أكد اجتماع الفريق التشاورى الإسلامى العالمى لاستئصال شلل الأطفال برئاسة مجمع الفقه الإسلامى الدولى والأزهر الشريف ورعاية البنك الإسلامى للتنمية ومنظمة التعاون الإسلامى، فى ختام اجتماعه اليوم، مجددا أهمية التضامن الإسلامى فى التصدى لوباء شلل الأطفال، ودعم الجهود العالمية لاستئصاله، وأقروا بأن ذلك يتوافق مع المبادئ الإسلامية والأحكام الشرعية.

وناشد "إعلان جدة" الصادر عن الاجتماعات جميع المجتمعات، والحكومات، والمجتمع المدنى، والمؤسسات الدينية فى الدول الإسلامية إعطاء الأولوية القصوى لصحة الأطفال وعافيتهم وضمان إتاحة إيصال الخدمات الصحية المطلوبة لجميع الأطفال بما فى ذلك اللقاحات، ذلك أن الأطفال هم مستقبل الأمة، وهم عاجزون عن حماية أنفسهم، مما يفرض على جميع الآباء والأمهات والمجتمعات المحلية حماية أطفالهم من جميع الأمراض، خاصة شلل الأطفال والإعاقة التى قد تنجم عنه وتستمر مدى الحياة، وأن تلتزم الحكومات بتوفير الخدمات الصحية والرعاية الاجتماعية المطلوبة للسكان.

وأشاد الإعلان بنجاح 54 دولة من بين الدول الأعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى البالغ عددها 57 دولة، فى إيقاف انتشار فيروس شلل الأطفال معتمدة فى ذلك لقاحات شلل الأطفال الفموية نظرا لسلامتها وفعاليتها، وأيضا لاستخدام نفس هذه اللقاحات من طرف حكومة المملكة العربية السعودية لتطعيم جميع القادمين إليها لأداء فريضة الحج أو العمرة من الدول التى توجد فيها حالات شلل الأطفال.

وأدان الإعلان، استخدام أنشطة الصحة العامة لأغراض أخرى غير تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض، ودعوة جميع المنظمات والأطراف للالتزام بالحياد الصارم عند تخطيط وتنفيذ جميع أنشطة الصحة العامة، بما فى ذلك حملات التطعيم ضد شلل الأطفال.

كما أدان الإعلان، الهجمات التى تشن على العاملين فى المجال الصحى لأنها تتعارض مع التعاليم الإسلامية والقيم الإنسانية، مطالباً بأن تقدم الحكومات، والمجتمعات المحلية، والمجتمع المدنى والهيئات الدينية كل المساعدات اللازمة لضمان سلامة وأمن جميع العاملين فى المجال الصحى الذين يؤدون واجباتهم لحماية أطفالنا من الأمراض الفتاكة، داعيا الحكومات، والمنظمات الخيرية والأهلية والمنظمات الدولية للنظر بعين التقدير إلى الخدمات التى قدمها الذين قتلوا منهم أثناء تأدية الواجب، وإلى تقديم الدعم لأسرهم التى تعانى من جراء ذلك عن طريق إنشاء صناديق مخصصة لهذا الغرض.

فيما تقدم بالشكر لحكومات الدول المعنية على الجهود المبذولة لحماية العاملين فى المجال الصحى مطالبا باتخاذ المزيد من الإجراءات لضمان حماية حملات التطعيم بشكلٍ كامل فى كل المناطق التى يصعب حالياً الوصول إليها.

وناشد الإعلان القيادات السياسية والدينية فى العالم الإسلامى العمل بشكل سريع لدعم الجهود التى ترمى إلى وقف حملات العنف ورفع كل أنواع الحظر على نشاطات التطعيم فى الدول المعنية.

كما دعا وسائل الإعلام إلى إتاحة الفرص الكاملة للمختصين فى المجال الصحى والدينى للحديث عن القضايا التى تثير القلق لدى المجتمع فيما يخص أنشطة التطعيم ضد شلل الأطفال وإعداد ونشر التقارير الوافية عن الموضوع بما فى ذلك برامج التوعية الرامية إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة وخاصةً فى المناطق المحرومة من الخدمات الصحية.كما ناشد وسائل الإعلام والمنظمات المجتمعية عدم نشر المعلومات الخاطئة والشائعات التى يمكن أن تسبب الارتباك بين الآباء والأمهات، وتعرِّض حياة الملايين من الأطفال للخطر والسعى للحصول على المعلومات الصحيحة.

