قال السبط بن الجوزي : استدعى يزيد عبيدالله بن زياد إليه وأعطاه أموالا كثيرة ، وتحفا عظيمة وقرب مجلسه ، ورفع منزلته وادخله على نسائه وسكر ليلة وقال للمغني على البداهة (( اسقني شربة تروي )) تذكرة الخواص ص 164 .
بل ذهب يزيد إلى أكثر من ذلك في التعبير عن وثنيته ، وليس فقط تمرده على الإسلام ، فقد أشتهر عنه برواية من لايمكن أن يتهم فيه ، كابن أبي الدنيا وابن سعد ، انه حين وضع رأس الحسين بين يديه تمثل قائلا :

ليت أشياخي ببدر شهدوا **** جزع الخزرج من وقع الأسل

فأهلوا واستهلوا فرحا ***** ثم قالوا لي يايزيد لاتشل

ومن أراد فليراجع أبو الفرج ابن الجوزي / الرد على المتعصب العنيد 47 – 48وانظر المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 5 : 343 .

وأخذ قضيبا من خيزران ينكت به شفتي الحسين ، ويتمثل شعرا ، وهذا لايواريه حجاب ابن الجوزي / الرد على المتعصب العنيد : 45 – 47 .

وعلى هذا النهج يروي الزبير بن بكار قال : قتله سنان بن انس ألنخعي وأجهز عليه خولي بن يزيد الاصبحي من حمير وحز رأسه وأتى بع عبيد الله بن زياد ، فقال سنان بن أنس :

أوقر ركابي فضة وذهبا ***** أنا قتلت الملك المحجبا

قتلت خير الناس أما وأبا . راجع الطبراني مقتل الحين

نكتفي بهذا وفيه الكثير من مناقب يزيد !!!!!

وقد حقق الأستاذ صائب عبد الحميد في كتابه تاريخ الإسلام الثقافي والسياسي ص 663 قال (( هنا تتوفر كل دواعي الكذب في التاريخ ،فالسلطان الغالب مازال غالبا يبسط نفوذه ...... أما المتكلمون ممن يعتقد بلزومالطاعة للمتغلب الفاجر الفاسق ويحرمون الخروج عليه فقد فاضوا في كلام جريء يخشىع لهم منه أن يكون شركاء في دم الحسين ريحانة رسول الله (ص) وسيد شباب أهل الجنة ! فلنقف قليلا مع كل من الطائفتين ، الرواة والمتكلمين :

1- الرواة : من ابرز ماوضعه الرواة وتمسك به المدافعون عن يزيد سلفا وخلفا قضيتان :

الأولى : تمس مبادئ النهضة لتقول إن الحسين لم يكن يرفض البيعة ليزيد بل قال لعمر بن سعد قائد جيش يزيد في قتال الحسين ، قال له : اختاروا مني خصالا ثلاثا : أما أن ارجع إلى المكان الذي أقبلت منه ، وأما أن أضع يدي في يد يزيد فيرى في مابيني وبينه رأيه ،وإما أن تسيروني إلى أي ثغر من ثغور المسلمين شئتم فأكون رجلا من أهله لي ماله وعلي ماعليهم !! رواها الطبري عن أبي مخنف ، وقال أبو مخنف : هو ماعليه جماعة المحدثين . والكلام في هذه الرواية نرتبه في نقاط :

أ – أن العمدة فيها إنما هي في نسبتها إلى جماعة المحدثين ، ولكن الذي نسبها إليهم هو أبو مخنف وحده لاغير ،فكيف سارعوا في تقبلها والاحتجاج بها وأبو مخنف عندهم متروك تالف ؟! .

ب- هذا الحديث إنما جرى في موضع لم يحضره احد من الناس ولاسمع احد مادار فيه بين الحسين وابن سعد ، ولا حدثهم الحسين ولا ابن سعد في مادار بينهما ! وإنما تناقلوه من غيرأن يكونوا سمعوا من ذلك شيئا علموه ، أنظر تاريخ الطبري 5 : 413 .

ج- نقل أبومخنف نفسه عن هذه الواقعة كلاما أخر مخالفا له تماما فيه أن الحسين (ع) كان يدعو ابن سعد للا لتحاق به للسير معا إلى قتال يزيد ... وهذا الخبر أيضا نسبه إلى الشهرة والشياع ، فقال تحدث الناس بذلك وشاع فيهم ! فلأي شيء تمسكوا بالأولى وتركوا هذه ؟! .

