أسعد العزوني… على مدى يومين إنقضيا بإستمتاع مدهش “الإثنين والثلاثاء”، جسد منتدى الفكر العربي، الذي له من إسمه كل النصيب، وأسسه ويرعاه سمو الأمير المفكر /المفكر الأمير الحسن بن طلال ،عشنا أجواء ليبيا الجديدة الخالية من القذافي ،ومجريات الأمور فيها ،وكأننا نعيش على أرض الواقع ،ونرقب الأمور فيها عن قرب لحظة بلحظة، بفضل باقة من المفكرين والأدباء الليبيين من الجنسين، ولا انكر ان لسان كافة الشخصيات الأردنية التي شاركت في إغناء الملتقى ،شعروا بالدهشة لأنهم شاهدوا إنتاجا ليبيا ،غير الذي إعتدنا عليه ،إبان الحقبة المسمومة الماضية التي إستهلكت من عمر ليبيا 42 عاما. لقد أتحفنا الفريق الليبي بحديث العقل وأعطونا صورة للواقع بدون رتوش، وأهدونا مخزونهم العاطفي المكنون في صدورهم من حب للأردن وفلسطين ،وتبين لنا من خلال البحوث التي نوقشت أن هناك أردنيين كانت لهم صلة بأحداث ليبيا إبان الإستعمار الإيطالي وانهم أسهموا مع إخوتهم الليبيين في التحري وتحقيق النصر ،كما تغنى الشاعر الليبي الكبير د.عبد المولى البغدادي بالأردن وعرج على البتراء مادحا المعجزة ورم وضانا ،كما أبدت الشاعرة خديجة البسيكري عظيم إبتهاجها وحبها للأردن ، وبدوره سرح الشاعر الأردني عيد النسور بحب ليبيا وما يختزنه من عواطف تجاه “ليبيانا”. ولا انسى د.جمعة عتيقة الذي أبدع ،وقد عرفنا أخاه د. علي عتيقة الذي يقيم بين ظهرانينا وصاهرنا، وكذلك خبير النزاعات محمد خليفة. جاءت هذه المناسبة الكريمة إبتهاجا وإحتفالا بالذكرى الثالثة لتطهير ليبيا من القذافي، وبمبادرة من السفارة الليبية في عمان، وإستجابة غير مشروطة من قبل الأمانة العامة لمنتدى الفكر العربي ممثلة بالعقل السوداني المنفتح د. الصادق الفقيه، وتمت تحت رعاية وزيرة الثقافة د.لانا مامكغ التي أثبتت حضورا بهيا من خلال كلمتها المبهجة ،وكان ضيف الشرف د. ثابت الطاهر. الصورة الأولى التي إلتقطتها كاميرا الواقع ،هي أن بالإمكان خلق نسق آخر من العلاقات العربية –العربية، نسق يكون بديلا نافعا لما شهدناه من حروب إعلامية حقيرة لوثت الأثير ،وخلقت العداوات البغضاء بين الشعوب العربية، ودفعنا أثمانا باهظة لتلك المغامرات المحسوبة بدقة من قبل مرتكبيها. تبين لنا خلال هذين اليومين ،أن الأمل موجود إن خلصت النوايا ،لخلق واقع عربي جديد ،يتسم اولا بالإنفتاح على نفسه ويلملم جراحه المتناثرة والمحتقنة هنا وهناك، فملتقى الأيام الليبية الثقافية نجح أيما نجاح، وبكل المقاييس ، ولم يكن هناك فرق بين الأردنيين المشاركين او الليبيين الذين يزورون بلدهم الثاني الأردن ،أي فرق سوى باللهجة التي لا يعول عليها اصلا.

أكثر...