عاني الكثير من الآباء من عدم القدرة على التواصل مع أطفالهم اعتباراً من سن معين. المشكلة تبدأ بتغيّر سلوك الأطفال وعدم استجابتهم لأوامر الأهل كالسابق. بعض الأهل يصفون هذا السلوك بالعناد أو بعدم الاحترام. وهم بذلك يخلطون بشكل كامل بين نوعين من الاحترام: احترام الأطفال للأهل واحترام الأهل لشخصية الأطفال. لكن متى يبدأ الأهل بفقد السيطرة على زمام الأمور؟
من الخطأ أن يظن البعض أن هناك سن محدد يصلح لكل الأطفال. هذا السن يتعلق بالنمو الجسدي والنفسي للطفل وهو مرتبط إلى حد كبير بالبيئة التي يعيش فيها. هذا السن هو الفترة الذي يغادر فيها الطفل عالم الطفولة الذي يكون فيه غير مدرك لشخصيته، إلى سن آخر يصبخ فيه مدركاً لذاته ولاستقلاله كفرد.
ليس بالضرورة اعتبار هذا السن سن المراهقة أو البلوغ. في الحقيقة ادراك الطفل لذاته يبدأ في سن مبكرة بالنسبة للبوغ والمراهقة. وهذا هو السبب الذي يجعل الأهل يحسون بأن تعبير الطفل عن نفسه نوع من العناد. لأنه مايزال صغيراً جداً في نظرهم.
بعض الأهل يظنون أن صعوبة التعامل مع أطفالهم تدل بشكل قاطع على أن زمام الأمور أفلتت من أيديهم، وأن ما كسر لا يمكن إصلاحه. وبذلك تزداد خشونتهم في فرض رأيهم على الطفل في محاولة للحصول عن طريق الخوف على ما لم يستطيعوا الحصول عليه بالطرق السلمية. ليس مدهشاً أن تزداد صعوبة الأطفال مع هذه الطريقة. ولإدراك ذلك يكفي الأهل أن يتخيلوا تأثير الخوف عليهم أنفسهم ليعرفوا أن التهديد والوعيد لن يؤتي إلا بمشاكل أكبر.
لتجنب الوصول إلى هكذا مشاكل، يمكن اللجوء إلى حل أسهل وأقل كلفة وهو اعتبار الطفل شخصاً مستقلاً منذ نعومة أظفاره. من السهل الحفاظ على هذا السلوك مع تقدم الطفل في العمر ومن السهل على الطفل التعامل مع الأهل بهذه الطريقة في الصغر والكبر على حد السواء.
الشعور بفقدان السيطرة على الطفل هو مؤشر هام على أن الطريقة المتبعة في التربية لم تكن تراعي استقلالية الطفل ولم تكن تحترمه كشخص كامل. ليس هناك من وقت متأخر لإعادة القيام بما توجب فعله. الطفل كأي شخص يتقبل بسهولة المعاملة التي تحترم شخصيته. لكن الصعوبة البالغة هي على الأهل لأنه ليس من السهل قبول استقلال الطفل بسرعة ولكن كل شيء له ثمن.


نقل للفائدة ....