت داخل السجون الإسرائيلية بمثابة رسالة أمل لهم ولباقى الأسرى داخل سجون الاحتلال، وقد أكد أبو مازن أنه لن يكون هناك أى اتفاق مع الجانب الإسرائيلى طالما ظل أسير فلسطينى واحد داخل السجون".



أكثر...