كتاب إسرائيلي لإقناع العالم العربي بزيف "بروتوكولات حكماء صهيون"

السبت يوليو 24 2010
كتاب إسرائيلي لإقناع العالم العربي بزيف "بروتوكولات حكماء صهيون" zions-protocols.jpg
حقيقة "بروتوكولات حكماء صهيون" بين التصديق والانكار

تل أبيب - كتاب إسرائيلي لإقناع العالم العربي بزيف "بروتوكولات حكماء صهيون" alqudslogo2.gif -
في مبادرة لإقناع العرب بأن ما يعرف باسم "بروتوكولات حكماء صهيون"، المنتشرة بشكل واسع في العالم العربي، مزيفة،
صدر كتاب بعنوان "أكذوبة تأبى الموت" للقاضية الإسرائيلية هداسا بن عيتو باللغة العربية، يتضمن بحثا حول قصة نشر تلك البروتوكولات، والهدف منها.

وأطلق الكتاب يوم الأحد الماضي بكميات كبيرة. وقالت بن عيتو إن كتابها تُرجم حتى الآن إلى عشر لغات، ولكن الطبعة العربية تثير لديها مشاعر خاصة جدا.

وأضافت بن عيتو في حديث لصحيفة "الشرق الأوسط" نشر اليوم السبت أن أهمية نشر كتابها بالعربية تنبع من واقع وجود صراع إسرائيلي - عربي أليم،
تُستخدم فيه من الطرفين، معلومات غير صحيحة مبنية على الأكاذيب.
وهي تتمنى أن يكون كتابها بالعربية خطوة على طريق تبديد الأكاذيب في الروايتين العربية والعبرية تجاه الشعبين العريقين، العربي واليهودي.

وأضافت: "أنا أحترم العرب. ومن منطلق هذا الاحترام، أحاول توضيح الحقيقة عن تلك البروتوكولات.
ففي الحوار السياسي بيننا ينبغي أن يسود الصدق. نحن مختلفون حول أشياء كثيرة، وهذا من حق كل طرف.
ولا يضير الحوار بيننا اختلاف الرأي والرواية. ولكن اعتماد الكذب من أي طرف، سيؤدي بالحوار إلى باب موصد.
لذلك أحاول فتح صفحة جديدة من الحوار الصادق".

وتؤكد بن عيتو أن كتاب "أكذوبة تأبى الموت" هو ثمرة بحث علمي أساسي أجرته على مدار ستة أعوام حول كتاب "برتوكولات حكماء صهيون"،
اعتمدت فيه على التحقيق كقاضية، وتوصلت ليس فقط إلى أنها وثيقة مزيفة، بل إلى أنها مادة مسروقة من رواية خيالية.

وتوضح ذلك قائلة: "من قام بتأليف البروتوكولات لم يبتدعها أصلا، بل قام بسرقة أدبية من كتاب ألفه محام فرنسي يدعى موريس جولي، ونشره من دون اسم في عام 1864.
ورغب جولي في تحذير الشعب الفرنسي من حكم الدكتاتور نابليون الثالث.
وكتابه المكتوب بلغة الاستعارة، يصف حديثا في العالم الآخر يدور بين ميكيافيللي ومونتسكييه، وهما مفكران يحملان آراء معروفة جيدا في أوساط الفرنسيين.
والحالة المثالية لميكيافيللي هي حكم الفرد الواحد الذي يمتلك قوة لا حدود لها، وهو يحاول من خلال الحوار مع مونتسكييه المتحرر أن يقنعه بضرورة سير العالم على هذا النمط".

ويصف جولي من خلال ميكيافيللي خطة مفصلة تتضمن جميع الإجراءات التي ينبغي على الحاكم اتباعها من أجل السيطرة على العالم، ويخصص كل فصل لموضوع معين، مثل السيطرة على الصحافة، الشرطة، القضاء، سوق العمل، السوق المالية، وحتى القيام بأعمال عنف متنوعة وضرورية لتحقيق الهدف،
بحيث تبرر الغاية الوسيلة.
وخلال محاكمة بيرن في عام 1934، التي عرض فيها كتاب جولي، كان من السهل الإثبات أن نحو ثلثي بروتوكولات حكماء صهيون نُسخت حرفيا من هذا الكتاب،
من خلال تقنيع الهدف الأصلي للمؤلف، وتحويل برنامج الدكتاتور، كما وصفه جولي، إلى اليهود الذين يخططون للسيطرة على العالم.

وتقول بن عيتو إن البروتوكولات تم تأليفها في فرنسا خلال السنوات الأخيرة من القرن الـ19، من قبل عملاء في الشرطة السرية الروسية، التي عملت في خدمة القيصر نيكولاي الثاني.
الكتاب مكون من 24 فصلا، بحيث يتناول كل فصل موضوعا ما. وتبدو هذه الفصول على أنها بروتوكولات حقيقية من جلسة لهيئة (لم يُثبت مطلقا أنها كانت موجودة)،
وتسمى الحكومة العالمية السرية لليهود. كل فصل كان عبارة عن خطاب من رئيس المجموعة، ويسميها "حكماء صهيون"، فيشرح لباقي أعضاء المنتدى ليس فقط كيف سيسطر اليهود على العالم،
بل أيضا الفلسفة التي تقف وراء الخطة. هذه الفلسفة هي التجسيد للكتابات الدينية اليهودية التي، على غرار نظرية ميكيافيللي، تقوم على أساس أن القوة هي الحق.
ولهذا فإن الهدف المنشود بتولية حاكم يهودي واحد على العالم يبرر جميع الوسائل.
من هذه الفلسفة الكاذبة، تنبع الأسطورة التي حظيت، ولا تزال تحظى بانتشار واسع، وتقوم على مسؤولية اليهود عن جميع الاضطرابات في العالم،
بما في ذلك الثورات والحروب ونشر الأمراض والأعمال الإرهابية، وهذا كله بغرض تحقيق أهدافهم الذاتية أو الفئوية.
فهناك من يحملهم مسؤولية فشل حكم عائلة رومانوف في روسيا، وانتصار الثورة الشيوعية.
وهناك من يحمل اليهود مسؤولية نشر مرض الإيدز، وهناك من يحملهم مسؤولية تفجير البرجين في نيويورك سنة 2001 وغير ذلك.

وأوضحت القاضية بن عيتو أن العرب لم ينجروا وراء حملة التحريض على اليهود في البدايات، وصمدوا عشرات السنين.
ولكن انفجار الصراع الإسرائيلي العربي في الأربعينات من القرن الماضي، أحدث انعطافا في هذا الموقف، وترجمت البروتوكولات إلى العربية لأول مرة في تلك الفترة.
وعرف عن الملك فاروق في مصر أنه كان يهدي زائريه نسخة فاخرة من هذه البروتوكولات.
وفي السنوات الأخيرة ينتشر كتاب البروتوكولات باللغة العربية بكثرة، وتقريبا تصدر طبعة جديدة منه في كل سنة.

ويحرص الناشرون، وهم، حسب القاضية بن عيتو، من القوى القومية الراديكالية، أو الأصولية الإسلامية، على وضع مقدمة طويلة للكتاب، تقرب البروتوكولات المزيفة من الأحداث السياسية الآنية، لترسخ في عقول القراء مضمون البروتوكولات المزيفة، بأن اليهود كانوا، ولا يزالون، يخططون ويعملون من أجل السيطرة على العالم.