وأكد الإعلان ضرورة الاستفادة من المؤسسات الأكاديمية الإسلامية بما فى ذلك جامعة الأزهر، والجامعة الإسلامية العالمية فى باكستان، والجامعة الإسلامية فى المدينة المنورة، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فى الرياض، فى إعداد طلبة هذه الجامعات من المناطق المعنية ضمن الدول الموطونة بشلل الأطفال للمشاركة فى توعية مجتمعاتهم حول أهمية التطعيم ضد شلل الأطفال ودعم تلك النشاطات.

وتقدم الإعلان بالشكر لمجمع الفقه الإسلامى الدولي، والأزهر الشريف، ومنظمة التعاون الإسلامي، والبنك الإسلامى للتنمية بخالص الشكر على ما تلقاه الفريق من دعم كبير منها فى سعيه لحماية الأطفال من الأمراض، بما فى ذلك شلل الأطفال كذلك لحكومة المملكة العربية السعودية لاستضافتها هذا الاجتماع المهم وتثمين مواقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ودعمه المتواصل من خلال الإعلان عن مبادرة مهمة لاستئصال هذا المرض من باكستان.

كما أعرب عن الشكر للمؤسسات المالية الإسلامية والحكومات وللمساهمين من أهل الخير من المسلمين لتقديمهم التمويل لأنشطة استئصال شلل الأطفال فى الدول الإسلامية، ويحثهم على الاستمرار فى تقديم هذا الدعم.

وكان العلماء قد اعتمدا فى ختام اجتماعهم إعلان جدة وخطة عمل مركزة لمدة ستة أشهر تستهدف مواجهة التحديات الصعبة التى تواجه جهود استئصال شلل الأطفال فى الأجزاء القليلة المتبقية من العالم الإسلامى المتوطن فيها شلل الأطفال والتى تتمثل فى فرض حظر على اللقاحات وعدم الوصول إلى الأطفال فى بعض المناطق، والهجمات الفتاكة على العاملين فى مجال الصحة، والمفاهيم المجتمعية الخاطئة حول حملات التطعيم واسعة النطاق.

ونددت القيادات الدينية خلال الاجتماع الأول للفريق التشاورى الإسلامى العالمى لاستئصال شلل الأطفال، بأعمال العنف الممارسة ضد العاملين فى المجال الصحى المشاركين فى حملات التطعيم ضد شلل الأطفال، وأشاروا إلى أن هذا العنف تسبب فى حدوث ضرر دائم للأطفال والمجتمعات.

وأكد علماء الإسلام سلامة ومقبولية التطعيم ضد شلل الأطفال فى الإسلام، قائلين إن إدعاء عكس ذلك وتعريض الأطفال لمخاطر لا لزوم لها هما خطيئة، وفى حين باتت معظم دول العالم، بما فى ذلك العالم الإسلامى، خالية من شلل الأطفال، لا تزال الدول الثلاث الموطونة بشلل الأطفال من الدول ذات الأغلبية المسلمة: باكستان ونيجيريا وأفغانستان.

وأعرب علماء الإسلام عن الانزعاج من أن عدم تطعيم الأطفال وحمايتهم فى أجزاء من هذه البلدان يهدد بقية العالم الإسلامي.حيث تسبب فيروس شلل الأطفال المنتقل من باكستان ونيجيريا فى تفشى المرض المصيب بالشلل فى سورية والصومال على التوالى، وكان هذان البلدان الأخيران قد شهدا انهيار البنى التحتية الصحية أثناء حالتى الصراع فيهما، مما ترك أطفالا فيهما بلا تطعيم وجعل التصدى لهذا التفشى تحديا بالغ الصعوبة.

وأعلن العلماء عن تشكيل لجنة خاصة لدعم جهود اللجنة التنفيذية لتفعيل توصيات البيان الختامى.



أكثر...