عشرة ترشيحات للأوسكار وثلاث جوائز جولدن جلوب وجوائز من البافتا والأهم 144 مليون دولار حتى الآن إيرادات، أى أن الجمهور دافع ثمن التذاكر والممول الأول للفيلم يرى فى الفيلم متعة، والنقاد أصحاب الكلمة فى الجوائز يرون فيه فنا عظيما، ذلك هو فيلم هذا الأسبوع الأمريكى American Hustle أو الاحتيال الأمريكى

الفيلم كتب قصته إيريك وارن سنجر ومخرجه دافيد راسل، وقام ببطولته مجموعة من الممثلين هم كريستيان بال وبرادلى كوبر وإيمى آدمز ومحبوبة أمريكا حاليًا جينيفر لورانس وقدم فيه روبرت دى نيرو دوراً شرفيًا صغيراً.

الاحتيال الأمريكى يبدأ حكايته بالسبعينيات، حيث نتعرف على بطل الفيلم، وهو ابن لتاجر زجاج كان ينصب عليه زبائنه، فراح ابنه يكسر زجاج منازلهم انتقاما ليعودوا للأب، وكبر الابن، وصار صاحب محل زجاج، وكذلك عدة مغاسل، إضافة إلى كونه نصابا يوهم المدينين بأنه يستطيع تدبير سلف لهم مقابل عمولة

وطبعاً يحصل على العمولة ولا يدبر لهم شيئاً. يتعرف النصاب على فتاة جميلة تبحث عن موقع لها فى الحياة الأمريكية المتنامية، ويكونان مجموعة نصب مالية تكبر وتزدهر وتضيف لأعمالها بيع اللوحات المزيفة على أنها حقيقية.
يتابع أعمالهم محقق شاب من الإف بى آى نشيط، يحاول أن يواجه الفساد المستشرى فى أمريكا

ويستطيع الإيقاع بهم فى قبضته ويطالبهم بمساعدته فى القبض على أربعة من النصابين الكبار لكى يخرجهم من قضيتهم، وتتشابك الأحداث وتبدأ سلسلة النصب والفساد تفتح شهية المحقق حين يكتشف ضلوع سياسيين كبار ورجال كونجرس ومافيا، فيقرر أن يستمر فى استغلال النصاب وفتاته للإيقاع بالجميع، ولكن كما تغرى كثرة الصيد الصياد

فإنها توقعه فى الفخ أيضاً، وينتهى الفيلم بأن يخرج النصابون أو أغلبهم من الفخ ويوقعوا بمحقق الإف بى آى متهماً.

الفيلم كوميدى ومغامر، ولكنه أيضاً يحمل ملمحاً دراميًا مهمًا، ذلك أنه يشير للفساد فى المجتمع الأمريكى وكأنه سلسلة تربط الجميع، فالكل فاسد ولكن لكل فساد وجه، بعضه جميل وبعضه قبيح، فعمدة المدينة الرجل الفاضل المحب لولايته ورب الأسرة العظيم كما صوره الفيلم يقبل رشوة الشيخ العربى ويحللها لأنه يريد الخير لبلده، وهكذا أعضاء الكونجرس

فالمشاهد لهذا الفيلم على قدر ما يضحك ويتابع المغامرة وعنصر التمثيل الرائع والسيناريو المحبك والمونتاج الذكى، فإنه يتعاطف مع النصاب ومع المرتشى ويرى فى محقق الإف بى آى طمعا وجشعا رغم أن جشع المحقق من أجل تحقيق العدالة وتنقية المجتمع من الفاسدين، ولكن الفاسدين لديهم ما يدافعون به عن أنفسهم.

إن البحث فى خلفية المخرج دافيد راسل، الذى شارك فى كتابة السيناريو قد يفسر لنا تلك النظرة الخاصة عن الفساد، فراسل دارس للعلوم السياسية قبل أن يكون مخرجاً، وربما هذا منحه قدرة على فهم الفساد بكل وجوهه، وهو مخرج متميز استطاع أن يوصل سبعة من ممثليه فى أفلامه للترشح للأوسكار، كما أنه أول مخرج يتم ترشيحه للأوسكار عامين متتاليين العام الماضى عن فيلم Silver Linings Playbook وهذا العام عن فيلم الاحتيال الأمريكى.

أبطال الفيلم مجموعة من نجوم السينما الأمريكية الجدد إلى حد ما، وجميعهم أدوا أدوارهم بعبقرية وفهم، خاصة كريستيان بال فى دور النصاب والوسيم برادلى كوبر فى دور المحقق، أما إيمى آدمز فى دور زوجة النصاب، فغالباً ستحظى بأوسكار عن دورها الذى حظيت به بالفعل بجائزة الجولدن جلوب والبافتا معاً، وإلى جوار هؤلاء النجوم يقف نجم أسطورى هو روبرت دى نيرو فى دور لا يستغرق دقائق على الشاشة فهو كبير المافيا وكان مجرد ظهوره قيمة تعلمنا أن لكل زمن رجاله ونجومه ليتنا نتعلم أن نتراجع حين يأتى علينا الدور.

ولا يمكن أن نتجاهل أن جزءا كبيرا من متعة هذا الفيلم تعود للمونتاج الذى قام به ثلاثة، وهو شىء غير تقليدى فى هذا العالم.



أكثر...