د- إن هذه الرواية لهي من أكثر مايدل على كفر يزيد كفرا لاتغطيه شبهة ، وكفر جنده وأميره على الكوفة ! فإذا كان الحسين (ع) يريد أن يضع يده بيد يزيد فبأي حجة قتلوه وقتلوا أصحابة وأهل بيته من آل الرسول وال أبي طالب !!! .

وماذا في الأمر لو أراد الحسين (ع) أن يبايع ليزيد في تلك الساعة قبل اشتعال الحرب مباشرة ، حين رأي انه عدمت من بين يديه أسباب التغيير ، بل عدمت أي فرصة أيضا للتراخي والمماطلة، وان أهل بيته وأصحابه ونفسه قد أصبحت عرضة القتل المؤكد ، فما هي الحجة في بيعة تقع في ظرف كهذا ؟
ألا ترى إلى هؤلاء كيف تناسوا رفض الحسين للبيعة وخروجه من بين أهلة وإخوته إلى مكة ، ثم مسيره إلى كربلاء ، وبعثه ابن عمه مسلم بن عقيل إمامةحتى قتل في الكوفة ، ومضيه على ذلك القرار حتى بلغ الأمر مابلغه ، فلا يجدون في هذاكله حجة ، ثم يحتجون ببيعة مدعاة في مثل الموقف والسيوف على الرقاب ، ومع الحسين حقأن يخشى ؟!.

هـ - في كلام ابن تيمية مايثبت كذب هذه الرواية ، إذ يقول : وطلب من الحسين ليستا سر ليحمل إلى يزيد مأسورا ، فلم يجب إلى ذلك ، وقاتل حتى قتل مظلوما شهيدا ، أنظر منهاج السنة 1: 164 .

و- وأبو مخنف نفسه نقل في الموضع ذاته عنمولى الرباب زوجة الحسين (ع) ، عقبة بن سمعان ، تكذيبه لهذا الكلام بالذات ، فقال : أما عبد الرحمن ابن جندب فحدثني عن عقبه بن سمعان قال : صحبت حسينا فخرجت معه منالمدينة إلى مكة ، ومن مكة إلى العراق ، ولم أفارقه حتى قتل ، وليس في مخاطبته الناس كلمة بالمدينة ولا بمكة ولا في الطريق ولا بالعراق ولا في عسكر إلى يوم مقتلهإلا وقد سمعها ، إلا والله ما أعطاهم مايتذاكره الناس وما يزعمون من أن يضع يده فييد يزيد ، ولا أن يسيره إلى ثغر من ثغور المسلمين ، ولكنه قال : دعوني فلأذهب فيهذه الأرض العريضة حتى ننظر ما يصير أمر الناس إليه ، أنظر تاريخ الطبري 5 : 414 ،البداية والنهاية 8 :107 .

ويضيف الباحث صائب .. ومع هذا كله فأنك ترى بعض منيكتب التاريخ ينتقي تلك الرواية الأولى فقط ويسقط التي رواها أبو مخنف نفسه قبلها _ في ج _ وهذه التي رواها بعدها في تكذيبها ! كما تراه عند أبي الفداء في تاريخه ،وابن الجوزي في المنتظم وابن كثير في تاريخه ، مع إن الثالثة أولى بالقبول ، لأنها رواية الشاهد الثقة الذي لم يغب عنه شيء من مشاهد النهضة، ولافاته شيء من كلام الإمام الحسين (ع) ... لذا نرجح رواية دعوة الحسين (ع) لابن سعد للانضمام إليه لأنها أقرب إلى أهداف الحسين .. لأنه خرج للإصلاح في أمة جده رسول الله (ص) بعدما انحرف الكثير عن جادة الصواب .. وهو عهد معهود ..
والثانية :- جاءت لتخفف من أثم يزيد واللوم الواقع عليه ، حين نقلت تأسفه على قتل الحسين ، وقوله : لعن الله بن مرجانه _ يعني بن زياد _ فلقد كنت أرضى منه بدون ذلك !! أو نقلت عن يزيد أنه أذنللنسوة أن يقمن النوائح على الحسين !!

ونكتفي بهذا؟؟1



- يتبع ايضاً -