وصفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الأزمة الأوكرانية بأنها تمثل اختبارا جديدا لإدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما، لاستخدام الدبلوماسية بدلا من اللجوء للحل العسكرى.

واستهلت الصحيفة بتعليق لها أوردته على نسختها الإلكترونية الليلة بالإشارة إلى أنه مع تحول الربيع العربى الذى عقدت عليه الآمال يوما إلى حروب أهلية وانقلابات، ومع تصعيد الصين مزاعم ملكيتها لجزر متنازع عليها فى شرق آسيا، أصاب الحلفاء فى أوروبا وفى الخليج العربى حالة من القلق بشأن سياسة الرئيس أوباما المتضاربة، موضحة أنه فى خضم كل هذه المشاكل ظهرت القضية الأوكرانية لتشكل اختبارا جديدا للدبلوماسية الأمريكية.

وأردفت الصحيفة تقول إن الرئيس الذى قال للأمريكيين علنا "إن مد الحرب يتراجع" قالها واضحة أيضا لقادة العالم بما فى ذلك الانتهازيون فى روسيا أنه ليس لديه رغبة فى حرب جديدة، وأن هذه الورقة حرقت ولن تكون ذات جدوى إن أراد استخدامها، ونسبت الصحيفة إلى أندرو سى.كوشينز الذى يرأس برنامج روسيا وأورآسيا فى مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية "إذا نزعت خيارا من على الطاولة.. فماذا تبقى لك؟.. لا أظن أن أوباما وشعبه يفهمون حقا كيف يرى الآخرون فى العالم سياساته".

ومضت الصحيفة تقول إنه نادر ما تم تجاهل تحذير لرئيس أمريكى بهذه السرعة وبشكل كامل مثلما حدث ليل الجمعة الماضى مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، حيث إن أوباما خرج فى مساء الجمعة بتحذير لبوتين قال فيه حرفيا "إنه سيكون هناك ثمن لأى تدخل عسكرى فى أوكرانيا"، وبعد ذلك بيوم واحد فقط أعلن البيت الأبيض أن أوباما اتصل ببوتين وعبر عن عميق قلقه بشأن انتهاك روسيا الواضح لسيادة أوكرانيا وأراضيها .

وأردفت الصحيفة تقول إنه فى غضون ساعات من اتصال أوباما ببوتين طلب الأخير من البرلمان الروسى التصديق على إرساله قوات إلى أوكرانيا، ضاربا بتحذيرات أوباما عرض الحائط، وقد جاءت الموافقة من البرلمان بالإجماع فى نفس اليوم، والآن أصبحت القوات الروسية تسيطر على الوضع بشكل كامل فى شبه جزيرة "القرم" الأوكرانية.

ولفتت الصحيفة أن هذا التجاهل الروسى سببه أن بوتين أدرك أن تنفيذ أوباما لتهديداته ستستغرق أعواما للمجرد البدء باتخاذ قرار بشأنها، نظرا لسجله الحافل بالتردد سواء على المستوى الداخلى أو الخارجى.

وأضافت أن سبب رفض أوباما التدخل العسكرى فى أى قضية- كما فعل فى الأزمة السورية عندما طالب نظام بشار بالتنحى- هو أن البنتاجون اعتمد بالفعل تقليل ميزانية الجيش إلى مستويات ما قبل عام 2001، فضلا عن أنه أى حديث فى الوسط الغربى عن أى حرب تسيطر عليه نقطتان الأولى هى أن البلد مرهقة بالفعل من الحروب، والثانية هى أن أطول حرب بعد هجوم الحادى عشر من سبتمبر 2011 لم يتبق على نهايتها سوى أقل من عام.

واختتمت الصحيفة تعليقها قائلة إنه على الرغم من تأكيدات أوباما الشهر الماضى، أنه لا ينبغى على روسيا اتخاذ الموقف الأوكرانى كبداية لحرب باردة جديدة بين أمريكا وروسيا، إلا أن بوتين بتدخله هذا الأسبوع فى القرم كان له رأى آخر، وهو أن الهدف الأسمى لسياساته الخارجية يتجسد فى عودة بلاده لسابق عهدها وإثبات وجود روسيا كقوة عن طريق اللجوء للحل العسكرى.



أكثر...