الأربعون سر من إسرار الله تعالى لم يصل احد من العلماء إلى هذا السر الرباني , فقد ورد في كتاب الله العزيز (( وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ))وقال بشان قوم موسى (ع) (( قال فانها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تاس على القوم الفاسقين )) وقال تعالى (( حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال ربي اوعزعني أن اشكر نعمتك )) .
وفي الأحاديث الشريفة يتم ذكر عدد الأربعين حيث قال الإمام الصادق (( من حفظ من شيعتنا 40 حديثا بعث الله يوم القيامة فقيها عالما فلم يعذبه )) وفي مورد آخر من حديث الإمام الصادق (( إذا مات المؤمن فحضر جنازته أربعون رجلا من المؤمنين فقالوا اللهم لا نعلم منه إلا خيرا وأنت اعلم به منا قال الله تعالى قد أجزت شهادتكم وغفرت له ما علمت مما لاتعلمون )) ,وقال (( قال من قدم في دعائه أربعين من المؤمنين ثم دعا بنفسه استجيب له )) .
ولم يقتصر ذكر الأربعين للمسلمين فقط بل حتى غير المسلمين لديهم اعتناء بالفقيد بعد أربعين يوما من وفاته .وكل هذا يؤيد ويؤكد هذه الطريقة المألوفة والعادة المستمرة بين الناس من الحداد على الميت أربعين يوما فإذا كان يوم الأربعين أقيم على قبره الاحتفال بتأبينه يحضره أقاربه وخاصته وأصدقاءه وهذه العادة لم يختص بها المسلمون فان النصارى يقيمون مناسبة تأبينية يوم الأربعين من وفاة فقيدهم يجتمعون في الكنيسة وكل ذلك إعادة لذكراه وتنويها بآثاره وإعماله .
فكيف لايتم إحياء ذكرى الأربعين في كربلاء عند الإمام الحسين ... قال الباقر (( إن السماء بكت على الحسين أربعين صباحا تطلع حمراء وتغرب حمراء )) .
يقول الشاعر :
إن شئت النجاة فزر حسينا تلقى الإله قرير عين فأن النار لاتمس جسما عليه غبار زوار الحسين
كما ورد عن الإمام الصادق قوله (( إن السماء بكت على الحسين عليه السلام أربعين صباحا بالدم .. وان الأرض بكت عليه أربعين صباحا بالسواد , وان الشمس بكت عليه أربعين صباحا بالكسوف والحمرة .. وان الملائكة بكت عليه
أربعين صباحا )) ومن علامات المؤمن المسلم امتثاله لأوامر الله تعالى , ومنها موالاة أوليائه ومودتهم وقد قال عز من قال (( قل لاأسالكم عليه أجرا إلا المودة في القربى )) والإمام الحسين من أقر ب قربى لرسول الله , ومن مصاديق المودة ,إحياء الذكرى والمواساة مع التأسي والتفاعل الروحي والقلبي بسيرته وماجرى عليه صلوات الله عليه .
وزيارة الأربعين لها دلالات كثيرة ومعاني وهي رسالة واضحة المعالم إلى كل الطغاة بان تواصلنا مع الحسين هي قضية مبدأ وتعتبر مراسم زيارة الأربعين إلى الإمام الحسين صرخة مدوية ضد الضالمين والطغاة وتحفز الزائرين على المجيء إلى كربلاء من اجل تجديد البيعة للإمام الحسين وبالمقابل هي نداء واضح لكل المشككين بأننا لن نقطع درب الحسين إلى ظهور الإمام الحجة (عج ) وكل هؤلاء الزوار يقدمون الغالي والنفيس من الأموال و الأرواح من اجل نصرة قضية الإمام الحسين ونحن مستمرين على هذا المنوال نحن وأبناؤنا , ولن تثنينا كل أدوات الإرهاب من تفجير وتفخيخ بل على العكس هي تزيدنا إصرارا على الذهاب إلى كربلاء من اجل نيل الشهادة في سبيل الله على طريق الإمام الحسين وفي دربه . والزيارة نوع من أنواع مدى قوة الارتباط بين المسلمين والذي حاربه أعداء الشيعة على مر العصور السابقة ...
وقبل كل ذلك جاهد الإمام الحسين عليه لنيل أسمى المقاصد , وأنبل الغايات , وقام بما لم يقم بمثله أحد . فبذل عليه أفضل الصلاة والسلام نفسه , وماله واله وأصحابه , في سبيل إحياء الدين , وإظهار فضائح المنافقين واختار المنية على الدنيا .
وميتة العز على حياة الذل , ومصارع الكرام على اللئام .
ويمضي الموالون لأهل البيت على تجديد العهد في يوم الأربعين من كل سنة , يتذكرونه ويذكرون به , ويتثبتون على أصله . فقد قال الإمام الحسين (ع ) (( أنا قتيل العبرة ماذكرت عند مؤمن إلا ودمعت عيناه ))
فمن الحق إن تقام له الذكرى على ما جرى عليه في كل عام , بل وفي كل .. و وتبكي له العيون بدل الدموع دما ...