معاناة النقل إحداها الشهادة..
عذاب من لون آخر للأسرى
عذاب من لون آخر للأسرى 1_1005489_1_34.jpg
آلية عسكرية إسرائيلية كالتي تستخدم في نقل الأسرى من مكان لآخر


عاطف دغلس-نابلس

من سجن بئر السبع الصحراوي جنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى سجن مجدو شمالها كانت رحلته التي استغرقت قرابة أسبوع،
عاشها الأسير الفلسطيني منتصر أمين (20 عاما) المنحدر من إحدى قرى مدينة نابلس, مكبلا، لا يعرف نهاره من ليله،
وإذا أراد النوم فأرضية الآلية العسكرية الحديدية هي مفترشه, وسقفها لحافه.
وحتى بعد وصوله إلى سجن مجدو، ظن منتصر -المعتقل منذ أربع سنوات والمحكوم 18 عاما- أنه سيستقر فيه،
ولا سيما أن سلطات الاحتلال تجري تنقلات بين الفينة والأخرى للأسرى كإجراء عقابي.
لكن الأمر كان عكس ذلك، فقد نقل بعد ذلك لمحكمة سالم الإسرائيلية شمال الضفة ليقدم شهادته "مجبرا غير مختار" ضد أخيه عبد الله الذي تعتقله إسرائيل منذ أكثر من سبعة أشهر.
ومثل هذه الشهادة التي قدمها منتصر يعاني منها آلاف الأسرى الفلسطينيون،
ابتداء بطول مدة تنقلهم حيث تصل أحيانا لأسبوع -في حين أن المدة الحقيقية لا تستغرق سوى ساعات معدودة- وانتهاء بالمقصد الحقيقي من وراء ذلك وهو معاقبة الشاهد
"الذي ربما لا يزال معتقلا أو أفرج عنه"،
إضافة لما تتسبب به الشهادة أصلا من مشاكل جمة للأسير والشاهد وحتى عائلتيهما، "تصل في بعض الأحيان لحد النزاع".

عذاب من لون آخر للأسرى 1_1005488_1_23.jpg
أبو الحاج: الاحتلال يريد زعزعة الثقة بين الأسرى وقتل روح النضال لديهم

أشكال المعاناة

ذلك هو ما أكده الباحث في شؤون الأسرى بمؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان بنابلس أحمد البيتاوي الذي يقول إن سلطات الاحتلال تقوم باستدعاء أحد الأسرى أحيانا ليدلي بشهادته ضد أسير آخر -يكون أحدهما قد ذكر اسم الآخر خلال التحقيق واعترف "تحت التعذيب" بأنه ارتكب أمرا تعتبر إسرائيل أنه ضدها-
فيؤتى به ليتم التحقق من أقواله أمام الأسير نفسه.
وتبدأ معاناة الشاهد –كما يقول البيتاوي- من لحظة استدعائه مرورا بنقله مكبل اليدين والأرجل عبر آليات عسكرية زجاجها معتم ومقاعدها من حديد،
ولا يسمح له بالكلام ولا حتى قضاء الحاجة،
مستغرقا بذلك أياما وليالي لا يعرف فيها طعما للراحة أو للطعام والشراب "إن توفرا أصلا".
أما الوجه الآخر لمعاناة الشاهد فيخص الأسير المفرج عنه إذا كانت إسرائيل تريده أن يدلي بشهادته،
إذ يتم استدعاؤه وإذا لم يحضر للمحكمة يعتقل مرة ثانية، وتفرض عليه المحكمة كفالة مالية عالية كي تجبره على الحضور للإدلاء بالشهادة، وإذا رفض الحضور تأخذ قيمة الكفالة المالية، التي تصل أحيانا لأكثر من 2500 دولار.
والمشكلة الكبرى التي تواجه الشاهد –حسب الباحث البيتاوي- هي حالة البغضاء والكراهية التي تتولد بين الشاهد من جهة والأسير أو ذويه من جهة أخرى،
وهنا يحث البيتاوي الأسرى الفلسطينيين على ألا يعترفوا بالشبهات الموجهة إليهم إطلاقا،
"وإذا كان ذلك لا سمح الله فليتجنب ذكر اسم أي شخص".

دقائق أو أيام

ويكون وقت الشهادة عادة حسب القضية والملف، فقد تأخذ بضع دقائق أحيانا،
وهي في حالات تسمى (التشخيص)، أي أن يأتي الشاهد ليقول إن المتهم فلان هو الذي قصده أثناء التحقيق والاعتراف،
وقد تأخذ بعض الشهادات عدة ساعات وقد تستمر أخرى لعدة جلسات.
لكن مدير مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة فهد أبو الحاج يرى أن الاحتلال يعمد لتلفيق تهم للأسرى والإتيان بالشهود عليها منهم أنفسهم.
وألمح للجزيرة نت إلى أن المخابرات الإسرائيلية وإدارة مصلحة السجون لا تريد الشهادة من أجل الشهادة وإثبات تهمة ما بحق أسير،
وإنما تريد تحقيق أهدافها بخلق حالة من الاضطرابات النفسية بين الأسرى، وقتل روح الإرادة والنضال لديهم، وزعزعة الثقة بينهم، "إضافة لعقابهم بعملية النقل نفسها التي تستمر أياما وليالي".عذاب من لون آخر للأسرى top-page.gif

المصدر:الجزيرة