(المستقلة).. مع اعلان هيئة النزاهة التدقيق بأسماء المرشحين لانتخابات مجلس النواب تكون قد فتحت بابا جديدا في موضوع غاية في الاهمية لم تغلق منذ عشر سنوات وهو مسلة الفساد وارتباط المسؤولين في الدولة والاحزاب به. واذا كانت القضايا والملفات التي تحت يد هيئة النزاهة واضحة المعالم والاسماء فأنها لم تبت الا بالبعض منها ، وغالبا ما يخرج المتورطون الكبار من هذه القضايا كالشعرة من العجين في حين تتلبس الصغار ليصبح موضوع منع الترشيح الى مجلس النواب بسبب قضايا الفساد انتقائيا وحسب وضع المرشح المعني. الكثيرون تملصوا من التهم الموجهة لهم ، وهاهم يحاولون العودة الى الواجهة عبر انتخابات  مجلس النواب التي ارتدت هذه المرة ثوبا تجاريا بدل السياسي فصبح رجال اعمال ومؤسسات كبيرة تقف لدعم قوائم وكتل معينة في محاولة لإيصال اكبر عدد ممن يرتبطون بها الى مقاعد المجلس. هيئة النزاهة ووفق المادة 3/7 من قانونها ملزمة بالقيام بأي عمل يسهم في مكافحة الفساد والوقاية منه ، وكما ذكر المتحدث باسم الهيئة بأنها “على قناعة بان المرشح لعضوية مجلس النواب يتطلب ان يكون نزيهاً ولا تشوه سيرته اي شائبة تخل بفاعلية دوره الذي سيلعبه في حال انتخابه عضواً في مجلس النواب كون اي خلل في شروط الترشيح سيؤدي في النهاية إلى الأضرار بالمصلحة العامة وإتاحة الفرصة للإضرار بالمال العام”. المتحدث نفسه ذكر ” ان هذه الصلاحية لهيئة النزاهة تعززها بنود قانون انتخابات مجلس النواب لسنة 2005 المعدل الذي نصت المادة 8 منه في البندين (ثالثاُ وخامساً ) على ان يكون المرشح حسن السيرة والسلوك وغير محكوم بجريمة مخلة بالشرف ولا يكون قد أثرى على حساب الوطن او المال العام، مؤكدا ان صلاحية الهيئة في استبعاد  اسم ما من قوائم المرشحين لانتخابات مجلس النواب تنسحب إلى القضايا التي تقع ضمن اختصاصاتها سواء تلك التي في مرحلة التحقيق او وضع الإحالة إلى القضاء وحتى صدور الحكم بشكل نهائي. وهنا نشير الى بعض القضايا التي لم تحسم  (على سبيل المثل لا الحصر) مثل قضية اجهزة الكشف عن المتفجرات ، قضية صفقة الاسلحة الروسية ، قضية الكهرباء ، قضية البنك المركزي، قضية امانة بغداد.. الخ من القضايا المتعلقة والتي تعرفها هيئة النزاهة اكثر من غيرها  وسبق ان تداولتها وسائل الاعلام المختلفة ولاتزال ولا نريد الخوض بتفاصيلها حتى لا تدرج في اطار الصراع  الاعلامي الانتخابي. واذا ما تطرقنا الى الارقام التي اعلنتها الهيئة سابقا او تلك التي صرحت بها لجنة النزاهة النيابية واسماء المتورطين التي تم تسريبها عبر وسائل الاعلام سنكون امام مهمة تحتاج الى جرأة كبيرة للعمل وفق ما شرعه القانون واقرته المواثيق السماوية. ما يهمنا هو ان على هيئة النزاهة ان تكون متجردة  وشجاعة في قراراتها وان تتنبه الى ان عملها في المرحلة القادة سينبني على قدرتها في اتخاذ قرارات باستبعاد من تحوم عليه شبهات الفساد اليوم حتى لا يكون غطاء للمفسدين غدا ويصبح حجر عثرة في طريق عمل الهيئة مستقبلا. وليس من المصلحة الوطنية ولا مصلحة هيئة النزاهة اخفاء او تأجيل النظر في قضايا  متعلقة بالفساد لتعود بعد الانتخابات وتبحث فيها وفق ما ستفرزه المعطيات حينها لانها انذاك ستكون هي المتورط بعدم اداء عملها وفق ما اقره القانون والذي يعد من اهمه التدقيق باسماء المرشحين للبرلمان واستبعاد من اثروا على حساب المال العام والا فأن العراق سيبقى في صدارة قائمة الدول الاكثر فسادا بالعالم كما هو في السنوات الماضية وهنا نذكر بأن قضايا الفساد اخطر واهم بكثير من قضايا النشر التي قررت مفوضية الانتخابات  استنادا اليها استبعاد مرشحين من الانتخابات ، ولكن هل تستطيع هيئة النزهة مواجهة الضغوط التي تواجهها للخروج بقرارات حاسمة وشجاعة . هذا ما ننتظره ؟

أكثر...